الطب > علوم عصبية وطب نفسي

قراءة الروايات تحفز نشاط الدماغ! فهي ليست مجرد خيال بعد الآن

شي مرة كنت قاعد بغرفتك وعم تقرا رواية وكتير مندمج ومستمتع، وإذ.... بيدخل حدا من أهلك وبشوفك عم تقرا وبسمّعك الكلمات المعتادة: "يا ابني/بنتي شو هاد اللي عم تقراه؟ حاجة تضييع وقت. لاقيلك كتاب مفيد أو شغلة مفيدة تعملها أحسن من هالروايات والحكي الفاضي!".

يا ترى شو رح تكون ردّة فعل أهلك إذا عرفوا عن هالبحث الجديد اللي عملوه بأميركا؟

عندما يشعر الإنسان بأنّه مأسور بالرواية التي يقرأها فهو يختبر حدثاً حقيقياً وليس مجرّد خيال، حيث قال العلماء في بحث أُجري في جامعة Emory في الولايات المتحدة أنّ التغيّرات المُقاسة في الدماغ تستمرّ لمدة خمسة أيام على الأقل بعد الانتهاء من قراءة إحدى الروايات الجيدة. وذلك بسبب الاتّصالية العالية في الدماغ والتغيّرات العصبية الناتجة عن القراءة، والتي تدوم لمدة معيّنة بطريقة مشابهة لذاكرة العضلات (muscle memory: مصطلح يستخدم للإشارة إلى زيادة سهولة أداء المهام العضلية المتنوّعة بعد التمرين السابق عليها، وكأنّ للعضلة ذاكرة تجعلها قادرة على القيام بالحركة أو التمرين بعد مرور فترة زمنية على أدائها سابقاً).

سُجِّلت التغيّرات في القشرة الصدغية اليسرى، وهي منطقة من الدماغ مرتبطة بقابليّة التأثّر والانفعال باللغة، وسُجّلت كذلك في المنطقة الحسّية الحركية الأوّلية من الدماغ. ومن المعروف أنّ العصبونات (الخلايا العصبية) في هذه المنطقة ترتبط بخداع العقل وجعله يعتقد بأنّه يقوم بشيء لا يقوم به في الواقع. وهذه الظاهرة معروفة باسم الإدراك الهابط (أو الإدراك المسحوق grounded cognition)- على سبيل المثال، مجرّد التفكير بالركض ينشّط العصبونات المرتبطة بالفعل الجسدي للركض.

و قال البروفيسور وعالم الأعصاب غريغوري بيرنز Gregory Berns: "إنّ التغيرات العصبية التي وجدناها مرتبطةً مع الإحساس الجسدي وأنظمة الحركة تُبيّن بأنّ قراءة رواية بإمكانها أن تنقلك إلى جسد بطل الرواية.. إنّنا نعلم مسبقاً بأنّ القصص الجيدة بإمكانها أن تضعك مكان شخص آخر بطريقة رمزيّة أو مَجازِيّة. أما الآن فنحن نرى بأنّ ذلك يحدث أيضاً على المستوى البيولوجي."

أُجريت الدراسة على 21 طالباً قرؤوا جميعهم الكتاب نفسه "بومبي Pompeii" لروبرت هاريس. تدور القصة حول بطل الرواية، الذي هو من خارج مدينة بومبي، وقد لاحظ البخار والأشياء الغريبة التي تحدث حول البركان. تصوّر الرواية أحداثاً حقيقيةً بطريقة درامية وتخيّلية. وكانت قوّة الخطّ القصصي التي تميّزت بها الرواية مهمّة للدراسة. (يُعرَف أنّ بومبي هي مدينة إيطالية قديمة تقع على سفح جبل بركان فيزوف، وقد تدمّرت عام 79 ميلادي بسبب ثوران البركان، ولم يبقَ منها اليوم إلا آثارها).

كان الطلاب يقرؤون مساءً لمدة 19 يوماً جزءاً من الرواية، وفي صباح اليوم التالي يقومون بتصوير أدمغتهم بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI. وحالما تمّ إنهاء الكتاب قام الباحثون بتصوير أدمغتهم لخمسة أيام متتالية.

لقد كانت التغيّرات العصبية مستمرّة للخمسة أيام التي تلت انتهاء قراءة الرواية. ذلك ما أثبت بأنّ التأثير ليس فقط ردّ فعل لحظي، ولكنّه تأثير مستمر. دعا البروفيسور بيرنز هذا الشيء بالنشاط الظلّي shadow activity، وهو مشابه تقريباً لذاكرة العضلة.

وهلأ قولولنا: بتحبوا الروايات؟ وشو أكتر رواية استمتعتوا فيها وحسّيتوا بعد ما خلّصتوها إنو نشاط أدمغتكون اختلف عن قبل ما تبدوا بقراءتها؟

المصدر: هنا