الرياضيات > الرياضيات

البعد الرّابع، هل هو موجودٌ حقاً؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

نحنُ نعيشُ في عالمٍ ثلاثيِّ الأبعاد يملكُ ثلاثةَ مقاييس وهي الطّول والعرض والعمق (أو الارتفاع)، ولكنّ الحديث عن أبعادٍ أخرى يُشكِّل موضوعاً مثيراً للاهتمام، فنحن لا نملكُ أدلّةً تجريبيّةً لتدعمَ هذا الكلام، ولكن يبدو أنّه يلائم النّماذجَ الرّياضيّةَ لبعضِ النّظريّات كنظريّةِ الأوتار (والّتي تتطلّب 11 بعد).

أظهرَتِ النّماذجُ الرّياضيّة أنّها دائماً دقيقةٌ عندَ وصفِ الواقع، ولكن عندما تصفُ شيئاً لا يمكننا إدراكه فمن نصدِّق؟ حواسنا؟ حدسنا؟ أم تلك النّماذج؟

قدَّمَ العالم كارل ساغان مقدمةً رائعةً عن فكرةِ وجودِ الأبعادِ الأخرى استناداً على رواية (Flatland)، وهو يتصوَّرُ الواقعَ كما لو أنّه يُختبَرُ من قِبَلِ كائنَين ثنائيَّي البعد.

يمكن مشاهدة هذا الفيديو من خلال الرّابط التّالي:

هنا

تُمثّل أشرِطةُ موبيوس Mobius (للإطّلاع على مقالنا الخاص بشريط موبيوس

(هنا)

طريقةً جيدةً لندخل هذه الطّبولوجيا الغريبة (أشكال ثنائيّة البعد بوجهٍ واحدٍ فقط).

هناك العديدُ من التّطبيقاتِ الممتعةِ لأشرِطة Mobius، ولنجرّب معاً هذا المثال:

أولاً لنأخذ قلم ونُثبِت بأنّه يمكنُ رسمُ خطٍ على طول الشّريط دونَ رفعِ القلم، ومن ثمَّ نقوم بقصّ الشّريط من منتصفه وعلى طول الشّريط.

في التّجربة الثّانية فلنأخذ شريطاً آخر ونقصّه بحيثُ يكون أقرب لأحد الطّرفين بنسبة (3/1)، حاول أن تتنبّأ ما الّذي سيحصل بكلا الحالتين، ثمَّ جرّبها بنفسك!.

أمّا الآن لنتحدث عن المكعبِ الزّائديِّ أو المكعب الفائق (Hypercube or Tesseract) وهو عبارةٌ عن التّناظرِ النّونيّ البعد للمربّع.

ستتيحُ الصّفحة لنا أن ننمذِجَ مكعبات زائدية من البعدِ الأوّلِ أو الثّاني أو الثّالث وذلك من خلالِ مكعبٍ ذو بعدٍ أعلى في كلِّ مرّةٍ.

يمكننا أيضاً أن نخلقَ تصوّراً ثلاثيَّ الأبعادِ للمكعبِ الزّائديِّ وذلك باستخدام بعض العيدان!

أولاً علينا أن نصنعَ مكعبَين ثم نصلُ كلَّ رأسٍ من المكعبِ الأوّلِ مع الرّأسِ المقابلِ من المكعبِ الثّاني كما في الشكل:

و إن أردنا أن نُعمِّقَ نقاشنا أكثر، يمكنكم مشاهدةُ الفيديو الكرتونيّ التّالي الّذي يأخذنا في رحلةٍ مدتها عشرُ دقائق لنتخيّل عشرةَ أبعاد!

يمكن مشاهدة الفيديو من خلال الرّابط التّالي:

هنا

ومنَ المثيرِ للاهتمام أنّ نفكِّرَ لماذا يعتقدُ الرّياضيّون بوجود 11 بُعد؟

كلُّ ما سبقَ يقودُنا إلى الحديثِ عن الاختباراتِ التّجريبيّة، فإن لم يكن باستطاعتنا أن نختبرَ نظريّةً رياضيّةً ما، فماذا سيُميّزها ويجعلها مختلفةً عن أن تكون مجرَّدَ مُعتقد؟

من المثير للاهتمام أنّ هذه النظريّة يمكن اختبارها، من خلال إيجاد انتهاكاتٍ مُحتملةٍ في قانون التّربيعِ العكسيِّ للجاذبيّة .

تتوقّعُ النّظريّةُ الحاليّةُ أنّ الأبعادَ الأخرى صغيرةٌ للغايةِ، ولذلك سنلاحظ آثارها على مقياسٍ صغيرٍ للغاية.

ومنَ المتوقَّعِ أنّ التّربيعَ العكسيَّ الّذي يحكمُ الجاذبيّةَ بين جسمّين سوف يُنتهك على المستوى الميكروسكوبيّ إن كانَ هناك أبعادٌ أخرى لأنَّ قوّةَ الجاذبيّةِ سوفَ "تتسرّب" إلى تلك الأبعاد.

يتابع علماء الفيزياء القيامَ بتلك التّجاربِ حاليّاً، ولكن لم يجدوا حتّى الآن أيَّ انتهاكٍ للتّربيعِ العكسيِّ للجاذبيّةِ، ولكن مثلُ هذا الاكتشاف سيكونُ من أعظمِ الاكتشافات العلميّةِ على الإطلاق.