البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

ماذا تعرف عن السلاح البيولوجي؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

بدايةً ما هو السلاح البيولوجي وما الغاية من استخدامه؟

تشكّل الأسلحة البيولوجية منظوماتٍ مركّبة تُستخدم لنشر كائنات حيّة دقيقة تسبّب أوبئةً أو سموماً خطيرة، والغاية من ذلك إمّا إيذاء أو قتل البشر، أو الحيوانات أو النباتات. تتكوّن هذه الأسلحة في العادة من قسمين اثنين؛ أداة تسليحيّة، وآلية تنقل العامل الممرض. تأخذ أنظمة نشر العوامل البيولوجية المسبّبة للأوبئة أشكالاً متعدّدة، فبعضها اعتمد على إنشاء صواريخ وعبواتٍ ناسفة وقنابل يدوية مجهّزة لهذا الغرض، بينما استخدم بعضها الآخر خزانات رشّاشة تركّب على الطائرات والسيارات والشاحنات والقوارب. وقد استُخدمت أيضاً أساليب أخرى على مرّ الزمن. وإضافةً إلى الاستخدامات العسكرية، يمكن أن تُسخّر الأسلحة البيولوجية في الاغتيالات السياسيّة، وفي الإصابة المتعمّدة للماشية أو للمحاصيل الزراعية مؤدّيةً إلى شحّ في الغذاء وخسائر اقتصاديّة. ومن الممكن أن تؤدّي إلى خلق كوارث طبيعية، أو تفشّي أمراض واسعة الانتشار، ونشر الخوف والذعر بين العامّة.

ماهي العوامل البيولوجية -الكائنات حيّة أو السموم- المستخدمة في السلاح البيولوجي؟ وكيف تُصنّف؟

سواء أكانت كائناتٍ حيّةً مسبّبةً للإمراض (كالبكتريا والفيروسات والفطريات والبريونات والركتسيا)، أو موادّ سامّةً (كالسموم المستخلصة من الحيوانات أو النباتات أو الكائنات الدقيقة إلى جانب تلك الموادّ المشابهة المنتَجة صناعيّاً)، فمن الممكن استخدام أيّ منها في الأسلحة البيولوجية. ويمكن أن تُعزّز هذه العوامل البيولوجية المستخدمة وتُطوّر حالتها الطبيعية لجعلها أكثرَ ملائمةً للإنتاج الضخم المتسلسل والتخزين، ونشرها كسلاح أيضاً.

وقد طوّرت الجهات المسؤولة عن الصحّة العامّة نظاماً لتصنيف العوامل البيولوجية إلى فئاتٍ اعتماداً على درجة خطورتها على الأمن القومي؛ فالفئة (أ) تشمل العوامل التي تشكّل خطراً كبيراً كونها تؤدّي إلى معدّل وفيات مرتفع، وأغلبها ينتقل من شخص إلى آخر مباشرةً. والعوامل البيولوجية التي تقع ضمن هذه الفئة تسبّب أمراضاً خطيرة، مثل الجمرة الخبيثة والتسمّم السجقي (علماً أنّ هذا المرض ينجم عن سمّ بكتريا المطثيات الوشيقية، ولا ينتقل من شخص إلى آخر) والطاعون والجدري وداء التلريات، بالإضافة إلى مجموعة من الفيروسات التي تسبّب حمّى نزفيةً مثل فيروسات الإيبولا ومارلبورو ولاسا ومشوبو. وتكون هذه العوامل المسبّبة للأمراض موجودةً عادةً في الطبيعة (باستثناء فيروس الجدري الذي قُضي عليه بشكل نهائي في الحالة البريّة)، ولكن يمكن أن يتمّ التلاعب بها لجعلها ذات قدرة أكبر على الانتشار فيؤدّي هذا إلى زيادة خطورتها. أمّا الفئة (ب) فتضمّ العوامل التي تنتشر بشكل أبطأ، وتؤدّي إلى معدّل وفيات أقلّ من الفئة السابقة، وهي العوامل المسبّبة لأمراض مثل الحمّى المالطية والرعام (مرض يصيب الخيل) وحمّى (كيو) وحمى التيفوس وأمراض أخرى. وفي النهاية تأتي الفئة (ج) التي تضمّ العوامل الممرضة التي يمكن أن تُدار بطريقة ما لتصبح ذات قدرة على الانتشار الواسع والكبير مثل فيروس نيبا.

استخدامها في التاريخ:

لقد هلك خلال القرن الماضي أكثر من 500 مليون شخص بسبب الأمراض المعدية. عشرات الآلاف من هذه الوفيات كانت نتيجةَ الإطلاق المتعمّد لكائنات تسبّب الأمراض، ولموادّ سامّة، خلال الحرب العالمية الثانية، فقد أنفقت دول عديدة مبالغَ كبيرةً، وأجرت تجاربَ مباشرةً على البشر وخاصّة على السجناء. واستُعملت طرق عدّة في نشر العوامل البيولوجية الممرضة والسموم، فعلى سبيل المثال، نُشرت براغيث محمّلة ببكتريا الطاعون من الطائرات، وسمّمت آبار ماء بكمّيات كبيرة من البكتريا.

وقد أُعلن في عامي 1925 و 1972 عن معاهدتين لحظر الأسلحة البيولوجية، تهدفان إلى إنهاء تطوير وإنتاج الأسلحة البيولوجية، إلّا أنّ هذه الجهودَ فشلت في إيقاف تطوير تلك الأسلحة. وقد ادّعت الدول التي أطلقت برامجَ خاصّةً لتطوير السلاح البيولوجي بأنّها دمّرت كامل مخزونها وأنهت جميع برامجها. ولكنّ العديدَ من الخبراء شكّكوا في هذه الادّعاءات، فرغم الاتفاقيات والقوانين، كان هنالك احتمالٌ دوماً بأنّ برامجَ تطوير الأسلحة البيولوجية لم تتوقّفْ تماماً. وهكذا، بقيت تهديدات السلاح البيولوجي حاضرةً لتقلق جهات الصحّة العامّة في العالم.

وهنا يأتي السؤال الهامّ: كيف يمكن للناس أنْ يكون مجهّزين إنْ حدث هجوم بأسلحة بيولوجية؟

إنّ استخدامَ اللّقاحات الفعّالة يساعد على حماية الأرواح، ويحدّ من انتشار المرض في حال الهجوم باستخدام الأسلحة البيولوجية. لكنْ لا تتوفّر حتّى الآن لقاحاتٌ مرخّصة سوى لقلّة من الأمراض المهدّدة، كمرض الجمرة الخبيثة والجدري، بينما يستمرّ البحث لإيجاد وتطوير لقاحاتٍ لأمراض مهدّدة أخرى، كداء التلريات والإيبولا وماربرغ. وعلى أيّة حال، فكثير من الأمراض القابلة للاستخدام كأسلحة بيولوجية تفتقر للقاحات تقابلها، وهذا ما يجعلها تحدّياتٍ خطيرة في حال استُخدمت.

ختاماً، نعيش الآن عصر التقانات الحيوية المتطوّرة، التي قدّمت لنا فوائد هائلةً في مجالات الصحّة والطبّ لكنّها في الوقت نفسه يمكن أنْ تُسخّر لأغراض مؤذية. وقد بات وارداً اليوم أن تستخدم جهات معيّنة تلك التقنيات -التي أصبح الوصول إليها أسهلَ ممّا كان في الماضي- لتطوير وإنتاج كمّيات هائلة من الأسلحة البيولوجية، التي يحذّر العديد من الخبراء من كونها أصبحت من أخطر أنواع الأسلحة التي قد تهدّد البشرية في الوقت الحالي.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا