الهندسة والآليات > الروبوتات

الكهرباءُ السّاكنةُ تحفظُ طاقةَ الـ RoboBees وتُطيلُ رحلتَها في الجوّ

استمع على ساوندكلاود 🎧

نشرتْ جامعةُ هارفارد مؤخّرًا مقالًا بيّنَ من خلالِه الباحثون في علمِ الرّوبوتات أنَّه أصبحَ بإمكانِ روبوتاتِهم الطّائرةِ الصّغيرةِ المُلقّبةِ باسمِ "RoboBees" أن تحطَّ على أيِّ سطحٍ في أثناءِ رحلتِها لكي تحافظَ على الطّاقةِ المخزّنةِ فتصبح شبيهةً بالكائناتِ الحيّةِ الطّائرةِ كالخفافيش والطّيور أو الفراشات.

قامَ بالأبحاثِ موريتس جراولي "Moritz Graule" وهو طالبٌ في قسمِ العلومِ الهندسيّةِ والتّطبيقيّةِ في جامعةِ هارفارد. يقول جراولي إنَّ معظمَ التّطبيقاتِ للرّوبوتات الطّائرةِ الصّغيرةِ تتطلّبُ منها وقتًا إضافيًّا للبقاء في الجوّ، فتكمنُ المشكلةُ هنا في أنَّ هذه الرّوبوتاتِ تستنزفُ الطّاقةَ سريعًا وهذا ما يعيقُ جميعَ المحاولاتِ في إبقائِها فتراتٍ أطولَ في الجوّ مع استهلاكِ كمّيّاتٍ أقلَّ من الطّاقة.

من الملفتِ للنّظرِ أنَّ المُلهِمَ الأساسيَّ للبحثِ اُستوحِيَ منَ الطّبيعةِ والعلومِ البسيطةِ، كما أشارَ الدّكتور كيفن ما "Kevin Ma" من جامعةِ هارفارد، فالعديدُ من الكائناتِ في أثناءِ طيرانِها في الجوِّ تحطُّ على الجدارِ أو على أيِّ سطحٍ آخرَ للحفاظِ على طاقتِها، لكنَّ الأساليبَ التي تستخدمُها كالالتصاقِ (بالسّطوحِ التي تحطُّ عليها) بواسطةِ موادٍّ لزجةٍ أو المخالب هي طرقٌ غيرُ ملائمةٍ للرّوبوتات ذوات الحجمِ الصّغيرِ، كما أنَّها تتطلّبُ أنظمةً معقّدةً للأجزاءِ المتحرّكةِ وقوّةً عاليةً للانفصالِ عنها.

لذلكَ لجأَ الباحثون إلى الالتصاقِ الذي تُسبّبُه الكهرباءُ السّاكنةُ، وهو ما نراهُ عندما يلتصقُ بالونٌ ما بالحائط مثلًا، فعندَ فركِ البالون بقطعةٍ من الصّوفِ تنتقلُ إليهِ مجموعةٌ من الإلكترونات ويصبحُ مشحونًا بشحنةٍ سالبةٍ، وعندَ تقريبِه من الحائطِ فإنَّ إلكتروناتِه السّالبةَ تتنافرُ مع مثيلاتِها الموجودةِ في البالون وتجبرُها على الابتعادِ تاركةً مكانَها ثقوبًا موجبةً وهذا ما يؤدّي إلى تجاذبٍ بينَ ثقوبِ الجدارِ الموجبةِ وإلكتروناتِ البالونِ السّالبةِ ممّا يدفعُ البالونَ إلى الالتصاقِ بالجدار. ولكن تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ هذه الشّحناتِ ستتبدّدُ مع مرورِ الوقتِ وبالنّتيجة سيقعُ البالونُ كما أضافَ موريتس جراولي. لكن في نظامِنا لا بُدَّ من توفيرِ طاقةٍ إضافيّةٍ صغيرةٍ لإبقاءِ التّجاذب.

فأمّا عن آليّة إطلاقِ "RoboBees" التي تزنُ حوالي 100 ملغ، فتحدثُ باستخدامِ تقنيّاتٍ خاصّةٍ بوجودِ قطعةٍ صغيرةٍ من الإلكترود وممتصّ للصّدمات، حيث يُقلعُ الرّوبوت الصّغير ويُحلّق في الجوِّ بشكلٍ طبيعيٍّ، وعندما يُزوَّد الرّوبوت بالطّاقة فإنَّه سيصبحُ مثلَ البالونِ أي سوفَ يُشحنُ بشحنةٍ سالبةٍ وينجذبُ إلى أيِّ سطحٍ ويلتصقُ بهِ سواء أزجاجًا كانَ أم خشبًا أم حتّى ورقةً وذلك بفعلِ الكهرباءِ السّاكنةِ. ولفصلِه عن ذلكَ السّطحِ يُفصَلُ مُزوّدُ الطّاقةِ بكلِّ سهولة.

من أكبر مزايا هذا النّظام أنّه لا يؤدّي إلى زعزعةِ الاستقرارِ في أثناءِ فصلِ الرّوبوت عن السّطح فلا يقضي على حياةِ الرّوبوتات وخاصّةً أنّها صغيرةٌ وحسّاسةٌ جدًّا، كما أنَّ الطّاقةَ اللازمةَ لهبوطِ الرّوبوت على السّطح أقلُّ ألفَ مرّةٍ من تلكَ اللازمةِ لطيرانِه وهذا يؤدّي إلى زيادةِ عمرِ الرّوبوت.

وأضافَ روبيرت وود أستاذُ "Charles River" لقسمِ العلومِ الهندسيّةِ والتّطبيقيّةِ وعضوُ الهيئةِ التّدريسيّةِ في معهدِ ويس والمشاركُ في هذه الدّراسةِ، أنّه عندَ صنعِ الرّوبوتاتِ بحجمِ الحشرات فإنَّ أبرزَ المُعوِّقاتِ المواجِهةِ هي كيفيّةُ جعلِها قليلةَ الاستهلاكِ للطّاقة وبسيطةً في الوقتِ نفسِه.

حتّى الآنَ تمكّنتْ الـ "RoboBees" من الهبوطِ على أسطحِ المنازلِ والشّرفاتِ فقط، ولكن يأملُ الباحثون مستقبلًا بتغييرِ التّصميمِ الميكانيكيِّ لتتمكّن من الهبوطِ على أيِّ سطحٍ. بلا شكّ فإنَّ ثمّةَ تحدّياتٍ كثيرةً أمامَ تحليقِها وهبوطِها ولكنَّ هذه النّتيجةَ التّجريبيّةَ تقدّمُ حلولًا متنوّعةً لكيفيّة إطالةِ عمرِ الرّوبوتات الصّغيرةِ دونَ استنزافِها الطّاقةَ بسرعة.

المصادر :

هنا