الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية

سلسلة المحليات البديلة للسكر– الأسبارتام ومرضى البيلة الفينيلية الكيتونية PKU

استمع على ساوندكلاود 🎧

يتميّزُ الأسبارتام Aspartame عن غيرِهِ من المحليات عاليةِ الشدة Intensive sweeteners بأنّهُ ببتيدٌ ثنائيّ Dipeptide، فهو يتألّف من حمضين أمينيين هما الأسبارتيك L-aspartic وإستر ميثيل الفينيل آلانين L-phenylalanine، وعليه فإنّهُ يمنح الجسم بعضَ الحريرات عند تناوله (4 كيلوكالوري/غرام)، ولكن حلاوَتَهُ الشديدة - والتي تعادل 200 مرة حلاوةَ السكر- تسمحُ باستخدام كميات ضئيلة جداً منه، مما يقلّل دورَهُ الفعليّ في مدخول الطاقة، وللمزيد حول المحليات البديلة للسكر يمكنكم الاطلاع على مقالنا السابق هنا.

تحتوي آلافُ المنتجات الغذائية على الأسبارتام كبديلٍ للسكر، بما في ذلك حبوبُ الفطور، والعلكة (اللّبان) الخاليةُ من السكر، والمشروباتُ الخفيفةُ منخفضةُ الحريرات (المخصّصة للحمية)، كما يُستخدمُ كبديلٍ عن سكرِ المائدة أيضاً.

تطبيقياً، يعتبرُ الأسبارتام ثابتاً ضمن مجالٍ واسعٍ من درجاتِ الحموضة pH ويُبدي أفضلَ ثباتيةٍ في الأوساط الحامضية الضعيفة والتي تتوافق مع معظمِ الأغذية (pH بين 3 و5)، ذوبانيّتُهُ (انحلاليته) ضعيفةٌ في الماء، ومعتدلةٌ في الكحول، ومعدومةٌ في الدهون والزيوت.

خلال الهضم، يتفكّكُ الأسبارتام بشكلٍ كاملٍ وسريعٍ إلى مكوناته الأساسية، والتي تشمل حمضَ الأسبارتيك Aspartic acid، والفينيل آلانين Phenylalanine، والميثانول Methanol. جميعُها تدخلُ الجسمَ في مساراتٍ استقلابيةٍ طبيعية، حتى أمكنَ القول أنّ وجود الأسبارتام غير المتفكك في مجرى الدم منعدمٌ تقريباً.

البيلة الفينيلية الكيتونية؛ وهل هناك داعٍ للقلق عند استخدام الأسبارتام؟

البيلة الفينيلية الكيتونية Phenylketonuria (PKU) هي أوّلُ مرضٍ خَلقيٍ ثبُتَ تأثيره على الوظائفِ العصبية لدى الإنسان. ينتجُ هذا المرض عن خللٍ في استقلابِ الحمض الأميني فينيل آلانين Phenylalnine وتحويلِهِ إلى حمض التايروزين Tyrosine، وذلك إما بسببِ عوزٍ في إنزيم Phenylalanine hydroxylase أو في العاملِ المساعدِ BH4. ويعزى كلاهُما إلى خللٍ في المورثات.

يُعالَج هذا المرض باتباعِ الحمية الغذائية المناسبة والابتعاد عن مصادرِ الفينيل آلانين، علماً أنه يسبب تدهوراً عقلياً غيرَ قابلٍ للعكس لدى الأطفالِ المصابين في حال لم يتمّ الكشفُ عنه والتصرّفُ بشأنِهِ في الوقت المناسب. كما أكّدت لجنةٌ تابعةٌ للهيئةِ الأوروبيةِ لسلامة الأغذية European Food Safety Authority (EFSA) على ضرورةِ تحكم الأمهات اللاتي يعانين من PKU بمدخولِ الفينيل آلانين في حميتهنّ الغذائية خلال الحمل بشكلٍ صارمٍ، لأن إهمال ذلك قد يتسبب بولادة أطفالٍ يعانون من الأمراض القلبية، أو صِغَر حجم الرأس Microcephalus، أو اعتلالٍ في الوظائفِ العصبية Impaired neurological function.

وبناءً على ما ذكر آنفاً حول نواتج استقلاب الأسبارتام في الجسم، وربطاً مع وجوب استبعادِ مرضى PKU لجميع مصادر الفينيل آلانين في حميتهم الغذائية، فإن الأسبارتام يحجزُ لنفسه مكاناً في قائمةِ المواد الممنوعة على هؤلاء المرضى. وقد نصت التشريعات المختلفة على وجوبِ توضيحِ احتواءِ المواد الغذائية على بدائلِ السكر المصنوعةِ من الأسبارتام، أو مزيجِ الأسبارتام وأسيسولفام البوتاسيوم Acesulfame K، كما أجبرت المصنّعين على وضعِ عبارة "يحتوي على مصدرٍ للفينيل آلانين Contains a source of phenylalanine" على العبوة حرصاً على سلامة المصابين بـPKU. وعليه فإنّ الكمية المسموحة يومياً ADI (والتي تبلغ 40 ملغ/كغ وزن جسم) لا تنطبقُ على هؤلاء الأفرادِ بأي شكلٍ من الأشكال.

وحولَ سلامة الأسبارتام للاستهلاك البشري، يُذكر أنه كان محط جدلٍ واسعٍ منذ تمّت الموافقة عليه من قبل عدة دولٍ أوروبيةٍ في ثمانينيات القرن العشرين. وقد اقترح تقريرٌ صادرٌ في العام 1996 وجود صلةٍ بين الأسبارتام وزيادة عدد الحالات المشخّصة من الأورام الدماغية. إلا أن الدراسةَ المذكورة لم تعتمِد على الدلائل العلمية كما يجب، فجاءَت الدراسات اللاحقة لتثبت أنّ الأسبارتام كان في الواقع آمناً للاستخدامِ من قبل البشر.

ومن جهةٍ أخرى نشرَت مؤسسة رامازيني الأوروبية لعلوم السرطان والبيئة European Ramazzini Foundation of Oncology and Environmental Sciences عدة دراساتٍ طويلةٍ على فئران التجاربِ تربط استهلاك الأسبارتام مع تزايدِ الإصابة بالسرطان وخاصة سرطانِ الجهاز اللمفاوي Lymphomas وابيضاض الدم (سرطان الدم) Leukaemia.

ثمّ قامَ المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة US National Cancer Institute، على إِثر الدراسات السابقة، بإجراءِ دراسةٍ شملت نصفَ مليونِ شخصٍ، أُجريت خلالها مقارنةً بين من يستهلكون المشروباتِ الحاويةَ على الأسبارتام ومن لا يستهلكونها. وبحسب النتائج التي نُشرت في عام 2006، لم يتسبّب الأسبارتام بأيّةِ زيادةٍ تذكر في كل من ابيضاضِ الدم (سرطان الدم)، أو سرطانِ الجهاز اللمفاوي، أو سرطانِ الدماغ.

ومع ذلك، ووسطَ القلق المستمر، قامت EFSA حديثاً بإجراء مراجعةٍ شاملةٍ للأدلة في العام 2013 Comprehensive review of the evidence وخلُصت إلى نتيجة مفادها أن الأسبارتام آمنٌ للاستهلاك البشري، بما في ذلك النساءُ الحواملُ والأطفال، وطبعاً باستثناء المصابين بـ PKU.

المصادر:

1-هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6. WARDLAW G.M.، SMITH A.M.، LINDEMAN A.K.، (2012) Contemporary Nutrition، A Functional Approach، 2nd ed. McGraw-Hill companies. USA. 795 pp.

7. WU G.، (2013) Amino Acids Biochemistry and Nutrition، CRC PRESS. USA. 482 pp.