الهندسة والآليات > منوعات هندسية

ثمانية طرق ألهمت بها الطيورُ الباحثينَ في مجالِ الطائراتِ بدونِ طيار

استمع على ساوندكلاود 🎧

كيفَ قام العلماءُ ببناءِ أفضلِ الطائرات بدون طيّار؟ الإجابةُ بسيطة، فقد نظروا إلى الطبيعة كي يستلهموا منها، واستفادوا من الطرق التي تسمحُ للطيور بالتنقل بكفاءةٍ في الهواء، حتى في ظلّ أصعب الظروف.

استطاع العلماء بعدَ اكتشافِ الكثير من أسرار الحشرات والخفافيش والطيور في الطيران تحسينَ الطائرات من دون طيّار، وجعلَها أكثر تطوراً من أيّ وقت مضى، ومن المرجح أن تستمرَ في التحسن من ناحية الأداء.

فيما يلي بعضُ الأمثلةِ عن أحدثِ الاكتشافات في مجال بحوثِ الطيور و المحاكاة الحيوية للطائرات بدون طيّار، والمأخوذةِ من الدراسات التي نُشرَت في 16 ديسمبر 2016، في مجلة (Interface Focus).

1- القدرة على الغوص:

يُمكن للعديد من الطائرات بدون طيّار أن تصلَ إلى ارتفاعاتٍ عاليةٍ جدًا، ولكن نوع جديد من هذه الطائرات يُمكنها الغوصُ في الماء كذلك، تماماً كما تفعلُ بعض الطيور المائية. يُطلَقُ على هذه الطائرات "المُركّبات المائية الهوائية الميكروية" واختصاراً (AquaMAV)، تقوم هذه الطائرات بطيّ أجنحتِها عند الغطس. الهدفُ الرئيسيّ لهذه الطائرات هو جمع المعلومات، وفي سبيل ذلك تطير هذه الطائرات إلى مناطقَ مائية، وبعد الغطس تجري عمليةُ جمعِ بياناتٍ مُوجزة، تندفعُ بعد إتمام مهمَتِها إلى الهواء مستخدمة الدفعَ النفاث في طريق عودتها إلى قاعدتها.

2 القدرة على الغفو:

يمكنُ لبعض الطيور أثناءَ التّرحالِ أن تطيرَ لعدة أيام أو شهور دونَ أن تأخذ استراحة، وكانت كيفيةُ نوم الطيور خلالَ هذه الرحلاتِ الطويلةِ هو السؤال الذي جعل العلماءَ في حيرةٍ استمرت لفترةٍ طويلة. كان يُعتَقدُ سابقًا أنّ طيورَ الفرقاط تُريحُ أحد نصفي الكرة المُخيّة من وقتٍ لآخر أثناءَ تحليقها لمسافات بعيدة، أي أنّها حرفيّاً تنامُ بعينٍ واحدة مفتوحة. لكن أظهرت دراسةٌ جديدةٌ أُجرِيت من خلالِ مسحٍ لأدمغة هذه الطيور أثناء رحلات هجرتها الطويلة، إنّ هذه الطيور في بعض الأحيان تكون نائمةً بالكامل في حين لا تزال في حالة طيران، ولكن لفترة وجيزةٍ جداً.

3 الطيران بدون صوت:

أخذَ العلماءُ نظرةً أقرب على أجنحة البومة، وذلك لاستيعاب كيفيةِ طيرانِ هذه الطيور المفترسة دون إحداث أصوات، دقّقَ كلّ مِن علماءِ الأحياء والرياضيين والمهندسين الأداءَ الأيروديناميكي للبومة، ووجدوا أنّ أجنحةَ البومةِ تملكُ العديدَ من الميزات التي تتضافرُ لتحقيقِ طيرانٍ هادئ وصامت. اكتشفَ العلماءُ أيضا ً أنّ حجمَ الجناح الكبيرِ لطيورِ البومة تسمحُ لها بالطيران بسرعاتٍ أبطأ، مما يقللُ من كمية الضوضاء الناتجة عن عملية الطيران. حيث إنّ هيكليةَ الريش المتشابكةِ وبُنيةَ السطحِ الناعمة تعمل أيضاً على تخفيض الصوت.

4 السيطرة على الضرر:

يُمكنُ لأقوى الطائرات بدون طيار أن تصابَ بالتلف، وقد بحثَ العلماءُ في كيفيةِ جعلِ هذه الطائرات قادرة على التعافي والبقاء في وضعية الطيران حتى عندما تصاب بعطل ما. درسَ هؤلاءِ العلماء قدرةَ الطيورُ على الطيران بالرغم من أجنحتها المصابة، حتى عندما يحدث ضررٌ كبيرٌ لغشاءِ الجناح.

اختبرَ الباحثونَ أداءَ طيرانِ ذباب الفاكهة عندما فقدت جزءاً من أحدِ أجنحتها، وذلك باستخدام تصويرٍ ذو سرعةٍ عاليةٍ جدًا. اكتشف الباحثون لاحقًا أنّ الذبابَ يقومُ بضبط الهواء المحيط به عن طريق تعديل ضرباتِ أجنحَتِها والتفاف أجسامِها بإتجاه الجناحِ المُتضرّر.

5 الاستقرار:

يمكن لهبوبِ العواصفِ غيرِ المتوقعِ أن يقومَ بتعطيلِ عملية الطيران لكلّ من الطيور والطائرات بدون طيّار على حدّ سواء. لكن العلماءَ قد وجدوا أنّ النحلَ يثابرُ أثناءَ الطيرانِ بهدفِ البحثِ عن الطعام، حتى عندما تكونُ الظروفُ الجويّة عاصفةً للغاية. لفهم كيفية قيام النحل بالملاحة أثناءَ الأعاصير، وضعَ الباحثون النحلاتِ في أنفاقٍ تعصفُ فيها الرياح، وسجلوا تحركاتِ الطيران الخاصة بها. وجد الباحثون أنّ النحلَ يستخدمُ ردّاتِ فعلٍ مختلفةٍ لضبطِ الهواءِ المحيطِ بها، بما في ذلك تغيير التردد والسعة لضرباتِ أجنحتها، والتفاوت في التماثل بضربات الأجنحة. عن طريق محاكاة هذه التقنيات، يمكن لطائرات بدون طيّار تحسينَ قدرَتِها على التوجهِ خلال الهواء المضطرب.

6 القدرة على الطيران مع تجاوز العقبات:

يتطلب من الطيور التي تُحلّقُ على مَقْرَبةٍ من الأرض عابرةً مساراً مُزدحماً معالجةً سريعةً للمدخلاتِ البصرية، وتعديلاتِ طيرانٍ سريعةٍ لتفادي كل ما قد يواجِهُها في طريقها. لمعرفة كيفيةِ حفاظ ِالطيورِ على قوة الدفع إلى الأمام بينما تقومُ بالمناورة من خلال الفجوات بين الأشياء، قام الباحثون بتتبع طيورِ الحمام- وهي تطيرُ عبرَ عقباتٍ ذاتِ ترتيباتٍ مختلفةٍ- وتسجيلِ تحركاتِهم في ثلاثة أبعاد. اكتشفَ العلماء أنّ الحمام تقومُ باختيار الفجواتِ المتقاربة التي تصطفُ مع الإتجاه الذي تحلق به، وبذلك يتمكنُ الحمامُ من التنقلِ بشكلٍ أسرع، وبأقلّ كمية من التعديلات لحركة أجنحتهم.

7 الاستقامة:

في بعض الأحيان يمكنُ للباحثين أن يتعلموا المزيدَ عن آليةِ الطيرانِ من خلال دراسةِ الحشرات التي لا تطيرُ على الإطلاق. فالحشرة العصويّة الصغيرة (Tiny stick insect nymphs)على سبيل المثال لا تملكُ أجنحة، ولكنها تستطيعُ أن تستقيمَ في الجو عند السقوط حتى بدونِ وجودِ أجنحة. لاحظ العلماءُ أنّ هذه الحشرات عند سقوطِها تقومُ بدورةٍ سريعةٍ لفتل نفسِها للجانب الصحيح من خلال تنسيقِ حركاتِ الساق مع تدفق الهواء، وذلك خلال 0.3 ثانية. أوضحَ الباحثونَ أنّ هذه التقنيةَ قد تمّ تطويرها من قِبَل الحشراتِ في المراحل الأولى من تَطوّر الطيران، وبإمكان هذه التقنية أن تُحسّن من أداء الطائرات بدون طيار و تمنحها انسيابية أكبر في الجو.

8 التحكم بالفجوات:

التساقطُ الموسمي لريش الطيور هي الطريقة التي تستخدمُها الطيورُ لاستبدال ريشِها عندما يَبلى. والعجيبُ أنّ الطيورَ تبقى إلى حدّ ما قادرةً على الطيران، وذلك بغض النظر عن الحالة التي أصبحت بها أجنحتها.

التفتَ الباحثونَ لدراسةِ الآليةِ الأيروديناميكية لطائر الغراب عند الطيرانَ خلالَ مراحلِ تساقط الريش، كاتبُ الدراسةِ وجد أن كفاءةَ طيرانِ الغرابِ تنخفض مع تساقط ِالريش، ولكنّه كان يضبطُ وضعَ جناحيه لتعويض الفجوات الناتجةِ عن فقدان الريش. هذه التقنيةُ بإمكانِها مساعدةُ الطائرات بدون طيار والتي تتكبد أضراراً بالأجنحة خلال الطيران.

هذه كانت بعضُ الأمورِ التي استلهمها البشر من أمهم الطبيعة، والجميل بالأمر أن الطبيعة لن تتوقف عن إلهامنا ما دمنا نبحث عن الإلهام. فإذا صادفتك مشكلة في المستقبل توجه إلى الطبيعة ولن تبخل عليك بالحلول.

المصدر :

هنا