الهندسة والآليات > الاتصالات والشبكات

ما قبل الاتصالات الخليوية، الجهود والأجيال الأولى.

استمع على ساوندكلاود 🎧

الجهودُ الأولى والجيلُ صفر 0G "النظامُ ما قبلَ الخليوي" :

بدأتِ المحاولاتُ الأولى لِنقلِ إشارةٍ كهربائيةٍ لاسلكيًا في أواسطِ القرنِ التاسعَ عشرَ بِجهودِ عددٍ كبيرٍ من العلماء، وفي عام 1908م تمَّ منحُ براءةِ اختراعٍ في ولايةِ كنتاكي الأمريكية لِجهازٍ لاسلكيٍّ بِاسمِ ناثان ستوبليفيلد Nathan Stubblefield، وهي قصةٌ أثارتْ جدلًا طويلًا حولَ اعتبارِ ناثان المؤسسَ أو الأب الروحي لِلهاتفِ الخليوي أمْ أنَّ جهدَهُ جاء كجزءٍ من سلسلةٍ طويلةٍ لِجهودِ العلماءِ من قبله و من بعده [1-4]

يظهر فيي الصورة التالية: الجهاز الذي صممه ناثان، وكان يهدف من خلاله لإجراء مكالمة لاسلكية عبر المحيط الأطلسي، لكنه توقف عن المحاولة بعد فشلها مرات عدة.

وخلالَ ثلاثينياتِ القرنِ الماضي، ابتكرَ المهندسُ الأميركي الشهيرُ إدوين أرمسترونغ Edwin Howard Armstrong نظامَ التعديلِ الترددي (Frequency Modulation FM) مما أعطى المجالَ لِلبدءِ في تصميمِ أجهزةِ إرسالٍ ذاتِ أحجامٍ أصغر و ذاتِ طاقةٍ أقل، مما أتاحَ إمكانيةَ تركيبِ الجهازِ ضمن مركبةٍ متنقلةٍ. [5]

وتبين لنا الصورة التالية بداية ظهور الهواتف في السيارات: هاتف جوال محمول ضمن مركبة من إنتاج مختبرات بيل في الأربعينات في مدينة سان لويس الأميركية [6]

سُمِّيتْ هواتفُ ذلك الجيلِ بِاسم نظامِ الهاتفِ الراديوي المتنقل Mobile Radio Telephone system، كما وعُرفت لاحقاً باسمِ النظامِ ما قبلَ الخليوي pre cellular system. [7]

اِستُخدِمَ هذا النظامُ في المركباتِ من سياراتٍ وشاحناتٍ، وهو يتكونُ من قطعتين:

1- أداةُ المرسلِ/المستقبلِ: وهي أداةٌ يتمُّ تثبيتُها في صندوقِ المركبة.

2- أداةُ الرأسِ: وهي تتضمنُ لوحةَ مفاتيحٍ وشاشةَ عرضٍ (يمكنُ الاستغناء عنها في بعضِ الأنواع)، و تكونُ في مقصورةِ السائقِ.

وتتصلُ الأداتان مع بعضهما سلكياً. [7]

و مِمَّا يُميِّزُ هذا النظام:

1- الاتصالُ ذو الطبيعةِ التماثليةِ Analog

2- الاتصالُ يتم باتجاهٍ واحدٍ فقط half duplex communications مما يعني أنَّه لا يمكنُ لِلمتصلِين التحدثُ في نفسِ اللحظةِ، فبينما يكونُ أحدهم يتحدثُ يكون الآخر يستمع.

كما وقد تضمنَ هذا النظامُ استخدامَ مجموعةٍ من التقنيات كالتالي:

1- نظامُ الهواتفِ النقالةِ Mobile Telephone System (MTS).

2- نظامُ الهواتفِ النقالةِ المتقدم Advanced Mobile Telephone System (AMTS).

3- النظامُ النرويجي (Offentlig Landmobil Telefoni OLT) ويعني الهاتفَ الأرضيّ النقَّال العام Public Land Mobile Telephony.

4- نظامُ "اِضغطَ وتحدَّث" Push to Talk PTT

5- الخدمةُ المطوَّرةُ لِلهاتفِ الجوالِ Improved Mobile Telephone Service IMTS.

ولقد كانتْ أجهزةُ الهاتفِ المزوَّدَةِ بهذا النظامِ لها القدرةُ على الاتصالِ بشبكةِ الاتصالاتِ المحليةِ ضمنَ مدى 20 كيلومتر. فكلُّ مدينةٍ كانت تتضمنُ هوائيًّا مركزيًّا يعملُ بِقنواتِ إرسالٍ عددها 25 قناة، وبالتالي فإنَّ عددًا قليلًا من المشتركين وحدهم قادرين على الاتصالِ في نفسِ الوقتِ.

كما و أنَّه لا يمكنُ الانتقالُ من شبكةٍ محليةٍ إلى شبكةٍ أخرى أثناءَ الاتصالِ دونَ أن يتمَّ قطعُ ذلك الاتصال. لقد كانتِ المحدداتُ والقيودُ المفروضةُ على هذا الجيلِ من الاتصالاتِ كبيرةً ومعقدةً جدًا.

ومن أبرزِ ما كان يواجهُ تطويرَ الاتصالاتِ الخليويةِ في منتصفِ القرنِ الماضي، هو غيابُ معيارٍ عالميٍّ موحدٍ لِلبحثِ في هذا المجالِ. و يعودُ هذا لِأسبابٍ عدةٍ، وهذه بعضٌ منها:

1- عدمُ وجودِ قناعةٍ كافيةٍ بجدوى تطويرِ هذه التقنيةِ على المستوى العالمي.

2- امتلاكُ الدولِ والحكوماتِ أو الشركاتِ المقرَّبةِ منها صلاحيةً حصريةً لِلعملِ والبحثِ ضمنَ هذا المجالِ؛ لِدواعٍ قد تكون أمنيةً في كثيرٍ من الأحيان. [8]

لِذلك كانتِ الدراساتُ خلال فترةِ الأربعيناتِ إلى سبعيناتِ القرنِ الماضي تُركِّزُ بشكلٍ أساسيٍّ على تطويرِ أجهزةِ اتصالٍ خاصةٍ بمهنٍ وأعمالٍ معينةٍ؛ وذلك لِتسهيلِ التواصلِ ضمنها. ومن الأمثلةِ على هذه الأعمالِ: الصناعاتُ الثقيلةُ والموانئ، البناء والمشافي، سياراتُ الأجرة ، المجالُ العسكري.

فكان الجهازُ الذي يجري العملُ على تطويرِه أقربَ ما يكونُ لراديو ثنائي الاتجاه أو جهازِ walkie talkie (في لحظةٍ واحدةٍ أحدُ الطرفين يكونُ مرسلًا والآخرُ مستقبلًا). ويمكنُ تلخيصُ السلبياتِ التي عانتْ منها أنظمةُ هذا الجيلِ بالنقاطِ التالية: [8]

1- السعةُ المحدودةُ لِلاتصال تحولُ دونَ اعتمادِ التقنيةِ بشكلٍ تجاري. ويُقصدُ بالسعةِ هنا: عددُ الاتصالاتِ التي يمكنُ القيامُ بها في اللحظةِ ذاتِها.

2- عدمُ وجودِ حلولٍ تقنيةٍ عمليةٍ لِتغطيةِ مساحةٍ جغرافيةٍ واسعة.

3- الحجمُ الكبيرُ جداً والوزنُ الثقيلُ لِلهاتف.

4- الكلفةُ الباهظةُ لِلجهازِ والرسومِ المرافقة.

وتبين الصورة التالية بعض التقنيات والحلول المعتمدة ودولها التي قامت بتطويرها.

و مع بدايةِ السبعيناتِ زادتْ جهودُ الدولِ المتقدمةِ والشركاتِ مع إدراكِها لِلبعدِ التجاري وسعيها للربح، فبدأتْ تتجهُ نحو تطويرِ خدمةٍ تستهدفُ شريحةً أوسعَ من الزبائن، وسنلخص هنا أهمَّ ملامحَ هذه الفترةِ:

تمَّ تشغيلُ شبكةٍ في فنلندا عام 1971م وعُرِفتْ بِاسمِ Autoradiopuhelin وتَعني هاتفُ الراديو الخاصِ بِالسيارة، وكانتْ هذه شبكةٌ متاحةٌ لِلاستثمارِ، واستخدمتْ ثمانيةَ قنواتٍ لِلاتصالِ ضمنَ مجالٍ ترددي (147.9 – 154.875 MHz) واستطاعةِ إرسالٍ تتراوحُ ما بين 1-5 واط، مع تقنيةِ الإرسالِ half duplex حيثُ تتمُّ عمليةُ التبديلِ بين الإرسالِ والاستقبالِ يدويًا (تشبه آليةً عملِ جهازِ اللاسلكي). [7]

وتبين الصورة التالية أحد نماذج الهواتف المستخدم في هذه الشبكة والذي أطلق عليه اسم Autotel أو ما يُعرف باسم Public Automated Land Mobile PALM:

وهذه الصورة لموديل آخر لهاتف تم إنتاجه عام 1972.

و في نيسان من عامِ 1973م قامتْ شركةُ موتورولا بالإعلانِ عن تصميمِ أولِ هاتفٍ قابلٍ لِلحملِ دونَ الحاجةِ لِملحقاتٍ أو حقائب. حيث كان وزنُ الجهازِ أكثرَ بقليلٍ من كيلو غرام وسعره 4000 دولارٍ تقريبًا. [11]

والصورة التالية تظهر هاتف موتورولا الذي أجرى مارتن كووبر Martin Cooper بواسطته اتصالاً بشركة منافسة يعلمها أن موتورولا نجحت بتطوير الهاتف النقال.

وفي إطارِ السعي نحوَ تقويةِ استطاعةِ محطةِ القاعدة؛ لِجعلِ الإشارةِ المُرسَلةِ تصلُ لأبعدِ ما يمكن، كانتِ الشبكةُ التي تغطي مدينةَ نيويورك في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ في عام 1976م على سبيل المثال مكوَّنةً من محطةِ قاعدةٍ تبثُّ باستطاعةٍ عاليةٍ وتتضمنُ 12 قناةٍ فقط لتخديمِ 543 مشتركٍ، مِمَّا يجعلُ المشتركُ ينتظرُ فترةً طويلةً حتى يتمكنَ من إعدادِ الاتصال. [8]

و في عام 1979م، قامتِ اليابانُ بِالإعلانِ عن أولِ شبكةٍ خليويةٍ تجاريةٍ تغطي مساحةً جغرافيةً واسعةً، لِتكونَ من أوائلِ المعلنين عن بدايةِ عصرٍ جديدٍ في الاتصالاتٍ اللاسلكيةِ قبلَ أنْ تتوالى الإعلاناتُ في كلٍّ من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. [10، 12]

تابعونا في المقال القادم لنكمل قصة أجيال الاتصالات الخليوية، ومن اليابان سنتابع حديثنا عن الجيل الأول.

المراجع:

[1] هنا

[2] هنا

[3] هنا

[4] هنا

[5] هنا

[6] هنا

[7] هنا

[8] هنا

[9] هنا

[10] هنا

[11] هنا

[12]هنا