الفيزياء والفلك > علم الفلك

العثور على قمر اصطناعي فُقِدَ في الفضاء منذ ثمان سنوات

استمع على ساوندكلاود 🎧

من الصعب إيجاد الأشياء المفقودة أليس كذلك؟ ربما لا تبدو لك مشكلة صعبة لو اختفى مفتاحُ المنزل بين الأغراض الموجودة في درج مكتبك مثلًا، ولكن تغدو الأمور أكثر صعوبة عندما تفقدُ شيئًا ما في الفضاء الشاسع المظلم!

هذا بالضبط ما حدث مع وكالة أبحاث الفضاء الهندية Indian Space Research Organization (ISRO) عام 2009، عندما فُقِد الاتصال مع القمر الاصطناعي تشاندرايان-1 Chandrayaan-1 الّذي كان يدور حول القمر. وبالطبع لم يستسلم الباحثون للأمر ببساطة، فقد بدأوا عملية مضنية للبحث عنه، والآن بعد ثمان سنوات من الضياع عُثِر أخيرًا على القمر المفقود.

لكن العثور على تشاندرايان لم يكن سهلًا، فبالإضافة إلى حجمه الذي يعد ضئيل جدًا بمقاييس الفضاء (بحجم ثلاجةٍ تقريبًا)، واجه العلماء عقبةً كبيرةً أخرى، ألا وهي القمر.

ما المشكلة مع القمر إذًا ؟ الجواب: شكلُ سطحه غير المنتظم.

تكمن المشكلة في ما يسمى الماسكونات mascons وهي عبارة عن كتل ضخمة تحت سطح القمر. تتسبب هذه الماسكونات في تصعيب مهمة التنبؤ بحقل جاذبية القمر. في الواقع فإن العلماء عرفوا عن الماسكونات منذ ستينات القرن الماضي، ولكنهم اكتشفوا عام 2013 أن هذه الكتل هي نتيجة اصطدام الكويكبات بسطح القمر منذ وقت طويل. شكلت تلك الصدمات فوهات كبيرة على قشرة القمر مما تسبب في وجود مناطق ذات كتل أكبر من المناطق الأخرى، يمكن لهذه الكتل الضخمة أن تؤثر بصورة كبيرة على مدارات المركبات الفضائية.

واجهت العلماء مشكلة أخرى مع القمر وهي انعكاس أشعة الشمس على السطح بسطوعٍ جعل من استخدام التليسكوبات لإيجاد تشاندرايان أمرًا مستحيلًا. لذا كان من المحتم عليهم استخدام طريقة أخرى للعثور على المركبة المفقودة، لجأ العلماء للرادار فقد أعلنت ناسا في تصريح صحفي كيف وجّه الباحثون موجات المايكرويف نحو القمر باستخدام هوائي بطول 230 قدم في مجمع غولدستون لجمع المعلومات الفضائية والاتصالات في أعماق الفضاء Goldstone Deep Space Communications Complex الموجود في كاليفورنيا.

استخدم الباحثون هذا الهوائي الضخم كمدفعٍ لأشعة الرادار، إذ أطلَقَ الأشعة الميكرويفية نحو القمر حتى ارتدت من على مركبة فضائية عبرت بالقرب من قُطبِ القمر الشمالي. قاس العلماء الوقت الذي تقضيه هذه المركبة الفضائية في مدارها ، وبمقارنة البيانات تبين للعلماء أن هذه المركبة هي في الحقيقة تشاندرايان. ثمّ أجروا تعديلًا على المدار الذي خمنوه سابقًا بنحو 180 درجة تبعًا للمعلومات الجديدة. وفي الأشهر الثلاث اللاحقة تمكن الباحثون من رصد تشاندرايان سبع مرات وتطابقت الأرصاد مع حساباتهم لمدار تشاندرايان الجديد مما أكد تمامًا أن المركبة التي رصدوها هي بالفعل تشاندرايان-1.

تقول كابلان Kaplan أن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها ناسا أشعة الرادار القوية لكي تحدد مكان المركبات الفضائية، فقد جربت ناسا نفس التقنية من قبل لتتبع مسار المركبة مستكشفة القمر The Lunar Reconnaissance Orbiter ، ولكن في المرة السابقة كانت المهمة أسهل لأنهم كانوا على اتصال بالمركبة.

تُرى ماذا سيفعل العلماء بعد أن حددوا مكان تشاندرايان؟ بالنظر للمستقبل فإن وكالة أبحاث الفضاء الهندية مشغولة بتصنيع تشاندرايان-2 الذي يأمل العلماء منه أن يقضي فترة أطول من سلفه الذي أمضى 312 يومًا قبل أن يضل طريقه في الفضاء، أما الآن و بمعاونة الرادار في الأرض فإن العلماء سيكونون قادرين على إيجاد بعض مركبات الفضاء التي فقدنا الاتصال بها في الفضاء.

المصدر هنا