الهندسة والآليات > الاتصالات والشبكات

الجيل الثالث من الاتصالات الخليوية الجزء الأول: الوسائط المتعددة

استمع على ساوندكلاود 🎧

4. الجيل الثالث من الاتصالات الخلوية:

‎4.1. مقدمة: [1] [2]

تَعتمد أنظمة الجيل الثاني على المكالمات الصوتية بشكل أساسي، فعلى الرغم من دعم هذه الأنظمة لنقل الرسائل المكتوبة والبيانات إلا أنّ سرعةَ نقلِ البيانات فيها ظلّت بطيئةً بشكلٍ كبير، وقد دَفع نجاح شبكات الجيل الثاني للاتصالات الخليوية باتجاهِ دراسةِ إمكانيةِ تطويرِ نظامٍ عالميٍّ موحّد يفي بالشروط الفنية والتقنية اللازمة لتوفيرِ تطبيقاتٍ لا تَقتصرُ على خدماتِ الاتصالات الهاتفية التقليدية بل تتعدّاها لتَشمل خدمات أخرى تُحاكي في تنوّعها تلك التي تُتيحها شبكة الانترنت، كتطبيقاتِ الوسائط المتعددة على سبيل المثال والتي تحتاج زيادةً كبيرة في معدّلِ نقل البيانات وتحسينِ خدمة التجوال حتى تُصبح أكثرَ عالميّة مما يُتيح للمستخدم أن يبقى على اتصال في أي مكانٍ في العالم.

جرى تبنّي هذه الدراسات من قبلِ الاتحاد العالمي للاتصالات (ITU: International Telecommunications Union ) ضمن مشروعٍ أُنشئ خصّيصاً لذلك وأُطلق عليه اسم International Mobile Telecommunication 2000 (IMT-2000). وأَسفرت الجهود الرامية لوضع المواصفات الفنية لهذا النظام الشامل وتوحيد المعايير عالمياً، إلى استحداث هيئتين أساسيتين معنيتين بوضع المواصفات الفنية لنظم الاتصالات الخلوية:

‎• مشروع الهيئة التشاركية لتطوير الجيل الثالث للاتصالات (Third Generation Partnership Project-3GPP)

• مشروع الهيئة التشاركية الثانية لتطوير الجيل الثالث للاتصالات (Third Generation Partnership Project 2-3GPP2).

يَشمل "الجيل الثالث" بناءً على ذلك مجموعتين أساسيتين من الأنظمة:

‎• الأنظمة التي تشملها توصيات 3GPP: كنظام “UMTS” و “WCDMA” و “HSPA+” وغيرها من الأنظمة التي سنتناولها خلال هذه السلسلة.

‎• الأنظمة التي تشملها توصيات 3GPP2: وتتضمن نظاماً رئيسياً يُعرف باسم "CDMA2000" الذي يُمثّل تطويراً لنظام الجيل الثاني “CDMA-One” الأمريكي.

ويجدُر التنويه هنا إلى أن تأثير 3GPP2 أخذ يتضاءل بسبب توسّع انتشار أنظمة الجيل الرابع التي تعتمد خارطة التطوير المرسومة من قبل 3GPP.

قبل البدء في شرح أنظمة الجيل الثالث لا بد من توضيح بعض المصطلحات:

- المسار (الوصلة) الصاعد (UPLink): مصطلح شائع في المعايير الأوروبية، وهو المسار الذي تنَتقل فيه الإشارة من تجهيزة المستخدم أو الجهاز النقال (كالموبايل) User Equipment (UE) إلى المحطة الثابتة Base Station أو Node B. وسُمي هذا المسار بالصاعد لأنه عادةً ما تكون المحطات الثابتة في مناطق مرتفعة. وتسمى أيضاً وفق المعيار الأميركي بالوصلة الخلفية Reverse Link [3]، وهي موضحة في الشكل (1).

- المسار (الوصلة) الهابط (DownLink): مصطلح شائع في المعايير الأوروبية، وهو يمثل المسار الذي تنتقل فيه الإشارة من المحطة الثابتة إلى معدّات المستخدم وتُسمى أيضاً وفق المعيار الأميركي بالوصلة الأمامية Forward Link [3]، وهي موضحة في الشكل (1).

‎الشكل (1)

• عملية التسليم (Handover): عندما يقوم المستخدم بالانتقال من نطاق خلية مرتبطة بمحطة ثابتة إلى نطاقِ خليّة أخرى، فإما أن يجري قطع الاتصال مع المحطة الأولى وإعادة الاتصال بسرعة مع المحطة الثانية وهذا ما يسمى بالتسليم القاسي أو إجراء التسليم على نحو قطعي (Hard Handover)، أو أن يبقى المستخدم على اتصال ثنائي بالمحطتين حتى ينتقل إلى نطاق تغطية المحطة الثانية بشكل كامل فيُقطع الاتصال بالأولى، وهذا ما يُسمى بالتسليم الناعم أو إجراء التسليم على نحو تدريجي (Soft Handover).

4.2. أنظمة الجيل الثالث:

سنَستعرض قائمة بأهم هذه الأنظمة بدءاً من الأقدم للأحدث:

‏4.2.1. Universal Mobile Telecommunications System (UMTS):

يُعتبر النظام العالمي للاتصالات المتنقلة UMTS تطويراً لنظام الجيل الثاني GSM، ومن أهم التقنيات المستخدمة في هذا النظام:

4.2.1.1. UTRAN – UMTS Terrestrial Radio Access Network: [3]

شبكة النفاذ الراديوي الأرضي في النظام العالمي للاتصالات المتنقلة، تُعتبر هذه التقنية الأكثر أصالةً من بين بقيّة تقنيات هذا النظام، فهي ليست مجرد تطويرٍ لعتاد نظام GSM.

تتألّف شبكةُ النفاذ الراديوي الأرضي من وحدتين أساسيتين:

‎• وحدةُ التحكم بالمحطات الثابتة Radio Network Controller (RNC)،

• المحطة الثابتة (1) Node B.

تتلخّص وظيفة الوحدة الأولى RNC بالتحكم بالمحطات الثابتة المتصلة بها وإدارة موارد الشبكة الراديوية (كإجراء عملية التسليم Handover بنجاح عند انتقال المشترك أو المستخدم من نطاق جغرافي لمحطةٍ ثابتة إلى أخرى)، بالإضافة إلى بعضِ وظائفِ إدارة التجوال، كما أنها الوحدة التي تَجري فيها عمليّات التشفير وفك التشفير data encryption / decryption لبيانات المستخدم بهدف حمايتها من التنصت.

تَحوي الوحدة الثانية Node B على وحدة الإرسال/الاستقبال transceiver ضمن محطة القاعدة، وتَتضمّن المُرسل والمستقبِل المُستَخدمان للتواصل مع تجهيزة المستخدم (كالموبايل) User Equipment (UE) ضمن نطاق الخلية. تَتشارك هذه الوحدة أيضاً مع RNC القيام بوظائف إدارة الموارد resource management.

ولجعل عمليةِ التسليم فعالة، يتواصل المتحكم RNC مع المتحكمات المجاورة، كما يظهر في الشكل (2):

حيث:

‏- Core Network: الشبكة المركزية

‏- MS: اختصار للمحطة المتحركة Mobile Station وهي تُكافئ User Equipment-UE أي الجهاز الذي يتيح التواصل مع الشبكة كالموبايل.

تُستخدم تقنيتان لضمان نقل البيانات في كلا المسارين الصاعد والهابط بشكل متزامن:

‎• تدعى التقنية الأولى UTRA-FDD: FDD هو اختصار (Frequency Division Duplex) ازدواج اتجاه الاتصال بتقسيم التردد، ويعني أن عملية النقل بين المسار الصاعد والهابط تجري عند تردّداتٍ مختلفة خلال قناتين مختلفتين.

• أما التقنية الثانية فهي UTRA-TDD: TDD اختصار لـ (Time Division Duplex) ازدواج اتجاه الاتصال بتقسيم الزمن، حيث يتمُ استخدام التردد نفسه في عملية نقلِ البيانات بين المسار الصاعد والهابط وخلالَ قناةٍ واحدة ولكن عند فتراتٍ زمنيةٍ مختلفة.

4.2.2. WCDMA (Wideband Code Division Multiple Access): [4]

نظام CDMA (النفاذ المتعدد بتمييز متتاليات الترميز(2)) ذو النطاق العريض، يُعتبر هذا النظام أحد تقنيات النفاذ الراديوي المقترحة لنظام UMTS.

من أهم ميّزاته:

• ‎يَتم نقل البيانات عبر الرابط الراديوي باستخدام قناة بعرض مجال ترددي 5 MHz.

• ‎اعتماد تقنية CDMA: باستخدام تقنية تدعى النثر المباشر للطّيف(3) فإن هذه التقنية تُتيح الوصول المتعدد للمستخدمين أو تجهيزات المستخدمين (UEs) كالموبايلات وأجهزة التابلت أو أية وسيلة اتصال أخرى إلى المحطة الثابتة، حيث يكون لكل جهاز ترميزٌ خاصٌ به مما يسمح لجميع الأجهزة بالاتصال بالمحطة الثابتة عند نفس التردد . [4]

• إجراء عملية تسليم ناعمة (Soft Handover) موثوقة _ التي سبق وشرحناها في بداية المقال_، بالإضافة إلى زيادة أمن المستخدم من حيث تقليلِ إمكانيةً سرقة البيانات أو التنصت على المكالمات مقارنةً مع أنظمة الجيل الثاني. [5]

• بُنية الشبكة: تم تصميم الشبكة بحيث تسمح بانتقالٍ سلس لكل من الصوت وكتل البيانات.

• يمكن أن تصل سرعة نقل البيانات أو معدل النقل Data Rate إلى 2 Mbps (2048 kbps).

سنتوقف هنا لنتابع في المقال القادم "الجيل الثالث من الاتصالات الخليوية – الجزء الثاني" بقيّة أنظمة الجيل

ملحق:

(1) إن معظم المراجع العربية تترجم مصطلح RNC بوحدة التحكم بالمحطات الثابتة و Node B بالمحطة الثابتة وذلك نسبة إلى ما يقابل هذه المصطلحات في نظام GSM، أي Base Station Controller (BSC) و Base Station.

(2) الترجمة (بتقسيم الرمز) أكثر شيوعاً، ولكن الترجمة (بتمييز متتاليات الترميز) أكثر دقة، حيث أن كلمة تقسيم صالحة للاستخدام مع الموارد الفيزيائية المتاحة في النظام كالتردد والزمن، أما الرموز فهي عبارة عن متتالية من النبضات يتم توليدها بعدد كبير جداً من قبل خوارزمية رياضية معينة (أي أنها ليست مورد فيزيائي)، ثم يتم (تمييز) هذه النبضات كرموز مختلفة لكل مستخدم نشط.

الفكرة مشروحة في كتاب الدكتور هشام عردوكي "أسس ومبادئ النظم الخليوية". ويضيف هذه الكتاب أننا إذا أردنا استخدام كلمة "تقسيم" فمن الخطأ أن تتبع بكلمة "رمز" بل بكلمة "طاقة" أي "النفاذ المتعدد بتقسيم الطاقة" لأن المورد الفيزيائي التي يجري تقسيمه على المستخدمين في هذا النظام هو الطاقة وليس الرمز.

(3) النثر المباشِر للطيف Direct Sequence Spread Spectrum: تستخدم في هذه الطريقة رموز نشر مختلفة لكل إشارة، حيث يتم نشر الإشارة عند الإرسال باستخدام رمز ما ضمن نطاق ترددي معين، ثم يتم إعادة تشكيل البيانات في طرف الاستقبال باستخدام ترميز النشر نفسه. باستخدام هذه الطريقة يمكن استخدام التردد نفسه من قبل العديد من المستخدمين دون أي تداخل. [5]

المراجع:

[1] هنا

[2] هنا

[3] هنا

[4] هنا

[5] هنا