الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

سر الحياة الطويلة

ربما تساءل كثيرون عن سبب طول حياة الإنسان مقارنةً مع بعض الحيوانات الأخرى مثل الكلاب والقطط، ولكن هل خطر ببال أحد أن أكسير الحياة عند الأنسان يكمن في أحدى أدق وأعقد العمليات التي تتم في جسمه!

تظهر الدراسات الحديثة أن الإنسان والرئيسيات الأخرى (مثل القردة والشمبانزي والليمور) تحرق يومياً سعرات حرارية أقل منها مقارنة بالثديات الأخرى بنسبة 50%. ولهذا السبب ربما يتميز الإنسان بالحياة الطويلة الأمد والبطيئة التقدم. تعيش معظم الثديات كالكلاب والحيوانات الأخرى حياة سريعة التقدم حيث تصبح بالغة في غضون أشهر قليلة، وبالمقارنة بين الإنسان والرئيسيات وبين باقي الثديات سوف نجد أن الإنسان والرئيسيات تعيش طفولة أطول وتتميز بفترات تكاثر متباعدة، عدا عن الحياة طويلة الأمد الأمر الذي جعل العلماء في حيرة من أمرهم حول الألية التي تكمن خلف هذا السر.

ولذلك قام فريق من الباحثين بالعمل على مجموعة من الرئيسيات في حدائق الحيوانات والمحميات و الطبيعة، وراقبو كمية استهلاك الطاقة في 17 نوع من تلك الحيوانات للتحقق مما إذا كانت عملية الأستقلاب هي السبب الكامن وراء تلك الحياة طويلة الأمد، أتبع العلماء في هذه التجربة تقنية قادرة على تتبع إنتاج الجسم لغاز ثاني أوكسيد الكربون، كما قامو أيضا بقياس عدد السعرات الحرارية المحروقة في مدة عشرة أيام عند تلك الرئيسيات، كما قاموا بمقارنة النتائج المستخلصة مع نتائج دراسات أخرى أجريت على الثديات من الفصائل الأخرى وكانت نتيجة المقارنة مفاجئة.

فقد وجد العلماء أن الأنسان والرئيسيات تستهلك ما يقارب نصف عدد السعرات الحرارية التي تستهلكها باقي الثديات في اليوم الواحد مما يعني أن الأنسان الطبيعي يحتاج أن يركض سباق ماراتون كل يوم فوق نشاطه المعتاد كي يصل الى معدل الحرق الطبيعي لدى تلك الثديات.

ولربما يفسر هذا الانخفاض في معدل الاستقلاب عند البدائيات السر الكامن وراء حياتها الطويلة وبطيئة التقدم حيث أن كل الكائنات الحية تحتاج الطاقة كي تنمو وتتكاثر وكمية أستهلاك تلك الطاقة تسهم بالتقدم في العمر، وهذا بالتالي يعني أن بطء النمو والتقدم في العمر يتناسب مع الاستهلاك القليل للطاقة مما يعطي الدور الكبير لعملية الأستقلاب من خلال عملية التطور في رسم تلك الحياة الطويلة والبطيئة لنا نحن البشر و أشباهنا الرئيسيات.

المصدر:

هنا