البيولوجيا والتطوّر > التطور

الميغالودون Megalodon...وحش المحيطات القديم

استمع على ساوندكلاود 🎧

منذ سبعةَ عشَرَ مليون عام ولزمانٍ طويلٍ جداً، قد يصل إلى خمسةَ عشَرَ مليون عام، سيطر مخلوقٌ فائق الفتك والضخامة على أعماق المحيطات، كان يُسمَّى القرشَ الأبيضَ العملاق أو الميغالودون، ولأنَّه كان يستهلك كمياتٍ كبيرةً من المخلوقات البحرية لتغذيته، فإنَّه أسهم في الحفاظ على النظام البيئي البحري في ذلك الوقت، ولهذا السبب فإنَّه من الضروري أن نتعرَّفَ عليه لنفهمَ التوازنَ الدقيقَ والأصولَ التطوريةَ للقرش الحالي، وفي خلال ذلك سنأخذكم معنا في رحلة ممتعة نتعرَّف فيها على هذا الضاري العملاق.

يبلغ طولُ القرش الأبيض العملاق زُهاءَ عشرين متراً، ويُعدُّ هذا الطول تقديرياً يعتمد على حجم الأسنان، لأنَّ القروشَ تمتلك هيكلاَ غضروفياً عادة، وهذا ما يمنعها من التحجر، ومن نافل القول إنَّ هذا الحجم يُعدُّ أضخمَ بكثير من أي قرشٍ يعيش حالياً.

فك ميغالودون

علام كان يتغذى؟

يكاد العلماءُ يجزمون أنَّ هذا القرشَ من اللواحم رَغم جاذبية الفكرة التي طرحها فيلم فايندينغ نيمو حول القروش النباتية، ويُعتقد أنَّه كان يتغذى على الحيتان والأسماك الضخمة ليلبيَ احتياجاتِه اليوميةَ الهائلةَ من الغذاء.

كيف قُدِّرَت أعمار القرش الأبيض العملاق؟

عدَّ العلماء الحلقاتِ على جزءٍ من هيكل الحيوان الفِقاري يقابل الفقراتِ الظهريةَ عند الإنسان؛ إذ من المعروف أنَّ القرشَ من ذوات الدم البارد، أي أنَّه ينظم حرارتَه عن طريق مصادرَ خارجية، ومن صفات هذه الكائنات تمتُّعُها بحلقات سنوية عمرية تشبه تلك التي تتميز بها الأشجار من حيث المبدأ.

حلقات الشجرة في مقطع عرضي تستخدم لحساب عمرها

صورة لمقطع عرضي لسن ميغالودون وعن طريق الحلقات نقدر عمر القرش

لماذا سمي بهذا الاسم: Carcharocles megalodon؟

تعني كلمة ميغالودون السنَّ العظيم، وتعود هذه التسمية إلى ضخامة أسنانه -التي دُرِست كمستحاثات- إذ يبلغ طولُ أحدِ أسنانه التي وُجدت حوالي ثمانية عشَرَ سنتيمتراً (ولذلك فلا عجب أنَّه ومنذ 400 عام، عدَّ البعض هذه الأسنانَ لسانَ قرشٍ متحجرٍ).

سن ميغالودون

كيف لنا أن نقدرَ وحشيَّتَه وضخامتَه بمعايير الافتراس؟

من المثير للاهتمام أنَّ هذا القرشَ كان يتغذى على الحيتان البالينية؛ إذ وُجدت آثارُ أسنانه بل وأسنانه أحياناً على عظام إحاثية تعود إلى هذه الحيتان، ومن ناحية الضخامة يكفي لنا أن نعرفَ أنَّه كان يزن عشْرةَ أضعاف القرش الأبيض الكبير الذي يعيش حالياً في محيطاتنا.

صورة تخيلية للميغالودون بجانب قرش معاصر للمقارنة بين حجميهما

هل ما يزال الميغالودون يعيش أم انقرض؟

فيما لا يزال البعض يدعي أنَّه ما زال موجوداً فإنَّ غالبيةَ المجتمعِ العلمي مقتنعةٌ أنَّه انقرض، رَغم أنَّ أسبابَ انقراضه لا تزال سراً محيراَ، ولكن يُعتقد أنَّ أحدَ أهم أسباب انقراض القرش الأبيض العملاق هو انسدادُ الطريق البحري الأمريكي المركزي نتيجة تكوّن أرض جديدة (أي تشكل برزخ بنما البري على الممر البحري الذي كان يصل طبيعياً بين المحيطين الأطلسي والهادئ) وبالتالي توقفت التياراتُ بين الطرفين فبردت المياه ما جعلها غيرَ ملائمةٍ لهذا الكائن الذي يُعدُّ المخلوقَ البحري المفترس الأضخم الذي سبح في مياه الكرة الأرضية (الحوت الأزرق يصل طوله إلى ثلاثين متراً لكنه ليس مفترساً تماماً، فهو يأكل القشريات الصغيرة).

ما الفروق بين القروش الحالية والميغالودون من ناحية السلوك الافتراسي؟

فيما تشير المشاهداتُ المتكررة إلى أنَّ القروشَ الحالية تهاجم بطنَ فريستها غالباً، فإنَّ أسنانَ الميغالودون تبدو متلائمةً مع عملية تقطيع الأوتار ما حدا بالعلماء إلى اقتراح أنَّه كان يُفضِّل مهاجمةَ زعانف ضحاياه مانعاً إياها من الهرب.

وأخيراً، أين كان هذا المفترس يعيش؟

يُعتقد أنَّ الميغالودون كان يعيشُ في مياه العالم البحرية كلِّها، أي ليس له موقعٌ محددٌ أو عوائقُ معينةٌ منعته من استيطان مياه ما.

والآن، بعد أن استعرضنا معكم أهمَّ الحقائق عن هذا الكائن الفريد، يبقى الحكمُ لكم في مسألة كونه الكائنَ الأكثر إرعاباً في العالم أم لا، ولكن مما لا شك فيه أنَّ أغلبيةَ الناس لن يتمنوا أن يروه حياً وجهاً لوجه، إلَّا من وراء شاشات حواسيبِهم وهواتفهم!

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا