الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

هل تعاني من الاكتئاب؟ إذاً قد يكون اللبن وما يحتويه من بروبيوتيك علاجاً لك!

استمع على ساوندكلاود 🎧

يعتبرُ الاكتئاب مرضاً من أمراضِ العصر، ويصيب الكثيرينَ لأسبابٍ عديدةٍ وبدرجاتٍ مختلفةٍ تتدرج بين الحادة والمزمنة. وتتميزُ التغذية بعلاقةٍ وثيقةٍ مع الاكتئاب، وفي مقال اليوم نتطرّقُ إلى علاقةِ البروبيوتيك Probiotic الموجودةِ في اللبن (الزبادي) مع هذهِ الحالة النفسية.

كنّا قد تحدثنا سابقاً عن البروبيوتيك ومصادرِها وفوائدِها هنا واليوم، وجدَ الباحثون في دراسةٍ جديدةٍ تراجعاً في أعراضِ الاكتئاب عندَ الفئران بعدَ تغذيتها بأحدِ أنواعِ البروبيوتيك، وهو جراثيم العصيات اللبينة "اللاكتوباسيلوس" Lactobacillus الموجودةِ في اللبن. كما اكتشفوا آليةً محددةً لكيفية تأثير هذه الجراثيم في المزاجِ وتوفير صلةٍ مباشرةٍ بين الصحةِ النفسية والسلوكية وصحةِ مايكروبيوم الأمعاء Gut microbiome (وهو النبت المعوي المُؤلّف من مجموع الجراثيمِ المتعايشةِ داخل أمعاءِ الكائن الحي). واستناداً إلى النتائجِ التي توصّلوا إليها، فقد تفاءل الفريق بتوصّلِهم إلى اكتشافٍ قد يكون مفيداً جداً للمرضى الذين يعانونَ من الاكتئاب.

يتميزُ هذا الاكتشافُ ببعدِه عن العقاقيرِ المعقدة وآثارِها الجانبية، إذ يكفي أن يتم تعديل النظام الغذائي بما يتلاءم مع المايكروبيوم، الأمرُ الذي سيتعكسُ إيجاباً على الصحة والمزاجِ بآن معاً، خاصةً وأنّ الجراثيم المعوية معروفةٌ بتأثيرِها على مجملِ النواحي الصحية للإنسان، فضلاً عن الدورِ الهام لأي خللٍ يصيبُها في تدهور الحالةِ الصحية والإصابةِ بعددٍ من الأمراض المزمنة.

علاج الاكتئاب:

يُعدّ الاكتئابُ من أكثرِ حالاتِ الصحة النفسية شيوعاً، مع افتقارٍ كبيرٍ للعلاجاتِ الناجعة فضلاً عن الآثار الجانبية الخطيرة. وعندما تشعر بالقلق، فإن فرصتك في الاكتئاب تزيد، والسؤال هنا هو، هل للميكروبات في أمعائنا تأثيرٌ في الاكتئاب؟

يبدو أن الإجابة نعم؛ فبالنظر إلى تكوين ميكروبيوم الأمعاء قبل وبعد تعرض الفئران للإجهاد، وجد فريق Gaultier أن التغيير الرئيسي الذي حدث كان فقدان اللاكتوبسيلوس (العصيات اللبينة).

و مع فقدان اللاكتوبسيلوس بدأت أعراض الاكتئاب بالظهور؛ وأسفرت تغذية الفئران باللاكتوبسيلوس مع الطعام إلى عودتهم لحالتهم شبه الطبيعية.

ويقول Gaultier أنَّ سلالةً واحدةً من اللاكتوبسيلوس قادرةٌ على التأثير في المزاج. كما حاول هو وفريقه تحديد الآلية التي تؤثر بها اللاكتوبسيلوس على الاكتئاب، فوجدوا أن كمية اللاكتوبسيلوس في القناة الهضمية تؤثر على مستوى أحد عوامل الأيض (الاستقلاب) في الدم يدعى الكينورينين kynurenine، والذي ثبت أنه محركٌ ومسببٌ الاكتئاب. وعندما تضاءل وانخفض مستوى اللاكتوبسيلوس في الأمعاء، ارتفعت مستويات الكينورينين وظهرت أعراض الاكتئاب.

التطبيق على البشر:

كان Gaultier حذراً في الادعاء أن الأعراض التي تظهر عند الفئران هي "سلوكٌ شبيهٌ بالاكتئاب" أو "سلوك يأس"، حيث أن الفئران لا تمتلك وسيلةً للتواصل كي يعبروا عن إحساسهم بالاكتئاب. ولكن هذه الأعراض مقبولةٌ على نطاقٍ واسعٍ باعتبارها أفضل نموذجٍ متاحٍ للنظر في الاكتئاب عند الكائنات الأخرى.

واستناداً إلى النتائج الجديدة، فقد عزم Gaultier البدء في دراسة هذه التأثيرات على البشر في أقرب وقتٍ ممكن. حيث يخطط لدراسة تأثير اللاكتوبسيلوس على الاكتئاب لدى المرضى الذين يعانون من التصلب المتعدد multiple sclerosis، وبما أن نفس المواد البيولوجية والآلية التي تستخدمها اللاكتوبسيلوس للتأثير على المزاج عند الفئران تتواجد عند البشر، فمن المتوقع أن يكون لها نفس التأثير على البشر.

بالإضافة إلى النظر في آثارها على الناس، يواصل الباحثون عملهم لاكتشاف الدور المهم للكينورينين. فالكينورينين ينتج عن التهاباتٍ مرتبطةٍ بالاكتئاب، لكن السؤال الذي لا يزال قائماً هو: كيف يؤثر هذا المركب على الدماغ؟ وما هي العمليات والآليات التي يتبعها للتأثير؟

وعلى الرغم من أنه لا يوجد أي مشكلةٍ إذا تناول الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب لبن الزبادي، إلا أن الناس الذين يتلقون علاجاً للاكتئاب لا ينبغي أن يتوقفوا عن تناول أدويتهم دون استشارة الأطباء.

المصدر:

هنا

الدراسة المرجعية:

Ioana A. Marin، Jennifer E. Goertz، Tiantian Ren، Stephen S. Rich، Suna Onengut-Gumuscu، Emily Farber، Martin Wu، Christopher C. Overall، Jonathan Kipnis، Alban Gaultier. Microbiota alteration is associated with the development of stress-induced despair behavior. Scientific Reports، 2017; 7: 43859 DOI: هنا