الهندسة والآليات > هندسة البترول والغاز

علمُ الموائعِ الدقيقةِ ومستقبلُ صناعةِ النفطِ والغاز

استمع على ساوندكلاود 🎧

تعتبرُ ظواهرُ النّقلِ المساميّ في الخزانات من الأمور المهمةِ والحاسمةِ في صناعة النفط والغاز، بالإضافةِ إلى أنّ دراسةَ نقلِ الموائع عبرَ مقاييسَ صغيرةٍ لها تاريخٌ طويلٌ سابقٌ لمفهوم الموائع الدقيقة (Microfluidics). ارتبطت هذه المفردة في الغالب بتِقانةِ الموائع الدقيقة المعتمدةِ على الرقائق، والتي برزت في عام 1990 استجابةً لتطبيقات الصحة وعلوم الحياة.

يدركُ العاملون في قطاع النفط والغاز أهميةَ هذه التِقانة وخاصةً أنّها تتطرقُ إلى قطاعاتٍ مختلفة. على سبيل المثال، حصلت شركةُ (Ondavia) التي أُسست عام 2009 على براءة اختراعٍ في أدواتِ الفصلِ والتحليل الذي تعتمد على الموائع الدقيقة في الصناعات الكيميائية. حيثُ يوجدُ فرصٌ كبيرةٌ للشركات الصناعيّة العملاقة ليس فقط لزيادةِ المردودِ المالي وإنّما أيضاً لتشجيعِ الأبحاثِ في المعاهد الأكاديمية. ويمكنُ للباحثين والمقاولين أن يتعاونوا في جعلِ تطبيقاتِ الموائع الدقيقة أكثرَ سهولة.

تعتبرُ الميزةُ الأساسيةُ المبدعةُ في الموائع الدقيقة هي التحليلُ السريعُ في علوم الحياة، والكمياتُ المنخفضةُ للكاشف الكيميائي المستخدم، بالإضافة إلى قلّة التكلفةِ والتحكمِ العالي في مختلف الظروف، وبشكلٍ خاصٍ فيما يتعلقُ بمقاييسِ الخلايا البيولوجية، وأخيراً زيادةُ إمكانية الفصل والإرسال المتعدد. معظمُ هذه المزايا يمكنُ تطبيقُها مباشرةً في صناعة النفط والغاز فوق الأرض وتحتها على حد سواء، كما هو موضح بالشكل الأول. بالإضافة إلى ذلك يمكن لرقاقاتِ الموائعِ الدقيقةِ المصنوعة من الزجاج والسيليكون أن تتحملَ ضغوطَ الخزانات بسهولة. وعلى سبيل المثال، بالمقارنة مع الخلايا التقليدية للضغط العالي / الحجم / الحرارة، يعتبرُ التعامل مع الضغوط ِالعالية أسهلَ مع الموائع الدقيقة بالإضافة إلى حجمها الصغير جداً.

يكمنُ التحدي الأكبرُ هنا في تسخير أدواتِ الموائعِ الدقيقة المميزة في زيادةِ المساهمةِ في قطاع الطاقة.

تحليل الموائع المتطور

تمتلكُ الموائعُ الصافيةُ خصائصَ مهمةً جداً كقطرة الندى ودرجةِ التبخيرِ واللزوجةِ والكثافة (جاذبية النفط API gravity). أما بالنسبة للموائع الممزوجةِ كثاني أوكسيد الكربون والنفط، يطلب مهندسو الخزانات من أجلِ تحسينِ عمليةِ النمذجة معرفةَ قابليةِ الذوبان والانتشارية وحدود الضغطِ الدنيا لقابلية الامتزاج

(( minimum miscibility pressure (MMP). ومن أجل تحسين قيمِ هذه البارامترات، تمّ تطويرُ أساليبَ الموائع الدقيقة في جامعة تورنتو. وأحد هذه الأمثلة، تطويرُ رقاقةِ الكشف عن (MMP) الموضحةِ بالشكل أدناه. فإذا ما قورنت بالأسلوب المُتّبَع حالياً والذي كان يستغرق عدةَ أيامٍ لفحصِ الضغط، أما رقاقة الـ(MMP) فهي أسرع بمقدار 50 مرة. بالإضافة إلى ذلك، تساعدُ الاستفادةُ من الاستشعاع الكامنِ في النفط من جعل عمليةِ اكتشاف الـ (MMP) في الموائع الدقيقة أن تتمّ آلياً بشكل كامل. وهو ما يمنعُ من الأخطاءِ البشرية التي لا يمكن تفاديها في مجال التخلصِ من الفقاعات الموجودة. وتعتبر رقاقة الـ (MMP) أحدثَ مثالٍ من الأمثلة العديدة في مجال الموائع الدقيقة والتي تقدّمُ مزايا أكثر من القياسات التقليدية.

الصورة 2 : حدودُ الضغطِ الدنيا لقابليةِ الامتزاج في الموائع الدقيقة (MMP) لثاني أوكسيد الكربون في النفط الخام. رقاقةُ المائعِ الدقيقة سيليكون/زجاج في عدة أنواعٍ من الفولاذ (على اليسار) و صور لتدفق ثاني أوكسيد الكربون/النفط تحت الـ (MMP) (في الأعلى إلى اليمين) وعند حدود الـ (MMP) (في الأسفل إلى اليمين) (عند ضغط 6.1 ميغا باسكال ودرجة حرارة 25 درجة مئوية)، واللون الأخضر يأتي من النفط الخام الأصلي (و ليس صباغ).

تساهمُ الزيادةُ في إنتاج النفط والغاز غير التقليدي بتقديم مجموعةٍ واسعةٍ من الفرص لتحليلِ الموائع في المقاييس الصغيرة. تعتبرُ مجموعةُ أطوالِ المقاييسِ المستخدمةِ مثيرةً للإعجاب سواء كونها ذات شقوقٍ طبيعية أو مُحدّثةٍ بمقاييسَ ميكروية أو أكبر، بسبب المواصفات الهندسية المتأصّلة في مستوى المقاييس النانونية، وتعتبرُ المشكلة أكثرُ تعقيداً بسبب الحرارة والضغط العاليين والموائع المعقدة المكوّنة من عدة موادّ (في كلّ من الخزانات أو الموائع التي يتمّ حقنها) والمراحل المتعددة للموائع والجسيمات وخصائص السطوح غير المتجانسة. في حين تعتبرُ نمذجةُ الخزانِ والاختباراتِ القائمة على الجوهر أدوات تحليلٍ حاسمةٍ ومهمةٍ في مصانعِ النفط والغاز، ولكن لا تزال إمكانيةُ التصور المباشر للنقل ومرحلة التغيير في الموائع الميكروية والموائع النانونية التي يمكن أن تُضيفَ الكثيرَ من الاحتياجات التي يمكن أن تُبصِرَ النورَ في تطبيقات مهمةٍ وتبرزَ تحدٍ مهم في هذا المجال. ويعتبر سعي الباحثين في هذا المجال ممتع ومهم.

بنظرةٍ خاطفةٍ إلى الأمام، من الممكن إيجادُ فرصٍ عديدةٍ لتطبيقاتٍ تجاريةٍ للموائع الميكروية في قطاع الطاقة. وقد قامت مجموعة (Farshid Mostowfi) في مركز (Schlumberger DBR) للتكنولوجيا في ألبيرتا، كندا (بالتعاون مع مختبر Sinton) بتسويق الجيل الأولِ من نماذجِ الموائعِ الميكروية في تطبيقات تحليلِ النفط بما في ذلك تقدير كمية الاسفلتين. وسوف تشمل التطبيقاتُ الفوريّةُ عملياتٍ أفضل في المختبرات المركزية، ولكن على المدى الطويل. ومن المتوقع نشرُ المزيدِ من تقانات اختبار الموائع الدقيقة في هذا المجال لتحليل الوقتِ الحقيقي والاستشعارِ المحلي للظروف سواء على فوهة البئر أو أسفله.

المصادر :

هنا