التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

الحياة مع الإيدز

استمع على ساوندكلاود 🎧

تدخل إلى عيادة الطبيب في الموعد الثاني، خائفاً ومتردداً، تنتابك كل الشكوك وينتابك الخوف الأعظم: ماذا لو كانت النتيجة إيجابية؟

قبل أسبوع من اليوم دخلت العيادة وأخبرت الطبيب أنك قد مارست الجنس دون حماية منذ فترة، ولا تعلم تماماً الوضع الصحيّ للشريك/ة فأخذ عينة من الدم وطلب منك مراجعته بعد أسبوع لمناقشة النتائج.

ماذا يعني أن تكون النتيجة إيجابية؟

أن تكون إيجابياً أو بالمصطلح العالمي HIV+ يعني أنك حاملٌ للفيروس وأن الفيروس ينتشر في جسدك حالياً، لكنك لستَ مصاباً بالإيدز بعد، فالوصول للإيدز يحتاج سنيناً طويلة بعد الإصابة دون علاج.

هل عليَّ أن أخبر أحداً بأنني حاملٌ للفيروس؟

هذا قرار شخصيٌّ تماماً، غير أن إخبارَ الشريك أو الصديق المقرب قد يساعدُ في تخفيف الحمل ويمدك بدعم عاطفي أنت بحاجة له، كما أنه أفضلُ بكثيرٍ من عيشِ هذه الرحلة وحيداً دون دعم.

ولكن قبل أن تخبر أحداً، فكر ملياً بالأسئلة التالية:

• هل من الممكن لهذا الشخص أن يؤذيني جسدياً أو معنوياً؟

• هل يهدد إخباره خسارة وظيفتي أو طفلي أو منزلي؟

• ما الذي أستفيده من إخبار هذا الشخص عن الموضوع؟

بعد أن استبعدت الناس الذين لا تثق بهم من ذهنك، من تستطيع إخباره؟

لمَ لا تبدأ بإخبار صديقٍ مقرُّب؟ أو أحد أفراد العائلة الذين تثق بهم؟ تذكر كم من الصعاب واجهتماها معاً وازدادت علاقتكم قوة وقرباً، والفيروس في أيامنا هذه ما هو إلا عثرة، فلم مواجهتها وحيداً؟ أو لم لا تخبر أحد أصدقائك الحاملين للفيروس؟ هم يعلمون تماماً الوضع الذي تعيشه، ومن الممكن لنصائحهم أن تساعدك في السير قدماً، والإسراع في العلاج.

لا بدّ أيضاً أن تخبر شركاءك السابقين "جنسياً أو من تعاطيت معهم المخدرات حقناً"، قد يكون أحدهم مصاباً دون أن يعلم! ولا بد أن تخبر الشريك المستقبلي، مهما بدا ذلك صعباً وسبباً للرفض، تذكر أنك أنت لا زلتَ أنت، ومن حقك أن تجد الشريك الذي تريد أن تقضي حياتك معه.

أما مهنياً، فعليك واجباً إخبار العاملين في المجال الصحيّ المسؤولين عن علاجك في المراحل اللاحقة، وإن بدا ذلك صعباً فهو أفضل لسلامتك من اختلاطات دوائية أنت بغنى عنها.

كيف أقول أني حاملٌ للفيروس لمن أثق بهم؟

تذكر أن الإفصاح عن هذا الخبر قد يكون الأصعب على الإطلاق، خصوصاً أن ردات الفعل تتنوع جداً، وقد يكون الأشخاص الأقرب إليك هم الأقسى بردة فعلهم، تماماً كما قد يكونون الأكثر تفهماً وحماية، والأكثر أماناً لدفن أسرارك! عليك أن تجهز نفسك لأي ردة فعل محتملةٍ إيجاباً أو سلباً، من الأفضل أن تخبر الشخص وجهاً لوجه، بحديثٍ في مكان خاص وهادئ ويمنحك الوقت لتتكلم بحريتك.

قد تخبر الآخرين برسالة أو بريد، أو حتى عبر الانترنت، ذلك خيارك في نهاية الأمر.

لا بد أن تهيئ نفسك جداً لتلك اللحظة، وأن تعطي لنفسك الأولوية، لستَ مضطراً للإجابة على كل الأسئلة، وبإمكانك عدم الإفصاح عن تفاصيلَ قد تزعجك أو لا تخدم الحديث.

بنفس الوقت، لست مضطراً لتحمل فيضاً من المشاعر، كن واضحاً بكمية الدعم التي تحتاجها، قد تتطلب من أحدهم عناقاً وأن يسمحوا لك بالبكاء، وتطلب من آخرين أن يتفهموا وضعك فقط، وأن يبقوا الأمر بينكم.

إن كنتَ ستخبر أحد أفراد العائلة ولست واثقاً من ردة فعلهم، أخبر أحد أصدقائك برغبتك بالمبيت عندهم تلك الليلة.

بعد أن أخبرت من أخبرت، تأتي الخطوة الأهم، كيف أحارب الفيروس؟

على الرغم من عدم وجود علاج يقضي على المرض نهائياً، إلا أن الأدوية المتاحة فعالة جداً وقادرة على منح المرضى حياة طبيعية وشبه صحية لفترة طويلة جداً "عادةً بالمحافظة على تناول الدواء تكون الحياة طبيعية تماماً".

الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية "التي ينتمي لها الفيروس" والتي تدعى "ART: Antiretroviral drug" تمنع الفيروس من استنساخ نفسه داخل الجسم، مما يمنح الجهاز المناعي فرصة لإصلاح نفسه والوقاية من الأذية المستقبلية.

معظم المرضى يتناولون أدوية مكونة من خليط من 3 أدوية مضادة للفيروس، وحالياً على شكل حبة واحدة فقط تحوي الأدوية الثلاثة معاً، إلا أن الدواء يجب أن يوصف تحت إشراف الطبيب نظراً إلى أن علاج المرض علاج فردي وليس جماعي، كما يجب تناول هذه الأدوية بشكل يومي مدى الحياة، وأي إهمال للجرعات اليومية يزيد خطر فشل العلاج.

بدون العلاج أو مع خلل بالالتزام بالعلاج يومياً سيتضرر الجهاز المناعي بشكل كبير جداً، وقد تصبح الإصابة بالسرطان أو بأمراض أخرى مهددة للحياة أسهل، وهذا ما يحدث خلال المرحلة الأخيرة من الإصابة بالفيروس والتي تعرف بالإيدز.

ماذا بعد العلاج؟

باستمرارك في العلاج تصل مستويات الفيروس بالجسم إلى مرحلةٍ غير قابلة للكشف بالفحوصات الدموية "Undetectable patients"، فتركيز الفيروس ضمن الدم هو ما يحدد قدرة المرضى على نقل المرض بشكل أكبر أو أقل، وتركيز الفيروس غير القابل للكشف ينقص احتمالية نقل المرض حتى 96%، ومتى وصل المريض في علاجه لمرحلة "غير القابل للكشف (20-75 نسخة فيروسية/مل)" فمن الممكن له أن يحافظ على ذلك المستوى طالما التزم بعلاجه بشكل دقيق، ما يعني أن احتمال كونك سبباً للعدوى يصبح ضئيلاً.

تقول الدراسات أن المصاب عند وصوله للمرحلة غير القابلة للكشف يكون غير ناقلٍ للمرض حتماً خلال أول سنتين من استقرار حالته وحفاظه عليها، أي بتناوله لدوائه بشكل يومي، غير أن الدراسات الحديثة تقول أنه باستمرار استقرار الحالة تنخفض احتمالية نقل الفيروس إلى حدود الصفر، إلا أن نتائج هذه الدراسة ستظهر في هذه السنة 2017، حاملة الجواب النهائي.

ماذا إذا كان الشريك سلبياً "غير مصابٍ بالمرض"؟

تدعى تلك العلاقة بـ Mixed-Status أو "الوضع المختلط" ويعني أن أحد طرفيّ العلاقة حاملٌ للفيروس والآخر ليس حاملاً له، وكثير من الأزواج في يومنا هذا في المجتمعات الأخرى "الغربية" يعيشون هذا النوع من العلاقات.

هذه العلاقات موصوفة دائماً بالخطر، إلا أن الخطر فيها يمكن أن يتناهى لمستويات بسيطة جداً بالتزام الطرفين بالسلوكيات غير الخطرة، على سبيل المثال: الواقي الذكري دائماً وأبداً، والتزام الشريك الإيجابي بدوائه بشكل يومي، أيضاً يمكن للشريك السلبي في بعض الدول الأجنبية الحصول على أدوية الوقاية من الفيروس PrEP التي تقلل خطر إصابته بالفيروس بشكل كبير جداً.

مصطلح جديدٌ متداول مع هؤلاء المرضى هو العلاقة بدون الواقي Condomless sex وهو في حالتهم لا يُعتَبَر ممارسة غير آمنة، إلا أن الدراسات لا زالت تتم حوله.

يمكننا أن نقول ما يلي، في علاقة تكون فيها مستويات الفيروس بالدم للشريك ضمن الحدود غير القابلة للكشف، والشريك الآخر مواظبٌ على أدوية الوقاية الفيروسية PrEP بشكل يوميٍّ أيضاً، فاحتمال انتقال الفيروس يكاد يكون معدوماً "ولو أنه ليس معدوماً بشكل مطلق"، إلا أنه غير محتمل.

بدأت حكومات بعض الدول "الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإنكلترا" منذ السنة الماضية بتزويد الـ PrEP بشكل مجانيٍّ تقريباً للأزواج في علاقات الجنس المختلط، ويتم الآن دراسة الموضوع لاستقدام الدواء إلى دول أوروبية أخرى للتعامل بشكلٍ أفضلَ مع تلك العلاقات، وتزويد أفرادها بحياة جنسية أقرب ما تكون إلى الطبيعية.

الأدوية والحمل:

لا تتعارض الأدوية المضادة للفيروس مع الحمل، على العكس فإنها تخفض احتمالية انتقال الفيروس إلى الجنين حتى 1%، مع إمكانية الولادة المهبلية بشكل طبيعي، غير أنه في حالات خاصة قد ينصح الطبيب مريضته بالقيصرية كحل أفضل، أما الإرضاع فغير مسموح به أياً كانت الحالة، ذلك أن الفيروس ينتقل عن طريق حليب الأم.

في حال إصابة أحد الشريكين بالفيروس ورغبتهما بالحمل فهنالك وسائل إخصاب متعددة يمكن اللجوء لها دون تعريض الطرف الآخر لخطر الإصابة بالمرض.

مصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا