الهندسة والآليات > منوعات هندسية

أقوى وأخفُ مادةٍ على الأرضِ إلى الآن

استمع على ساوندكلاود 🎧

لسنواتٍ عديدةٍ، كان العلماءُ على علمٍ بأنَّه حين يكونُ الكربونُ بترتيبٍ مُعينٍ يصبحُ ذو قوةٍ كبيرةٍ. كمثالٍ على ذلك، ألا وهو بكلّ تأكيدٍ صديقَنا الغرافين. الغرافين الذي كانَ وما زالَ المادّةََ الأقوى التي عرفَها الإنسان حتى الآن، وهو مصنوعٌ من صفيحةٍ رقيقةٍ للغايةِ من ذراتِ الكربونِ المرتّبةِ في بُعدَين اثنين.

لكن هناك عقبةٌ واحدةٌ: على الرغمِ من تميّزِهِ بسببِ سماكتهِ الرفيعة جداً، وخصائصِهِ الكهربائية الفريدة من نوعِها، إلا أنّهُ من الصعبِ جداً صنعُ موادَّ مفيدةٍ ثلاثيةِ الأبعادِ من الغرافين.

أما الآن، فقد اكتشفَ فريقٌ من الباحثين في معهدِ MIT أنَّ جمعَ رقائقَ صغيرةً من الغرافين ودمجَها ثمّ وضعَها كشبكةٍ، لا يُحافِظُ على قوةِ المادةِ فحسب، بل يُبقي الغرافين ببُنيةٍ مَساميةٍ أيضاً.

وبناءً على التجاربِ التي أُجريت على نماذجَ مطبوعةٍ ثلاثيةِ الأبعاد، أصرَّ العلماءُ على أنَّ هذه المادةَ الجديدةَ بهندستِهَا المُميزة، تُعتبرُ أقوى من الغرافين. وأيضاً أقوى من الفولاذِ بعشرةِ أضعافٍ في حال كانت بكثافةٍ قدرُها 5٪ فقط.

إنَّ اكتشافَ مادةٍ قويةٍ للغايةِ وخفيفةٍ على نحو استثنائي سيكونُ له بالتأكيدِ الكثيرُ من التطبيقاتِ.

كما أعلن فريق الـ MIT:

"تُظهِرُ النتائجُ الأخيرةُ أنَّ الجانبَ الحاسمَ للأشكالِ ثلاثيةِ الأبعادِ الجديدةِ، لديها المزيد لتُقدمَهُ بسببِ دخولِ علم الهندسةِ الرياضيّةِ، حيث برزت أهميةُ علم الهندسةِ الرياضيّةِ بشكلٍ غيرِ مألوفٍ لتصبحَ أكثر تأثيرا ًَمن نوعِ المادةِ بحدِ ذاته، مما يُشيرُ إلى إمكانيةِ صُنعِ موادَّ مُشابهةٍ من أنواعٍ أخرى تتميز بالصلابةِ وخفةِ الوزنِ في آن واحد عن طريقِ إنشاءِ شبكاتٍ هندسيةٍ مشابهة".

يقولُ Markus Buehler- رئيسُ قسمَ الهندسةِ المدنيّةِ والبيئيّةِ في معهد MIT وهو أيضاً الدكتورُ الجامعي للهندسةِ في McAfee- "يُمكنُكَ استخدامُ مادةِ الغرافينِ المعروفةِ أو استخدامُ الصيغةِ الهندسيةِ التي اكتشفناها على الموادّ الأخرى، مثلَ البوليمرات أو المعادن وأيضاً من الممكن استبدالُ المادةِ نفسِها بأيّ شيٍء آخر. فقد أصبحَ علمُ الهندسةِ الرياضيةِ هو العاملُ المهيمنُ. إنَّه شيءٌ يستطيعُ الانتقالَ إلى العديدِ من المجالاتِ الأخرى."

وبهذا يُمكنُ اتباعُ الطريقةَِ الهندسيةَ أيضاً في المشاريعِ الإنشائيةِ الضخمةِ كالجسورِ مثلاً، وذلك لضَمانِ متانةِ الهيكلِ وأمنهِ على حدّ سواء. فقد تصبحُ أعمالُ الإنشاءِ والبناءِ أكثرَ سهولةً، بالنظرِ الى طبيعةِ المادةِ المستخدمة، والتي ستكونُ الآن أخفَ بكثيرِ مما كانت عليه سابقاً. ويمكنُ أن تُستعمَلَ في أنظمةِ الترشيحِ أو الفلترةِ وذلك بالاستفادةِ من طبيعتِهَا المساميةِ.

يقولُ Huajian Gao- وهو دكتورٌ جامعيٌ بقسمِ الهندسةِ في جامعةِ Brown، والذي لم يكن مشاركاً في هذا العملِ- "يُظهِرُ هذا البحثِ اتجاهاً واعداً في دمجِ القوةِ للموادّ ثنائيةَ الأبعادِ وأيضاً القوةَ في التصميمِ المعماري المادي معاً".

وكما نَقَلَنَا السليكونُ من حياةٍ إلى أخرى، ربما سنشهدُ قفزةً نوعيةً بنكهةٍ أُخرى ثلاثيةَ الأبعادِ أو ثنائية، من الغرافين أو من غيرها. فالعديدُ من التطوراتِ المتسارعةِ تحصلُ هذه الأيامِ لكن الوصولَ إلى مثلِ هذا الاكتشاف يُعتبر نوعياً ضمنَ هذا المجالِ بسببِ ضخامةِ التطبيقاتِ المعنيةِ وإمكانيةَ استخدامِهِ بشكلٍ واسعٍ ومتنوعٍ.

المصادر :

هنا