الطب > طب الأطفال

أملٌ جدیدٌ للقضاءِ على الفَيروس العَجَلِيّ (فیروس الروتا)

استمع على ساوندكلاود 🎧

الحلمُ بوجودِ عالمٍ لا یموتُ فیه الأطفالُ قد یكون من أجملِ الأحلامِ التي یمكن أن تراودَ مخیّلتَك .. ولكنْ یظلّ ذلك مجردَ حلُمٍ حتى الیوم، ولكن ماذا لو أخبرتُك بأننا قد اقتربنا خطوةً من تحقیقِ الحلُمِ؟؟، وإنّ البشریةَ تستشرفُ انتصاراً جدیداً على أحدِ الفیروساتِ القاتلةِ وهو الفَیروسُ العَجَليُّ، أو كما یُعرَف (فیروسُ الروتا rotavirus)، ویُعتبَر من أكبرِ المشاكلِ الصحیةِ وخصوصاً في الدولِ النامیةِ، حیث أنه من الأسبابِ الرئیسةِ للوفاةِ و العلاجِ في المستشفیاتِ نتیجةً للإسهالاتِ التي تصيبُ الأطفالَ دونَ الخامسةِ من العمر، ونَجدُ أنّ 85 % من حالاتِ الوفاةِ البالغةِ 200 ألفِ حالةٍ سنویاً تَحدثُ في أفریقیا وآسیا، ومن الملاحَظِ أن العقبةَ الأساسیةَ في مكافحةِ الفَیروسْ تتمثل في أنّ تحسینَ الصرفِ الصحّيِّ، ونظافةَ المیاهِ والنظافةَ الشخصیةَ غیرُ مُجدیةٍ في منعِ انتشارِ الفَیروس كما هو الحالُ مع النَّزْلاتِ المِعَویةِ جرثوميةِ (بكتيريةِ) المَنْشَأِ، وفي ذلك تَكمُنُ أهمیةُ تطبیقِ نظامِ تطعیمٍ فعّالٍ لمنعِ الوفاةِ والمضاعفاتِ الناتجةِ من الإسهالاتِ، التي یسبّبها الفیروس .

اللقاحاتُ المتوفرةُ حالیاً للفَیروس، والتي تنطبق علیها مواصفاتُ منظمةِ الصحةِ العالمیةِ هي Rotarix و RotaTeq، وتقوم الیونیسیف UNICEF بتوزیعِها حولَ العالم .وقد كان لها دورٌ رئیسٌ في تقلیلِ الوفَیَاتِ والمضاعفاتِ الناتجةِ من الفَیروس، لكنْ یَحدُّ من استخدامِ هذه اللقاحاتِ عدةُ مشاكلَ أهمُّها: القُصورُ في الإمدادات، التَّكلُفةُ العالیةُ، الحاجةُ للتبرید. مؤخراً في العام 2013 جرى تطویرُ لِقاحٍ جدیدٍ في الهند باسم ROTAVAC بتكلفةٍ أقلَّ، وتم تجریبُه في أربعةِ مناطقَ هندیةٍ، ویُنتظر الموافقةُ علیه من قِبلِ منظمةِ الصحةِ العالمیةِ حتى تتبنّاه الیونیسیف UNICEF. ورغم تقلیلِ التكلفةِ لكنه لم یَحُلَّ مشكلةَ الحاجةِ للتبرید.

حالیاً یجري تطویرُ لقاحٍ جدیدٍ أُطلق علیه اسمُ BRV-PV وهو لقاحٌ فمويٌّ ويقوم بإنتاجِه "معهدُ الأمصالِ في الهند" Serum Institute of India ، ویتمّ حالیاً تقییمُ استخدامِه في الظروفِ الاقتصادیةِ المتدنّیةِ في النیجر، وقد بلغت فعالیتُه 66.7 % وهي مساویةٌ لفعالیةِ اللقاحاتِ المرخَّصةِ في ظروفٍ مشابهة. ونجدُ أنه بالرغمِ من الفعالیةِ المتوسطةِ للقاحِ إلا أنّ استخدامَه سیكون مردودُه على الصحةِ العامةِ كبیراً جداً، حیث تشیر التوقعاتُ إلى أنّ اللقاحاتِ لفَیروس الروتا قد تَمنع 2.46 ملیونَ حالةِ وفاةٍ في الأطفالِ و83 ملیونَ حالةِ إعاقةٍ في الفترةِ ما بينَ عامِ 2011 و 2030 .

الأمرُ المثیرُ والممیِّزُ لهذا اللقاحِ الجدیدِ هو كَونُه ثابتاً حراریاً في درجاتِ حرارةٍ مرتفعةٍ، حیث یمكن حفظُه لمدةِ 24 شهراً كاملةً في 37 درجةً مئویةً، ولستةِ أشهرٍ في 40 درجةً مئویةً، وهذه المِیزةُ ربما تساهم فعلياً في إیصالِ اللقاحِ لمناطقَ نائیةٍ لا تتوفر فیها ظروفُ التبریدِ المثالیةُ لحفظِ اللقاحاتِ التقلیدیة. المشكلةُ الوحیدةُ في هذا اللقاحِ أنه یأتي مجفَّفاً بالتبریدِ، في حینِ أنّ العدیدَ من المُمارسین الصحّیین یفضّلون اللقاحَ السائلَ لسهولةِ استخدامِه .

نلاحظ أنّ العقودَ الثلاثةَ الماضیةَ شهدتْ تقدماً كبیراً في تقلیلِ الوفَیَاتِ نتیجةً للإسهالاتِ في الأطفالِ، ولكنّ تحقیقَ الهدفِ بالقضاءِ علیها تماماً لا یتأتّى بدونِ مَسْلَكٍ واستراتيجيةٍ شاملةٍ للوقایةِ والعلاجِ، تتضمنُ توفیرَ لقاحِ فیروسِ الروتا لكلِّ طفلٍ أیّاً كانت حالتُه الاقتصادیةُ، وتأمينَ اللقاحاتِ قلیلةِ التكلفةِ، المناسبةِ للظروفِ المختلفةِ بكمیاتٍ كافیةٍ، هي المفتاحُ لتحقیقِ ذلك الهدف.

المصدر: هنا