الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية

هل للفستق الحلبي دورٌ في صحة القلب؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

من المعروفِ أنّ زيادة اللّونِ الأخضرِ في الحمية الغذائية تزيدُ من توازُنِها، مما ينعكسُ إيجاباً على الصحة. والمقصود باللونِ الأخضر هنا الخضارُ بأنواعِها، ولكنّ مقالنا هذا سيتطرق إلى نوعٍ آخر من الأخضرِ الأكثرِ تميزاً ولِذّة، وهو الفستق الحلبي Pistachios. فقد كان هذا المكوِّنُ الأخضرُ موضعَ اهتمامِ الباحثين في جامعة University Park بولاية Pennsylvania الأمريكية، حيث أُجريَت أولُ دراسةٍ لتقصّي تأثيرِ الفستقِ الحلبيّ على مستوياتِ كوليسترولِ الدم.

أجرى الباحثونَ ضمنَ هذهِ الدّراسةِ تجربةً لاختبارِ تأثيرِ الفُستقِ الحلبيّ على عواملِ خطورةِ الأمراضِ القلبيّةِ الوعائيّةِ وذلك عند إضافته إلى حميّةٍ صحيّةٍ معتدلةِ الدسمِ، إذ تمّ تزويدُ المشاركينَ بجميعِ وجباتِ الطعامِ خلالَ مدّةِ الدراسة منعاً لأيّ تداخلٍ قد يُؤثّرُ على النتائج.

بدأ المشاركونَ في الدراسةِ بتناولِ نظامٍ غذائيٍ أمريكيٍ تقليديّ، يحتوي على 35% من الدهونِ الكليّة، و11% من الدهونِ المشبعةِ لمدّة أسبوعين. ثم قاموا باختبارِ ثلاثةِ أنظمةٍ غذائيةٍ على مدى أربعةِ أسابيعَ لكلّ نظامٍ، مع استراحةٍ مدّتُها أسبوعان بين كلّ نظامين متتاليين، وكانت الأنظمةُ الغذائيةُ الثلاثةُ كالتالي:

- النظامُ الأول (نظامُ المقارنة): خالٍ من الفستقِ الحلبيّ ،ويحتوي على 25% من الدهونِ الكليّة، و8% من الدهونِ المشبعة.

- النظامُ الثاني: مضافٌ إليهِ الفستقُ الحلبيّ بنسبة 10%، ويحتوي على 30% من الدهونِ الكليّةِ و8% من الدهونِ المشبعة.

- النظامُ الثالث: مضافٌ إليهِ الفستقُ الحلبيّ بنسبةِ 20%، ويحتوي على 34% من الدهونِ الكليّة، و8% من الدهونِ المشبعة.

تناولَ المشاركونَ نصفَ الفستقِ الحلبيّ كوجباتٍ خفيفةٍ، أما الكميةُ المتبقيّةُ فكانت مُدمجةً في وجباتِهم اليومية.

أظهرَت النتائجُ التي تمّ نشرُها في مجلةِ the American Journal of Clinical Nutrition أنّ إدخالَ الفستقِ الحلبيّ في نظامٍ غذائيٍ صحيٍ يؤثّرُ إيجاباً على عواملِ الخطرِ القلبيّةِ الوعائيّةِ وبطريقةٍ تعتمدُ على الجرعةِ المستخدمة. وقد تعودُ هذه الفعاليةُ إلى تأثيرِه على ستِيارويْل كوإنزيم A ديْساتورازStearoyl CoA Desaturase (SCD)، وهو من أهمِّ الإنزيماتِ المشاركةِ في استقلابِ الكوليسترول واصطناع الأحماض الدسمة، وقد استُخدِمَت النسبةُ بين الحمضَين الدسمَين "بالميتوأولييك 16:1" و"الستياريك 16:0" كمؤشرٍ للأنزيم SCD.

وبيّنَت النتائجُ أنّ النسبةَ 16:1/16:0 قد انخفَضت بشكلٍ كبيرٍ بعد تناولِ النظام الغذائي المحتوي على 20% من الفستقِ الحلبيّ مقارنةً مع مجموعةِ الشاهد (المقارنة) والتي لم يتناول أفرادُها الفستقَ الحلبيّ، مما يدُلّ على نقصِ فاعليةِ إنزيم SCD. كما ترافقَ التغيرُ في نسبةِ 16:1/16:0 بتغيّرِ مستوياتِ الكوليسترول، ممّا يدُلُّ على مشاركةِ إنزيم SCD في فعاليةِ الفستقِ الحلبيّ الخافضةِ للشحوم.

وبالمقارنةِ مع النظامِ الغذائيّ الخالي من الفستقِ الحلبيّ، تبيّنَ أنّ النظامَ المحتوي على 20% من الفستق الحلبيّ قد خفّضَ الكوليسترول السيء LDL بحوالي 12%، أمّا النظامُ الغذائيّ الحاوي المحتوي على 10% من الفستقِ الحلبيّ فقد خفّضَ الكوليسترول السيءLDL بمقدار 9%، أي أنّ خطورةَ أمراضِ القلبِ التاجيّةِ قد تراجَعَت بمقدارِ 9-12%.

كما تبيّنَ أن النُظُمَ الغذائيةَ المحتويةَ على 10-20% من الفستقِ الحلبيّ تمتلكُ تأثيراتٍ على نسبتَي الكوليسترول الكلي إلى السيء، والكوليسترول السيء إلى الجيد، واللتان تعتبران من أقوى مؤشّراتِ الخطورةِ في الأمراض القلبيةِ الوعائيةِ، وذلك بطريقةٍ معتمِدةٍ على الجرعة.

أخيراً، فقد كان من المثيرِ للاهتمامِ أنّ الانخفاضَ الملحوظَ في مستوياتِ الكولسترول السيء كانَ أكبرَ بسبعِ مراتٍ من الانخفاضِ المتوقّعِ لدى استخدامِ الأحماضِ الدهنية المُميِزةِ للفستق الحلبي فقط، ومن المرجّحِ أن يعود ذلك إلى بعضِ الموادِ الفعالة حيوياً الموجودةِ في الفستقِ الحلبي، كالستيرول النباتي والألياف، والتي عملَت جمباً إلى جنبِ مع أحماضِه الدهنية في إحداثِ التأثيرِ الملحوظ.

المصدر: هنا