الفلسفة وعلم الاجتماع > مصطلحات

البراجماتية

استمع على ساوندكلاود 🎧

البراجماتية لفظةٌ مشتقٌ من اللفظ اليوناني (pragma) وتعني العمل. وقد عرّفها قاموس ويبستر العالمي: "بأنّها تيارٌ فلسفيٌ أنشاه تشارلز بيرس، يدعو إلى حقيقة أن كل المفاهيم لا تُثبَت إلا بالتجربة العلمية". والبراجماتي يُطلق على كل من يهدف إلى النجاح، أو إلى تحقيق منفعةٍ خاصة. والبراجماتيون يعتبرون أن قيمة أي فكرة تكمن في فائدتها العملية.

أول من أوجد هذا المصطلح هو الفيلسوف الأمريكي تشارلز بيرس في سنة 1878م، في مقال بعنوان "كيف نجعل أفكارنا واضحة". حيث أشار بيرس إلى أن عقائدنا هي في الواقع قواعد للعمل والأداء. ثم تطوّر هذا المصطلح على يد الفيلسوف (وليام جيمس) ومن ثم (جون ديوي). وهؤلاء الفلاسفة الثلاث وأن اتفقوا في الأصول فإن لكلِ واحدٍ منهم لوناً يُميزه في نظرته للبراجماتية.

البراجماتية عند وليام جيمس

الفكر البراجماتي ظهر بشكلٍ واسعٍ عند الفيلسوف الأمريكي (وليام جيمس) الذي ظلّ مهملاً عشرين سنة بعد (تشارلز بيرس)، حيث أخرجه إلى حيز الوجود حين قدمه في حديثٍ ألقاه أمام رابطة البروفسور هوويسون الفلسفية في جامعة كاليفورنيا. حيث رأى جيمس أن الفكر البراجماتي هو في الأصل وبصفة أولية طريقة لحسم المنازعات الميتافزيقية على سبيل المثال: (هل العالم واحدٌ أو متعدد؟ أهو مُسير أم مُخير؟ مادي أم روحاني؟). فالبراجماتية عنده تُمثل اتجاهاً مألوفاً تماماً في الفلسفة ألا وهو الاتجاه التجريبي. فهي تفِكُّ جُمود كُلّ نظرياتنا، وبأنّها تتفق مع كثير من الاتجاهات الفلسفية القديمة، فهي تتفق مع مذهب الاسمية في كونها تلجأ للاصطفائية في التفاصيل الجزئية، ومع مذهب النفعية في توكيدها للنواحي العلمية. فنجد أنّ البراجماتية ضد مذهب العقل، حيث أنّ البراجماتية لا تشعر بالراحة بعيداً عن الوقائع، والمذهب العقلي لا يرتاح إلا في حضور التجريدات فقط .

وذهب (وليام جيمس) إلى أن المنفعة العملية لأي شيء هي وحدها المقياس لصحته. وعن إجابته لسؤال في كتابه البراجماتية عن كيف تتحقق الحقيقة أو الافكار الصحيحة ؟، يقول: "أن الأفكار الصحيحة هي تلك الافكار التي تستطيع هضمها وتمثيليها ودفعها بالمشروعية وتعزيزها وتوثيقها وإقامة الدليل عليها. وذلك هو معنى الحقيقة ، فالأحداث تجعلها صحيحة أو حقيقية". كما يؤكد جيمس في كتابه " البراجماتية "بأنها لا تعتقد بوجود حقيقة مثل الأشياء مُستقلة عنها. فالحقيقة هي مجرد منهج للتفكير، كما أن الخير هو منهج للعمل والسلوك؛ فحقيقة اليوم قد تصبح خطأ الغد؛ فالمنطق والثوابت التي ظلّت حقائق لقرونٍ ماضية ليست حقائق مطلقة، بل ربما أمكننا أن نقول: إنها خاطئة. فالحقيقي ليس سوى النافع، الموافق والمطلوب في سبيل تفكيرنا. تماماً كما أنه الصواب ليس سوى الموافق النافع المطلوب في سبيل مسلكنا.

وبالتالي نجد أن مهما تختلف الآراء في الفلسفة البراجماتية قبولاً ورفضاً. فإن تلك الآراء المختلفة جميعاً تلتقي عند نقطة يتفق عليها الأغلبية، وهي أن البراجماتية إنما جاءت تعبيراً عن عصرنا العلمي من بعض وجوهه، وانه ليتعذر على المُتعقب لثقافة هذا العصر أن يُغمض عينيه عن هذا التيار الفكري.

ونجد أن الفكر البراجماتي أعطى تفسيراً في وجهة البحث الفلسفي، وترك ماهو نظري إلى ماهو عملي من خلال ثنائية الفكر والعمل.

المصادر

البراجماتية عند وليام جيمس، ترجمة محمد علي العريان

البراجماتية عرض ونقد ، د. منصور عبدالعزيز الحجيلي