الفنون البصرية > سلسلة تاريخ الفن

سلسلة تاريخ الفن 2- فن بلاد ما بين النهرين: السومريون - الأكاديون - البابليّونين

استمع على ساوندكلاود 🎧

تُعرف بلادُ الرافدينِ حديثاً بالعراقِ، وهي أرضٌ منبسطةٌ في جنوبها وعرةٌ تكثر فيها الجبالُ بالشمالِ، ويخترقها نهرا دجلة والفرات.

استوطنها الإنسانُ بحسبِ الدراساتِ في الألفية السادسةِ قبل الميلاد، أي في الفترةِ الانتقاليةِ من العصرِ الحجريِّ الحديثِ إلى العصرِ النحاسيِّ. وقد تعاقبتْ على بلادِ ما بينَ النهرينِ عدةُ حضاراتٍ، أشهرها سَوْمَرُ وأكَدُ وبَابِلُ وآشـورُ وكلدانُ.

السَوْمَرِيون:

اشتُهرت بلاد الرافدين بالعمارةِ الدينيةِ فبنى السومريونَ المعابدَ والمذابحَ. وكانت بداية العمارةِ الأثريةِ لديهم هي بناءُ معابدَ إمّا بشكلٍ بسيطٍ مسطّحٍ أو فوق مصطبةٍ مرتفعةٍ هُيِّئت لهذا الغرض. وقد بُنيت المعابدُ من الطوبِ الطينيِّ، وهو ما يفسِّر اختفاءَ معظمِ المعالمِ العمرانيةِ لهذه الحضارةِ في وقتنا الحالي. فللطوبِ الطينيِّ عمرٌ أقصرُ من الحجرِ أو الغرانيتِ الذي استخدمه الفراعنةُ لبناءِ أهراماتهم.

وقد زيَّن السومريون جُدرانَ معابدهم بالزخارفِ والنقوشِ وقاموا بصنعِ مخاريطَ من الطين لوَّنوها بأصباغٍ زاهيةٍ وألصقوها على الجدرانِ لتُشكَّل لوحةً فسيفسائيةً خلابةً.

أما التماثيلُ فارتبطت بالمعابدِ وأعطت صورةً واضحةً لهيئةِ الرجالِ والنساءِ في ذلك الزمانِ. إذ صوّرت هذه التماثيلُ الرجالَ وهم وقوفٌ أو جلوسٌ مع أيدٍ منعقدةٍ وكأنهم يتضرعونَ لآلهتهم. ارتدى الرجالُ التنانيرَ الصوفيةَ وكانوا عراةَ الصدورِ فيما غطى بعضهم كتفاً واحداً بقطعةٍ قماشيةٍ طويلةٍ. وتميزوا بذقونٍ طويلةٍ وشعرٍ طويلٍ. فيما لُوِّنت العيونُ والحواجبُ بألوانَ لافتةٍ للنظرِ.

وقد تعددت أنماطُ تصفيف الشعر لدى النساء ولكنَ أغلبها اعتمدَ على اللفائفِ المصففةِ من الأذنِ إلى الأذنِ مع عقدةٍ في الخلفِ، وأخفت بعضهن شعرها بغطاءٍ للرأسِ مصنوعٍ من الكتّان.

ولصعوبةِ الحصولِ على الحجارةِ في بلاد ما بين النهرينِ صنع السومريونَ بعضَ تماثيلهم من النحاسِ أو بعضِ المعادنِ الأخرى.

ومن ضمنِ التماثيلِ التي تعطينا صورةً واضحةً عن الفنِ السومريِّ هي القطعُ الأثريةُ من مقابرَ أور الملكيةَ التي اكتشفها عالم الآثار ليوناردو وولي، مثل تمثالِ رأسِ الثورِ الذي يزينُ قيثارةً. نلاحظ أن هذا الرأسَ مصنوعٌ من الخشبِ والذهبِ وله لحيةٌ من اللازوردِ.

ووَجدَ وولي أيضاً في المقابرِ السومريةِ لوحاً يُصوِّر الحربَ، (لوحةُ الحربِ في أور) وهو لوحٌ خشبيٌّ نُحتَ عليه على الوجهينِ مشاهدُ السِّلمِ والحربِ في مدينةِ أور السَوْمرية وقد رُصِّعَ بالجواهرِ والأحجارِ الكريمةِ.

الزِقُّورات Ziggurats:

بنى السومريونَ معابدهمُ بشكلٍ بسيطٍ مسطَّحٍ أو فوق مصطبةٍ صُممت لهذا الغرضِ لكنَ العمارةَ السومريةَ بلغت أوْجَ ازدهارها في بناءِ وتصميمِ الزقُّورات، وهيَ مدرجاتٌ بُنيَ في أعلاها معابدٌ للكهنةِ.

ومن تلكَ الزقوراتِ الحدائقُ المعلقةُ، وهي ليست معلقةً بالمعنى الحرفيِّ للكلمةِ وإنما تبدو مرتفعةً في الهواءِ. وهي عبارةٌ عن حدائقَ تُرّاسيةً مكشوفةً مُدرجةً ضمن سلسلةٍ من الزِقُّورات.

الأكاديون:

غزا سرجون الأكاديَّ المدنَ السومريةَ وأنشأ أولَ إمبراطوريةٍ في بلاد ما بين النهرينِ، وقد أثَّر هذا في الحياةِ السياسيةِ والفنيةِ للبلاد. تزايد ولاءُ الشعبِ لسرجون الأكادي ولمَن خلَفهُ في الحكم. وانعكس المفهومُ الجديدُ للدولةِ المَلَكيةِ بالفنونِ فأصبح الفنُ علمانياً عكسَ ما كان عليه في زمن السومريين.

العمارة الأكادية:

قام الأكاديون بإعادةِ إعمارِ وتوسيعِ المعابدِ السومريةِ إلى جانب بنائهم للقصورِ والحصونِ المنيعةِ. وقد وصَلَنا اثنانِ من التماثيل الأكادية أحدُهما من البرونزِ والآخرُ من الحجارةِ، ويُعتقد أن تمثالَ البرونزِ يُصوِّر سرجون الأكادي مرتدياً شعراً مستعاراً يعودُ إلى زمنِ السومريين. ونُلاحظ في التماثيلِ الأكاديةِ دقةً في التصويرِ والنحتِ أكثرَ منها في التماثيلِ السومريةِ.

البابليّون:

دام حكمُ الأكاديين حوالي القرنينِ تلتها فترةُ اضطراباتٍ سياسيةٍ ونزاعاتٍ حول السلطةِ ومحاولاتٌ من السومريينَ لاستعادةِ البلادِ ونجحَ السَوْمريون بذلك لفترةٍ وجيزةٍ واستعادوا حكمهم قبل أن تعود موجةُ الاضطراباتِ السياسيةِ للظهورِ تارةً أخرى، حتّى جاءَ الملكُ حمورابي فوَحَّد بابلَ ووضع واحدةً من أقدمِ الشرائعِ المكتوبةِ في التاريخِ والتي تُعدُّ بدايةَ سَنِّ الحقوقِ والقوانينِ المدنيّةِ.

المصدر:

هنا

هنا