الفيزياء والفلك > علم الفلك

الكوكب GJ1138b يمتلِكُ غلافًا جويًا

استمع على ساوندكلاود 🎧

اكتشفَ الفلكيون في عامِ 2015، كوكبًا خارجيًا مثيرًا للاهتِمام، يقعُ في منظومةٍ نجميّةٍ تبعُد نحوَ 39 سنةٍ ضوئيّةٍ من الأرض. وعلى الرغمِ من دورانِ هذا الكوكب المعروفِ باسم GJ1138b بالقُربِ مِن نجمِهِ الأم، مثلما يدورُ كوكبُ الزهرةِ بالقُربِ من الشمسِ، إلا أنّ حرارتهُ تخوّلهُ ليحصُلَ على غلافٍ جويّ. لكِن ما هو حالُ غلافِهِ الجوّي؟ هل هو غلافٌ جويٌّ جاف أم رطِب؟ أسئلةٌ عديدة شغلت العُلماء منذُ اكتشافه.

أما الآن، وبِفضلِ جهودِ فريقٍ دوليِّ مِنَ الباحثين، تمكّن العُلماء من تأكيدِ وجودِ غلافٍ جويٍّ يُحيطُ بالكوكب GJ1138b. بالإضافَةِ إلى حسمِ النقاش حول طبيعةِ هذا الكوكب، والإعلان للمرّةِ الأولى عن اكتشافِ كوكب بحجمِ أرضٍ هائلة* Super-Earth منخفض الكتلة يحيطُ بهِ غلافٌ جويّ. وبهذا يُصبِحُ الكوكب GJ1138b، أبعدَ كوكبٍ يمتلِكُ غلافًا جويًا شبيهًا بالغلافِ الجويّ الأرضي.

قادَ فريقُ البحث جون ساوثورث John Southworth من جامعةِ كيل Keele University، ولويجي مانسيني Luigi Mancini من جامعةِ روما تور فيرغاتا Rome Tor Vergata، وتضمّنَ الفريقُ أعضاءً مِن مَعهدِ ماكس بلانك لعلمِ الفلك (MPIA) والمعهد الوطني للفيزياء الفلكية (INAF) وجامعة كامبريدج وجامعة ستوكهولم. وقد ظهرت دراستُهم مؤخرًا بعنوانِ "تحرّي الغلاف الجويّ للكوكبِ الخارجي GJ1138b الّذي تبلغُ كتلته 1.6 كتلة الأرض"، في مجلةِ الفيزياء الفلكية Astrophysical Journal.

رابط الدراسة هنا

يدورُ الكوكب GJ1138b حولَ نجمه الأم بشكلٍ منتظمٍ، وعند مرورهِ من أمامِ النجمِ يؤدي ذلك إلى حجبِ سطوعهِ بشكلٍ طفيفٍ، تُسمّى هذه الظاهرة باسم "العبور". راقَبَ العُلماءُ النجمَ الأم بحثًاً عن أيّ انخفاضٍ في سُطوعِه لمعرِفة اللحظة الّتي يمرُّ فيها من أمام نجمهِ الأم حتّى يتمكّنوا من رؤيتهِ بشكلٍ أوضح وبالتالي دراستهِ و التعرّف عليه. وباستخدامِ أداةَ التصوير GROND المثبتة على تلسكوب ESO في مرصد La Silla (تشيلي)، رصدَ الفريقُ الكوكب GJ1138b وهو يمرُّ أمامَ نجمهِ الأم باستخدام أطوالٍ موجيّةٍ مُختلفة. وبالنّظرِ إلى الفترةِ الّتي يستغرقُها هذا الكوكب للدورانِ حولَ نجمه (1.6 يوم)، فإنّ عبوره من أمامِ نجمه يتكرّر خلال فترةٍ زمنيّةٍ قصيرة، مما يتيحُ للباحثين فُرصًا عديدةً لِرصدِهِ و دراستهِ.

وأوضحَ ساوثورث: "قمنا بقياس مدى خفوتِ النَجم في سبعِ أطوالٍ موجيّة مُختلِفة. في إحدى هذه الأطوال الموجيّة (تحت الحمراء IR) بدا الكوكَب أكبرَ قليلاً. مما يدلُّ على أنّ الكوكب GJ1138b يمتلكُ غلافًا جويًا كبيرًا يُحيطُ به مما يَسمَحُ لِمُعظمِ ضوءِ النجم الأم بالمرورِ مِن خلاله، ولكنهُ غامض عندما نراهُ من خلال طولٍ موجيٍّ واحِد".

ثُمّ قامَ الباحثون بإجراءِ عدة عمليات مُحاكاةٍ حاسوبيّة لِتخمينِ تكوينِ هذا الغلافِ الجويّ. وفي نهايةِ المَطاف، خلصوا إلى أنّهُ مِن المُرجّح أن يكون غلافهُ الجويّ سميكًا وغنيًا بالماء و/أو الميثان، الأمر الّذي يَتناقَض مع النظرياتِ السابقةِ التّي تُشيرُ إلى أنّ الكوكبَ ذو غلافٍ جويّ رقيق وضئيل.

اكتشفَ عُلماءُ الفلكِ في السّابِق وجودَ أغلفةٍ جويّة حولَ العديدِ مِنَ الكواكِب الخارجيّةِ الأخرى، لكنَ تلك الكواكب كانت إمّا كواكب غازيّة عملاقة أو كواكِب أكبر بكثيرٍ من الأرض. أما في حالة الكوكب GJ1138b، فإنّها المرّة الأولى الّتي يتمُّ فيها تأكيدُ وجودِ غلافٍ جويّ حولَ كوكبٍ ليس أكبرُ بكثيرٍ مِنَ الأرضِ (من حيث الحجم والكتلة).

إنّ هذهِ النتائِج هي خطوةٌ هامّة باتجاهِ البِحثِ عن حياةٍ خارِجَ نِظامِنا الشمسيّ. وفي الوقتِ الراهن، يَسعى الفلكيون إلى تَحديدِ التركيبِ الكيميائي لغلافِ هذا الكوكَب من أجلِ معرفة مدى قابليتهِ للاستيطان. فإذا وجدوا اختلالاتٍ كيميائيّة مُحدّدة في هذا الغلافِ الجويّ، فإنّ هذا قد يعني وجودَ كائناتٍ حيّة على سطحِه.

ويعتقِدُ الفلكيون أنّ اكتِشاف كوكبٍ يَحمِلُ غلافًا جويًّا يدورُ حولَ نجمِ قزمٍ أحمر Red dwarf، هو أيضًا خَبرٌ جيّد في حدّ ذاتِه. فالأقزامُ الحمراء منخفضة الكتلة هي الأكثر شيوعًا في المجرّة، وتُشيرُ النتائِجُ مؤخرًا إلى أنها قد تكون أفضل فرصةٍ لنا للعثورِ على عوالِم صالحةٍ للسكن.

الهوامش

*الأرض الهائلة Super Earth: كوكبٍ تفوقُ كُتلتهُ كتلة الأرض ولكنها في الوقت ذاتهِ أصغر من كتلة الكواكب الجليديّة العملاقة

المصدر: هنا