علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

ستةُ أوهامٍ علينا ألا نخدع أنفسنَا بها

استمع على ساوندكلاود 🎧

كلُّنا نكذب على أنفسِنا في أُمورٍ معينة˸ سوف أُطفئ هاتفي الليلة في ساعةٍ مبكرة، لن أمضي وقتاً طويلاً في تصفح الفيسبوك، لقد أحبَّت أُمي الوشاح الذي اشتريتهُ لأجلها، سوف أخصص أربع ساعاتٍ يومياً للدراسة...

معظمُ هذه الأكاذيب تكون غيرُ مؤذيةٍ وفي بعض الأحيان مفيدة، حيث تقوم بالحدّ من الكثير من الصراعات التي تولّدها الحياة اليومية. ولكن ماذا عن الأكاذيب التي نتعلّق بها جداً، تلك الأكاذيب التي تؤثِّرُ على سلوكنا بطريقةٍ غير جيدة؟ نتحدَّث عن الأكاذيب التي تندمج بقوةٍ في ذاتنا العاطفية ونصبح غير قادرين على تمييزها كأكاذيب. نقوم باستخدامهم كثيراً لأنهم في _لحظةٍ ما_ يمدوننا بشعورٍ من الراحة، و لكن تأثيرهم البعيد المدى لن يكون جيداً.

إذا أردنا أن نقوم بتغييرٍ في حياتنا، يجب علينا أن نعرفَ كم نقوم بخداعِ أنفسنا. هل يمكنك التعرُّف على أحد هذه الاعتبارات الخاطئة؟

"عندما يحدث (أ)، سوف يحدث (ب) تلقائياً."

لقد كتبت عن (خرافة الوصول) هذه من قبل "إنَّ الفكرة الخاطئة أنَّه عندما نصلُ إلى نقطةِ نهايةٍ ما (تغير العمل، إيجاد شريك جديد، إنهاء برنامج تخرُّج. الحصول على ترقية)، تتوقف حياتنا بكل بساطة، و تصبح الأمور أسعد وأسهل. ولكن الحقيقة أنَّ عدم سعادتنا يمكن أن تكون مساهمةً في عدم التوقف عن العادات التي لا نحبها، بدلاً من أن تكون نتيجةً لها. حيث يمكن أنَّك تبقى في عملٍ أوفي علاقةٍ لا تحبهم لأنَّك محبطٌ لدرجة أنَّك لا تحاول أن تُغيِّر شيء. ربما لا تأكل بشكلٍ صحي و تقوم بالتمارين الرياضية هو بسبب أنَّك لم تعّدِل من جدولك أو عاداتك لتسمح لنفسك بالقيام بهذه الأمور. في هذه الحالات، أن تقول، "بمجردِ أن أُغير عملي... " أو، "بمجردِ أن أخسر بعض الوزن، سأكون أسعد،" لن يوصلِك لأي نتيجة. بدلاً من ذلك، لما لا تقول، لما لم يحدث (أ) بعد؟"

"يمكنني أن أقومَ بتغيرهم، حتى إذا لم يُريدوا أن يتغيروا."

إذا أردنا أن أنصنِّف اثني عشر سنة من رسائل النصائح لمواضيع كبيرة، سيكون واحدٌ منهم أسئلة: كيف أجعل شريكي أن...إنَّه لا يريدُ أن يلتزم، و لكن لابد من وجود شيءٍ يمكن أن أفعله حتى يتحقق هذا الأمر.

أو إنَّها لا تتوقفُ عن شرب الكحول، ولكن أحتاج فقط أن أتواصل معها بعمق.

كيف يمكنني أن أجعل والدة زوجتي ألطف معي؟

ماذا يمكنني أن أفعل لأجعل شريكي الأحمق في العمل أن يكفَّ من كونه أحمق؟

بالطبع، يمكن لسلوكنا أن يؤثِّرَ على الآخرين، و يمكننا أن نساعدَ الناسَ على أن يصبحوا أفضلَ ونشجِّعهم على معاملتنا بشكلٍ أفضل عن طريق تغيير طريقةِ تفاعُلنا معهم. ولكن عندما لا يريدُ الشخص أن يتغيّر أبداً، فنحن أمام نهايةٍ مسدودة. و سوفَ تُصاب بالإحباط إذا حاولتَ تغيير هؤلاء الأشخاص و الأمرُ لم ينجحْ بكلِّ بساطة.

"سوف أبدأ بداية جديدة يوم غد. و لكنّ اليوم لن أحاول."

هذا يجعل الأمرَ أكثرَ صعوبةً للخروج من المشكلة. هذا النوع من التفكير هو ما يُسمى بـ كل شيء أو لا شيء، حيث تُقنع نفسك أنك تحتاجُ لبدايةٍ جديدة ليومٍ جديد (أو سنةٍ جديدة!) لتحقيقِ تغييراتٍ إيجابية. ولكن لماذا؟ لما لا يكون التَغيير في الساعة 8˸56 مساءً مثله مثل التغيير في صباح غد؟ إذا أردت أن تُبقي بيتك مرتباً، توفِّر المال، تمارس التمارينَ الرياضية، تأكل طعامًا صحيِّا، أو تصبح ألطف مع الأشخاص الذين تُحبهم، فإنك تجعل للوصول لذلك الهدف أصعب من خلال عدم استثمار الفرصة التي أمامك، هنا تماماً، وفي هذه اللحظة. عندما تؤجل عملَ اليوم للغد، فيصبح الأمر عادةً يصعب التخلِّي عنها.

"لم يقصدوا..."

إنَّه العُذر الذي نقوله لأنفسنا من أجل شخصٍ نحبُّه، أو لأي شخصٍ نريد أن نبقى معه (أو كلاهما)، و نتخيَّل أن هناك أسبابٌ غير مؤذية للطريقة التي يتعاملون بها معنا. عندما يتصرف الشخص الذي نكون على علاقة معه بشكل غير مراعي، يمكن أن نتغاضى عن الموضوع و كأنه غيرُ مقصودٍ، و ربما يكون كذلك بالفعل. كلُّنا نفشل في بعض الأوقات، وأن تكون قادراً على مسامحة الشريك على الهفوات المفهومة هو جزءٌ مهم لعلاقةٍ صحيَّة.

ولكن ماذا لو كانت هذه الأعذار هي عبارة عن نمطٍ سلوكي، كالسيطرةِ على مجرى الحديث دائماً أو الاستهانةِ بنجاحاتنا أو السخرية من منظرنا؟ ماذا لو كنا نقول لأنفسنا دائماً (أو لأصدقائنا أو عائلتنا) أن هذا الشخص قد فُهم بشكلٍ خاطئ، و أنه ليس بالشخص القاسي، البغيض، العدواني، المتعصب كما يبدو.

في هذه الحالات يجب أن نسأل أنفسنا لمَ يكون سلوكُهم مختلفاً عن شخصياتهم، مرةً بعد الأخرى؟ إنَّ أفعالهم يمكن أن تكون نافذةً على شخصيتهم الحقيقية.

"سيكون لدي المزيد من وقت الفارغ عندما يحدث (أ)."

نحاول أن نتوسع بمهماتنا لكي نملي أوقات فراغنا. العديد من الناس يقومون بتقليل ساعات عملهم أو يتخلون عن نشاطٍ معين لأنهم يظنون أنهم سيحصلون على المزيد من الوقت بحيث لا يعلموا ما يفعلوا بأنفسهم، و يمكنهم بذلك تبنِّي أسلوب حياةٍ مريحٍ أكثر. يمكن لهذا الأمر أن يحدث و لكن نادراً. يتضمن عوضاً عن ذلك حمايةً واعيةً ومستمرةً لوقتك الفارغ. كأن تحصل على ترقيةٍ مالية وتبدأ بصرف النقود على المزيد من الطعام والملابس بدلاً من توفيرها للتقاعد، لدينا طريقة لقضاء وقتنا الفائض بطرق لا نتوقعها.

إنه يشبه ما يسمى بقانون باركنسون –الفكرة أن العملَ يتمدَّد إلى الوقت الذي خصصناه له بالكامل. إذا أردت المزيدَ من الوقت الفارغ، فقم بترتيب أولوياتك و ترتيب جدول أعمالك، الآن وفيما بعد، ودائماً.

"أحتاجُ فقط للمزيد من الإرادة."

نعم، ضبطُ النفس أمرٌ أساسي، والكثير من الأشخاص الناجحين يبدو أن لديهم الكثير منه. ولكن الكثير من الناس الآخرين قاموا بزيادة مستوى إنتاجهم وسعادتهم عن طريقِ تغييرِ بيئتهم ببساطة، الأمرُ الذي جعلهم يتبنّون العادات التي يرودونها بسهولةٍ أكثر. أتريد أن تتوقفَ عن استخدام بطاقة الائتمان بكثرة؟ جمِّدها –حرفياً – في قالب من الثلج.

أتريد أن تتوقفَ عن تفحُّص الفيسبوك عند إشارات التوقف؟ ألغِ التطبيق من هاتفك.

أتريد أن تكون عائلتُك أكثر تنظيماً؟ اجعل لأشياء المنزل أماكنَ أكثرَ سهولة لوضعها. لا تُصب بالإحباط بالتفكير أن تغيير أسلوب الحياة تتمحور بالإرادة فقط. كلما استطعت أن تستخدم ما يسميه أخصائي السلوك بـ مراقبة التحفيز –أن تجعل صفاتَ بيئتِك تشبهُ عاداتك- يجعل الأمرَ أسهلَ للوصول إلى أهدافك.

المصدر:

هنا