الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

أبقارٌ وأعشابٌ بحرية

استمع على ساوندكلاود 🎧

يعتبر الميثان أحد أهم الغازات الدفيئة ومن المسبّبات الرئيسية للاحتباس الحراري، وهو يأتي من مصادر عديدة، بما في ذلك فضلات وغازات المواشي، وهي تشكّل نحو 5%من مجموع الانبعاثات العالميّة للميثان. وتأتي النسبة الأكبر من الغازات التي تطلقها تلك الحيوانات. يبحث العلماء بشكل دائم عن حلول وخطط لتقليل هذه الانبعاثات وخفيض أثرها، وكان آخر ما تم كشقه أن تقليل الانبعاثات ممكن من خلال إضافة العشب البحري المجفف إلى غذاء الحيوانات.

كيف يتم ذلك؟

بدأت القصّة عندما لاحظ أحد المزارعين تحسّن صحّة أحد أبقاره التي كانت تتغذى من حقل صغير قريب من البحر بالمقارنة مع الأبقار التي كانت تتغذى على أعشاب عاديّة. ووجد باحثون كنديون لاحقاً أنّ الأبقار التي تغذّت بالقرب من البحر اتّصفت بمعدّل نمو ومؤشّرات صحيّة أفضل من مثيلاتها ذات الغذاء العادي، بالإضافة لتقليل كميّات الميثان في غازاتها بنسبة 20%، مما دفعهم لاستقصاء السبب.

قام Rob Kinley بمساعدة علماء من مختبرات *CSIRO وجامعة James Cook University بتجربة 20 نوعاً من العشب البحري من خلال وضعها في أنابيب اختبار مع عيّنات خلايا مأخوذة من معدة أبقار. كانت النتيجة مفاجئة حيث انخفض انبعاث الميتان الناتج عن هضم الخلايا للعشب بمعدّل 50% وذلك في حال كانت كميّة العشب تعادل 20% من كميّة العيّنة المُختَـبرة، إلا أن مشكلةً مختلفةً ظهرت وهي أنّ كميّات أعشابٍ كهذه ستشكّل خطراً على النظام الهضمي للأبقار، مما استدعى إجراء تعديلاتٍ أهمُّها تغييرُ نوع الأعشاب المستخدمة واختيار نوع بحري من شواطئ Queensland يدعى "Asparagopsis taxiformis"**، اتّضح بعد التجربة أن هذا النوع قد قلل الانبعاث بنسبة 99% وعلى عكس الأنواع الأخرى، فإنّه يعطي الفعالية ذاتها حتّى عند استخدام جرعات صغيرة بنسبةٍ تقارب 2%.

صورة1: المكان الذي أخذت منه عيّنات العشب

ما هي آلية عمل هذا العشب في تقليل الانبعاثات؟

ينتج عند هضم هذا النوع من الأعشاب مركّب البروموفورم CHBr₃ الذي يتفاعل مع الفيتامين B12، مما يؤدّي لتثبيط الإنزيمات التي تستخدمها البكتيريا المعويّة لإنتاج الميثان كفضلات أثناء عمليّة الهضم.

أين يمكننا إنماء هذه الأنواع العشبيّة؟

بقياس الانتاج العالمي للأعشاب البحريّة، يمكننا ملاحظة تضخّم هذا الإنتاج، إذ يتم –سنويًّا- إنتاج حوالي 25 مليون طن من العشب البحري المجفف، أي ما يعادل ضعف إنتاج الليمون عالمياً.

ولكن بالمقابل، فإن إنتاج كميّة من أعشاب Asparagopsis لإطعام حوالي 10% من تعداد المواشي المنتجة للحليب في استراليا فقط والبالغ عددها 1.5 مليون حيوان، فإن ذلك يتطلّب زراعة 300.000 طن سنويّاً، والملايين منها إذا ما قورِن الحاجة عالميّاً، وهذه الكميّة تتطلّب مساحةً تقارب 6.000 هكتاراً.

مزايا العمليّة:

من المحتمل أن يساعد هذا الحل على تحسين الأوضاع الاقتصاديّة في بعض الدول الناميّة، وذلك من خلال توفير سبلٍ جديدةٍ لكسب الرزق لمجتمعات هذه الدول في ظل انحدار مستوى مهنة صيد الأسماك واستخدام بعض الأنواع من الأعشاب البحرية كوسائل لتنقية مياه الأنهار من المواد الضارة والملوّثة.

قدّمت هذه الدراسة تقديراتٍ كميّةً ونوعيّةً للأعشاب الملائمة لتقليل انبعاثات الميثان والغازات الأخرى من الأبقار والمواشي حيث أبدت جميع تلك الأنواع كفاءةّ جيّدةً كان أفضلها Asparagopsis إذ أدّت لتخفيض تلك الانبعاثات بنسبة 50% - 70% في زمن قياسٍ قدره 72 ساعة لكنّها بالمقابل أثّرت على عملية الاهتضام اللاهوائي، وبالنتيجة، فقد لوحّظ أنّ استخدام جرعات قليلة من هذه الأعشاب سيقدّم أفضل النتائج فيما يتعلق بتقليل الانبعاثات وعدم التاثير على عمليات الاهتضام والتخمّر.

ولا تزال الدراسات قائمة للوصول لأفضل الحلول وتقديم النتائج المثلى.

هوامش المصطلحات:

* CSIRO: the Commonwealth Scientific and Industrial Research Organization

هنا

**: Asparagopsis taxiformis أحد أنواع الطحالب الحمراء المائية

المصدر

هنا