البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

الخصية وجهاز المناعة | صلةْ جديدةٌ تُكتَشَف لأوَّل مرّة!

استمع على ساوندكلاود 🎧

لطالما ذكرت المراجعُ العلميةُ أنَّ الخِصى معزولةٌ عن الجهاز المناعي بواسطة حاجزٍ خلويٍّ، ولذا فعند تطوير العلماء للقاحات السرطانية كان يتمُّ تجاهلُ جزءٍ من المستضداتِ الموجودةِ في الخِصى، كما وتمَّ تجاهلُ علاقة أمراضِ المناعة الذاتيّة ببعض حالات العقم.

أما اليوم فقد ينبغي على العلماء الذين يقومون بتطويرِ لقاحاتِ السرطان أن يعيدوا النظر في أهدافِهم، فقد كشفَ بحثٌ أُجريَ في The University of Virginia School of Medicine عن وجودِ تفاعلٍ بين الجهاز المناعيِّ والخِصى، إذ أنَّ حاجزَ الخلايا الذي لطالما اعتُقِد بأنه يعزل الخصى عن الجهاز المناعي يحوي ما يمثِّل معبراً صغيراً في اتجاهٍ واحد.

يعني ذلك، بحسبِ الباحثين، أنَّ العديدَ من اللقاحاتِ تفشلُ بسبب اختيارِ الباحثين أهدافاً خاطئةً لا يعتبرُها الجهازُ المناعي أجساماً غريبة، وبالتالي لا يحرِّض ردَّ فعلٍ مناعياً.

أثناء إنتاجِ الحيوانات المنويَّة، يتمُّ إنتاجُ مستضدّاتٍ من قبل الخصى، وهذه المستضدّات تنقسمُ إلى قسمين، قسمٌ يعبرُ الحاجزَ وقسمٌ يبقى خلفَه، وهذا القسمُ لا يشكِّلُ هدفاً للقاحات السرطان، ولأنَّ الخِصى تحرِّر هذه المستضدات بشكلٍ طبيعيٍّ فإنَّ الجهازَ المناعيَّ يقوم بتجاهلِها وهو ردُّ الفعلِ الطبيعيُّ.

ويمكن لذلك أن يفسِّرَ أيضاً لماذا تفشلُ لقاحاتُ السرطانات، فهيَ تستهدف المستضدات، وطالما يعتمد مطوِّرو اللقاحات على المستضدات التي يتجاهلُها الجهازُ المناعيُّ، فإنها لن تعمل.

لحسن الحظّ، تمَّ معرفة ماهيّةِ مستضداتٍ تحرِّرُها الخلايا السرطانيةُّ للمريضِ، وعن طريقِ استهدافِ المستضدّات التي تَمَّت سَلسَلَتُها (والسَلسَلة بشكلٍ غيرِ دقيقٍ هنا هي معرفةُ بنيةِ المستضد)، والتي يجدرُ بالذّكرِ أنَّها مجهولةٌ بالنسبة للجهاز المناعيّ، يمكنُ للأطباء بشكلٍ كبيرٍ أن يزيدوا من حظوظ اللقاح بالنجاح.

ماذا يعني ذلك فيما يخصُّ معالجةَ العقم؟

قد تثبت هذه الاكتشافات أهميتَها بالنسبة لأيِّ زوجين يرغبان في الحصولِ على أولاد. إذ أنَّ ما يقاربُ 12% من الرجال الذين يعانون من العقم لديهم استجابةٌ مناعيَّةٌ ذاتيةٌ تجاه خلاياهم التكاثرية. وهذا يعني أنَّ جهازَهم المناعيَّ يهاجم حيواناتهم المنوية. فقد كشف الباحثون عن السبب المحتمل، حيثُ توجد مرحلةٌ أثناءَ تصنيع المني مسؤولةٌ عن تحديدِ كونِ مستضدّاتِ المني ستحفِّزُ ردَّ فعلٍ مناعي أم لا، ومن ثمَّ تقومُ الخلايا التائيَّةُ المنظَّمةُ (وهي جزءٌ من الخلايا البيضِ المسؤولةِ عن الجهاز المناعي في الجسم) بالمساعدةِ على التحكُّم باستجابةِ الجهازِ المناعيِّ للمستضدات غيرِ المحجوزة. لذلك ففي حالةِ الرجال الذين يعانونَ من العقم بسبب اضطراب مناعةٍ ذاتيّة، يحدثُ خطأٌ خلالَ هذه العمليّة، مما يقودُ الجهازَ المناعيَّ للهجومِ عندما لا ينبغي له ذلك، ومع هذه المعرفة قد يكونُ بإمكانِ الأطبّاء تطويرُ علاجاتٍ جديدةٍ لاضطرابات المناعة الذاتية والعقم الناتج عنها.

أكثرُ من ذلك، فهذه الأبحاثُ تقودُ لإعادةِ تقييمِ بعضِ الأفكار المتعلقة بالجهاز المناعي.

أخيراً، فإنَّ اكتشافَ العلاقةِ المناعيَّة المجهولةِ سابقاً يأتي بعد أقلِّ من عامين من قيام باحثين من الجامعة نفسها بتعديلِ مراجعَ علميَّةٍ بعدَ اكتشافِ ارتباطِ الدماغِ بالجهاز المناعي، وهو ارتباطٌ اعتُقِدَ لفترةٍ طويلةٍ أنَّه غيرُ موجود. ذلك الاكتشاف يمكن أن يكونَ له تأثيراتٌ عميقةٌ في السعي للتغلبِ على أمراضٍ تتراوحُ من الزهايمر إلى التصلّب المتعدّد.

المصدر: هنا