الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

استهلاكُ الفركتوز وأمراض الكبد عند المراهقين والأطفال

من المعروفِ أنّ أمراضَ الكبدِ الدهنيّ غير الكحولية NAFLD وتراكمَ الدهونِ الزائدة في خلاياه يزيدان من الإصابةِ بأمراض أكبر أعضاء الجسم، وهو الكبد، وذلك سواءَ كان المريض يتناول كمياتٍ قليلةً من الكحول أم لا. ويُقدّر أن يصل التأثيرُ إلى ما يقارب 30% من عمومِ السكان في الدول الغربية، و9.6% من مجموع الأطفال، و38% ممن يعانون من السمنة في أعمار صغيرة. وتتضمن أمراضُ الكبدِ التهابَ الكبدِ الدهنيّ غيرِ الكحولي NASH (والذي يظهرُ بهيئةِ تشحمٍ، وتضخمٍ في الكبد، والتهابات). وعلى الرغم من كون NASH الشكلَ الأقلّ حدّةً من أمراضِ الكبدِ الدهنيّ، إلّا أنّه قادرٌ على التطوّرِ إلى تليفٍ شديدٍ Severe fibrosis، وتشمّع الكبد Cirrhosis والذي يُحتملُ أن يتحوّل إلى سرطانٍ لدى البالغين.

يوضّح رئيسُ الأطباءِ Valerio Nobili في مستشفى Bambino Gesù Hospital في روما بإيطاليا أنّ كلّاً من تناولَ الفركتوز، وارتفاعَ تركيز حمض اليوريا في مصلِ الدم يعتبران عاملين مستقّلين من عواملِ الخطر المحتملةِ لتطور أمراض الكبد. وقد أظهرَ العديد من الدراسات أنّ ارتفاع مستوياتِ حمض اليوريا يرتبط مع متلازمة الاستقلاب (الأيض) وأمراض الكبدِ الدهنيّ غير الكحولية NAFLD، إلّا أن علاقة أمراض التهاب الكبد الدهني غير الكحولي NASH مع الفركتوز وحمض اليوريا سويّةً لم تُختبر بعد في أيةِ دراسةٍ تعتمدُ على أخذ خزعةٍ من نسيج الكبد.

ومن هنا كانت فكرةُ البحث الذي عملَ الباحثون فيه على دراسةِ أمراض الكبد الدهنية غير الكحولية NAFLD لدى 271 طفلاً ومراهقاً يعانون من السمنة عبرَ أخذِ خزعةٍ من نسيج الكبد لديهم. وقد أتمّ جميعُ المرضى استبياناً غذائياً حول تكرارِ تناول الطعام، وحجمِ الوجبة، مع بيانِ مواعيد تناولِهِ ومدى المواظبة على تناول كل من الوجبات خلال الأسبوع. وقد كانت المصادر الرئيسية للفركتوز لدى هذه الفئة العمرية ممثّلةً بالمياهِ الغازية وغيرها من المشروباتِ المحلاة. وقد لوحظَ أن ما يُقاربُ 90% من المشاركين في التجربة قد يشربون المشروباتِ الغازيةَ مرّةً فأكثرَ في الأسبوع، في حين يتناولُ أكثر من 95% منهم وجباتٍ خفيفةً في الصباحِ وبعد الظهيرةِ بانتظامٍ، حيث تتألف الوجبات من رقائقِ البسكويت، أو البيتزا، أو الأطعمةِ المملحة، أو اللبن، أو غيرها.

وَجد الباحثون في نتيجةِ هذه الدراسة أن 37.6% من المشاركين يعانون من أمراضِ التهابِ الكبد الدهني غير الكحولي NASH كما لوحظَ أن 47% من هؤلاء المرضى يعانون من ارتفاعِ مستويات حمضِ اليوريا، في حين بلغت نسبة الأفراد الذين لا يعانون من NASH حوالي 29.7%.

بيّنت النتائجُ أنّ تناولَ الفركتوز يمكن أن يزيدَ تركيزَ حمضِ اليوريا في الدم، كما يرتفع هذان العاملانِ لدى الأشخاصِ الذين يعانون من أمراضِ الكبد الدهني غير الكحولي Non-alcoholic fatty liver disease (NAFLD)، فضلاً عن تأكيد الباحثين لعلاقتهما مع التهابِ الكبد الدهني غير الكحولي Non-alcoholic steatohepatitis (NASH).

يختمُ الدكتور Dr. Nobili بقوله: " تبيّن لنا في هذه الدراسة، ولأولِ مرةٍ، أنّ تركيز حمضِ اليوريا واستهلاكَ الفركتوز يرتبطان بأمراضِ التهاب الكبدِ الدهني غير الكحولي NASH. وتطوّرُ هذه الأمراضِ قد يؤثّرُ بشكلٍ ملحوظٍ على متوسطِ العمرِ المتوقّعِ للشخص ونوعيةِ الحياة لدى الأفرادِ المصابين. وبالتالي، فإنّه لا بدّ من فهمِ عواملِ الخطرِ للمرضِ عند الأطفال والمراهقين من أجل تصميمِ تداخلٍ فعالٍ وآمنِ لعلاجِ هذه الفئةِ الشابة من المرضى".

ويبقى توجيهُ الجهودِ نحو تعديلِ السلوك، وتعليمِ أساسيات التغذيةِ الصحيحة، والحدِّ من تناولِ المشروباتِ الغازية وغيرها من المشروباتِ المحلاة الأقدرَ على تقليلِ استهلاكِ الفركتوز لدى هذه الفئةِ من السكان تحديداً، ويتمثّل ذلك جليّاً في العديد من الدول التي قامت بحملاتٍ لحظرِ تواجدِ آلاتِ بيع المشروباتِ الغازية في المدارس.

المصدر:

هنا

الدراسة المرجعية:

. Antonella Mosca, Valerio Nobili, Rita De Vito, Annalisa Crudele, Eleonora Scorletti, Alberto Villani, Anna Alisi, Christopher D. Byrne. Serum uric acid concentrations and fructose consumption are independently associated with NASH in children and adolescents. Journal of Hepatology, 2017; DOI: 10.1016/j.jhep.2016.12.025