الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

الحصيات البولية

استمع على ساوندكلاود 🎧

يُعدّ الألمُ البطنيُّ القولَنْجِيُّ (الماغص) أكثرَ التظاهراتِ السريريةِ للتحَصّي البوليِّ Urolithiasis أو الكُلْويِّ Nephrolithiasis، أو الحُصَياتِ البوليةِ المعروفةِ لدى العَوامِّ بـ "البحص" أو "الرمل". تتشكل هذه الحُصياتُ نتيجةَ فَرطِ إشباعِ البولِ بالذوائبِ المنْحلّةِ فيه كالكالسيوم والفوسفاتِ وغيرِها، وتجمُّعِها على بِطانةِ الكلى، ويتدخل في تشكيلِها قلةُ الواردِ المائيِّ (ما يزيد من إشباعِ البولِ بالمعادن)، فضلاً عن دورِ الرُّكودةِ البوليةِ في ذلك أيضاً. وبالطبع هنالك عواملُ وراثيةٌ وعِرقيةٌ وجنسيةٌ وغذائيةٌ تتدخل بنسبِ تَشكُّلِ الحصياتِ الكُلْوِيةِ، نذكر منها:

- الأعمارُ المتوسطةُ هي الأكثرُ إصابةً، وقد يحدث في أيِّ عمر.

- الذكورُ أكثر تعرّضاً من الإناثِ للتحصّي البوليِّ (بنسبةِ ثلاثةِ أضعاف).

- العِرقُ الأبيضُ أكثرُ إصابةً من العِرقِ الأسود.

- يكثر انتشارُ حُصياتِ الكُلْيةِ والحالبِ في البلدانِ المتقدمةِ، في حين تكون حصياتُ المثانةِ أشيَعَ من حصياتِ الكُلْيةِ والحالبِ في البلدانِ النامية.

- يحصل التحَصّي الكلويُ بدرجةٍ أكبرَ في المناطقِ المُشْمِسةِ والحارّةِ (نتيجةَ حالةِ الإماهة).

- يحصل التحصّي الكلويُّ بدرجةٍ أكبرَ في الصيف (لدورِ التعرضِ للشمسِ في زيادةِ إنتاجِ فيتامين دال، ودورِه في امتصاصِ الكالسيوم).

- الواردُ البروتينيُّ الحيوانيُّ العالي يؤدي لزيادةِ إطراحِ الكالسيوم وحمضِ البولِ وتقليلِ السيتراتِ البوليةِ، ومن ثَمّ زيادةِ التحصي الكُلوي.

ولهذه الحُصَياتِ أنواعٌ عدةٌ نستعرضها بعُجالةٍ وإياكم قبل أن ننتقلَ لحالةِ المريضِ ومقاربتِه وعلاجِه:

- الحُصياتُ الكِلسية: تحوي أغلبُ الحصياتِ الكلويةِ (70%) على الكالسيوم على هيئةِ أوكزالاتِ الكالسيوم وفوسفاتِه أو كليهما معاً (وهي الأكثر).

- حُصياتُ حمضِ البول: تحصل لدى المرضى ذوي البولِ زائدِ الحموضةِ ( درجة الـ pH أقلُّ من 6)، وتزداد نسبتُها لدى مرضى النِّقْرِسِ والمتلازمةِ الاستقلابيةِ التي تتضمن السكريَّ وارتفاعَ الضغطِ والبدانةَ وارتفاعَ شحومِ الدم. قد ينجم ذلك عن نقص إنتاجِ الأمونيا نتيجةً لمقاومةِ الإنسولين.

- حُصيات السيستين: تشكل البيلةُ السيستينيةُ مرضاً وراثياً جسمياً متنحِّياً شائعاً نسبياً، يؤثر في الجهازِ الهضميِّ والنقلِ الكُلْويِّ، ويشكل أربعةَ حموضٍ أمينيةٍ هي السيستين والأورنيثين والأرجينين والليزين. ويكون السيستينُ غيرَ قابلٍ للذوبان في البولِ الحمضيِّ مؤدّياً لتشكيل الحُصَيات.

- الحُصَياتُ السْتْروفيتيّة Struvite: ناجمةٌ عن إنتانٍ بوليٍّ علويٍّ بجراثيمَ منتِجةٍ لليورياز، تقوم بحلمهةِ اليوريا (البولة) مطْلِقةً الأمونيا ومؤدّيةً إلى بولٍ قَلَوِيٍّ، ما يساعد على تشكلِ الحُصياتِ المؤلَّفةِ من فوسفاتِ المغنيزيوم والأمونيوم والمعروفةِ بالستروفيت. وتتميز هذه الحصياتُ بشكلِها المَرْجاني.

التظاهرات السريرية:

كما أسلفنا فإنّ الحُصياتِ الكُلْويةَ غالباً ما تتظاهر بألمٍ قولَنْجيٍّ حادٍّ ناجمٍ عن تحرّكِ الحصاةِ ودخولِها الحالبَ، حيث تؤدي الحصاةُ المنحشرةُ في القسم العلويِّ للحالبِ لألمٍ في القسمِ العلوي من البطنِ، ومع نزولِها للأسفلِ ينزل الألمُ معها وينتشر إلى أعلى الفخذِ والخُصْيةِ أو الشُّفرِ الكبيرِ في الجانبِ نفسِه. فإذا ما انحشرتْ حصاةٌ صغيرةٌ في مناطقَ سفليةٍ من السبيلِ البوليِّ، أمكن أن تسببَ أسراً بولياً حاداً. وقد يترافق هذا الألمُ بالغثيان والإقياء. وفي حالاتٍ أقلَّ شيوعاً قد يتظاهر المرضُ بإنتاناتٍ بوليةٍ متكررةٍ أو بِيلةٍ دمويةٍ (دم في البول) غيرِ مؤلمة. كما قد تتظاهر بتكرارِ الرغبةِ بالتبوّلِ وإحساسِ حُرقةٍ خلاله.

الاستقصاءات المساعِدة:

- التحليل المخبريُّ: يشكل تحليلُ البولِ والراسبِ أساسَه، فضلاً عن تحليلِ الدمِ (وخاصة وظائفِ الكُليةِ والكالسيوم وحمضِ البول). وقد تتطلب المتابعةُ تحليلاً لهرمون جاراتِ الدرقِ PTH إذا ما كان كالسيومُ الدمِ مرتفعاً.

- التصوير الشعاعي: يشيع استخدامُ التصويرِ بالأمواج فوقَ الصوتيةِ (الإيكو) كاستقصاءٍ أوّليٍّ للألم البطنيِّ، كما قد تَظهر الحصياتُ (الكلسيةُ منها) على الصورة الشعاعيةِ البسيطةِ للبطنِ، ويبقى التصويرُ بالطبقيِّ المحوريِّ للبطن والحوضِ هو الإجراءُ الأفضلُ لتشخيصِ الحصياتِ للمرة الأولى أو لكشفِ الحصياتِ الصغيرةِ التي لا تَظهر بالتصويرِ بالأمواجِ فوقَ الصوتية.

علاج الحصيات الكلوية:

لا يدرك المريضُ من المرض سوى الألمِ، ولا يبدو علاجُ النوبةِ الألميةِ للحصياتِ الكُلويةِ صعباً، حيث أظهرتِ التجارِبُ العشوائيةُ فعاليةَ مضاداتِ الالتهابِ اللاستيروئيديةِ الوريديةِ في تدبيرِ الألمِ، كما تُعطى الأدويةُ العرَضيةُ الأخرى للغثيانِ والإقياء، ليبقى علينا بعد ذلك التخلصُ من الحصاة.

تمرّ معظمُ الحصياتِ الأصغرِ من 5 ملم سريعاً عبر الحالب، كما قد تمرّ الحصياتُ حتى الـ 1 سم خلال أربعةِ أسابيعَ إذا ما كانت في نهايةِ الحالب. ينبغي زيادةُ الواردِ من السوائلِ ليصلَ إلى 2-3 لتراً يومياً على الأقل لتحقيق إدرارٍ بولي عالٍ يدفع الحصاة.

ويتم اللجوءُ للعلاج الجراحيِّ في الحصياتِ الكبيرةِ أو بعد فشلِ العلاجِ المحافِظِ، ويتراوح من التفتيتِ بالأمواج الصوتيةِ من خارج الجسمِ إلى استخراجِ الحصاةِ بالتنظيرِ عبرَ الحالبِ، وحتى الجراحةِ التنظيريةِ والجراحةِ التقليدية.

وتلعب التوصياتُ الغذائيةُ دورَها أيضاً في العلاج والوقايةِ لاحقاً، حيث من المهم جداً لمرضى الحصياتِ الكلويةِ زيادةُ الواردِ اليوميِّ من السوائلِ لمنع النُّكْسِ، إذ يُنصح عموماً بشرب ثمانيةِ أكوابٍ من السوائلِ يومياً. وفيما يتعلّق بالحصياتِ الكلسيةِ فإن التقليلَ من الصوديوم (الموجود في ملحِ الطعام) والبروتينِ الحيوانيِّ في النظام الغذائيِّ يفيد أيضاً، في حين يبدو أنّ تقليلَ الكالسيوم يسيء للحالة بدلاً من تحسينِها. عسى أن يكونَ لقسم التغذيةِ في شبكتِنا مقالُه الخاصُّ عن الحميةِ الغذائيةِ الخاصةِ بكلِّ نوعٍ من أنواعِ الحصيات.

المصدر:

هنا