الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

الحمية المتوسطية وتأثيرها على أحد أنماط سرطان الثدي

استمع على ساوندكلاود 🎧

يوماً بعد يوم يزدادُ اهتمامُ الباحثين بالحميةِ المتوسطية وفوائدِها، ومعهُ يزدادُ عددُ الأبحاث التي تدرسُ تأثيرَ هذه الحمية على معدّلات الأمراضِ، وخاصةً تلكَ المزمنةِ والخطيرة. وكنا قد تطرّقنا في مقالاتٍ سابقةٍ إلى تعريفِ هذه الحمية هنا ودورِها في خفضِ خطرِ الإصابة بالآلزهايمر هنا وتأثيرِها على اضطرابِ قصورِ الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال ADHD هنا وعلى الذاكرةِ أيضاً هنا. أمّا مقالُنا اليوم، فسيتحدّثُ عن الحميةِ المتوسطيّةِ وعلاقتِها بخفضِ خطرِ الإصابة بسرطان الثدي.

فقد أظهرَت دراسةٌ مُموّلةٌ من قِبل برنامج تمويل الأبحاث السرطانية، أجراها باحثونَ من المركزِ الطبيّ بجامعةِ Maastricht في هولندا، ونُشرَت نتائجُها في مجلةِ International Journal of Cancer، أنّ الحميةَ المتوسطية قد تُساعد على خفضِ خطرِ الإصابة بأحد أنماطِ بسرطانِ الثدي بنسبةٍ تصلُ إلى 40 % لدى النساءِ في سنِّ اليأس.

قامَ الباحثون في بدايةِ هذه الدراسة التي دامَت 20 عاماً – والتي تضمّنَت أكثرَ من 60.000 امرأةٍ تراوحَت أعمارهُنّ بين الـ 55 والـ 69 – بجمعِ معلوماتٍ حولَ الأنظمةِ الغذائية، والنشاطِ الجسديّ، وبعضِ عواملِ الخطورةٍ الأخرى المتعلقةٌ بالسرطان لدى هؤلاءِ النساء، ثم قاموا بمقارنةِ الأنظمةِ الغذائيةِ لأكثرَ من 2000 امرأةٍ ممن أُصِبْنَ بسرطانِ الثدي مع مجموعةٍ مماثلةٍ أخرى من النساء اللاتي لم يُصَبْنَ به، وتوصّلوا إلى عدمِ وجودِ رابطٍ بين النظامِ الغذائيّ المتوسطي وخطورةِ الإصابة بالأنواع المختلفة من سرطان الثدي.

لكنّ الباحثينَ لم ينظروا إلى علاقة الغذاء بمجمل أنواع سرطان الثدي فحسب، بل قاموا بالتعامل مع كل نوع من أنواعه بشكلٍ منفرد، ولاحظوا أنّ احتمال الإصابةِ بنمطٍ معيّنٍ من سرطان الثدي "وهو سرطانُ الثدي سلبي مستقبِلات الإستروجين" قد انخفضَ لدى النساءِ ذواتِ النظامِ الغذائيّ القريبِ من النظامِ المتوسطيّ بنسبةِ 40%.

يتميّزُ هذا النمط من سرطان الثدي بوجودِ عددٍ ضئيلٍ من مستقبِلات الإستروجين في النسيجِ السرطانيّ، في حين يُدعى سرطانُ الثدي بإيجابيّ مستقبِلاتِ الإستروجين إن كانت أعدادُ هذه المستقبِلات كبيراً في النسيج المذكور. ويشكّل النمطُ الأخير (أي الإيجابي) من سرطان الثدي ما يُقارب الـ 70% من مجملِ الحالاتِ المُسجّلة، ويتّسمُ باستجابتِه الجيدةِ للعلاجِ بالهرمونات، ولكن الباحثين لم يتمكّنوا من إيجاد علاقةٍ تربطُه بالنظامِ الغذائي للنسا المُشاركات في الدراسة.

وعلى الرّغم من طولِ مدّةِ التجربة والعددِ الكبيرِ للمشارِكات، إلّا أن الباحثين واجهوا عقباتٍ جمّة في محاولةِ الفصلِ بين تأثيرِ النظام الغذائي وغيرِه من العوامل المتداخلة في نمط الحياةِ اليومي؛ كالتمارينِ الرياضية، والتدخين، ممّا زادَ صعوبةَ إرجاعِ الاختلافاتِ في نسبةِ الخطورة إلى الحميةِ المتوسطية تحديداً. ومع ذلك، فإنّ الحمية المتوسطية تُعرفُ بارتباطِها بالعديدِ من الفوائدِ الصحية، فالالتزامُ بنظامٍ غذائيٍ صحيٍ ومتوازنٍ يحتوي على الخضار، والفواكه، والحبوب الكاملة، والأسماك، مع القليلِ من اللحم الأحمر والأطعمة السكرية يتوافقُ مع الإرشاداتِ الغذائيةِ المُميِّزةِ للحميةِ الصحيةِ والمتوازنة. ويُعتقد أنّ هذا النظامَ الغذائي يُخفّضُ نسبةَ الإصابةِ بالسرطانِ لأنه غنيّ بالأليافِ ومضاداتِ الأكسدة كما يُساعد على المحافظةِ على وزنٍ صحيّ.

المصدر: هنا

الدراسة المرجعية:

Van den Brandt PA, Schulpen M. Mediterranean diet adherence and risk of postmenopausal breast cancer: results of a cohort study and meta-analysis. International Journal of Cancer. Published online March 5 2017. هنا