الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

هل تعاني من حرقة المعدة؟ إليك هذه النصائح الغذائية..

استمع على ساوندكلاود 🎧

إنّه ذلك الشعور الحارق الذي ينسيك السعادةَ التي شعرت بها بعد تلك الوجبة اللذيذة..

لا بدّ وأنّه الحليب.. لا.. من المؤكد أنها تلك الشطيرة التي تناولتُها في وقت متأخر ليلةَ البارحة..!

لقد مرّ معظمُنا بهذه الحالة في يوم من الأيام، علمياً تُسمّى بالجَزْرِ المِعَدِيّ المَريئِيّ(Gastroesophageal reflux disease (GERD، وعادةً ما نشيرُ إليه بحرقةِ أو حموضةِ المعدة، ومهما كانت التسمية التي تفضِّلونها، فهي تلك الحالة المزعجةُ التي تُرتجع فيها محتوياتُ المعدة إلى أعلى أنبوبِ المريء، مما يؤدي إلى حدوثِ حرقة في المعدة وألمٍ في الجزءِ الشرسوفيّ الواقع فوقها مباشرةً.

يمكن للإحساس المتولّد عن هذه الحالة أن يختلف من شخصٍ لآخر، إذ يشعر البعض وكأنّ الطعام ما زال عالقاً في الحلق، في حين يبدو للبعضِ على شكلِ حرقةٍ في الصدر، وقد يترافق أحياناً بشعورٍ بالغثيان بعد تناول الطعام. وتصادفُ أحياناً بعض الأعراض بدرجةٍ أقل التجشّؤ، واللهاث، والتهاب الحلق، وتغيرات الصوت، والتقيؤ.

يجب الانتباه إلى أنَّ الاستلقاءَ مباشرةً بعد تناولِ الطعام يزيد هذهِ الأعراضَ سوءاً، كما يمكن أن تزداد في الليل لدى بعض الأشخاص، ويُنصح هؤلاءِ برفعِ رؤوسهم عند النوم، وتجنّبِ تناول الطعام في وقت متأخر.

وبما أن حرقة المعدة (ارتجاع المريء أو الجزر المعدي المريئي) عبارةٌ عن اضطرابٍ هضمي، فإنَّ الرابطَ بينها وبين النظام الغذائي لا يمكن إنكارُه، وعليه فإنَّ إحداثَ بعضِ التغيرات في النظامِ الغذائي ونمط الحياة قد يعالجُ أعراضَ حرقة المعدة.

ما هي إذاً الأغذية التي تزيد سوء أعراض حرقة المعدة؟

من أهم الأغذية التي تؤثر سلباً على أعراض حرقة المعدة اللحومُ الغنية بالكوليسترول والأحماضِ الدهنية، والزيوت والأطعمة مرتفعةُ الدهون، والتي قد تسبب ارتخاء المَصَرَّة المعدية، إضافةً إلى الملح في حال تناولِهِ بكمياتٍ كبيرة، والأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل كالحليب واللحم والجبنة، والذي يُرجّح أن يكون ناتجاً عن احتوائها على الأحماض الدهنية المشبعة.

وقد وجد الباحثون في إحدى الدراسات أنَّ الأطفال الذين يعانون من الحساسية تجاه حليب البقر كانوا أكثرَ عرضةً للمعاناةِ من أعراض حرقةِ المعدة بعد شربِه، وما زالت تلك العلاقةُ غيرَ مثبتةٍ لدى البالغين وتحتاج مزيداً من البحث والدراسة. ولكن يُفضّل استبعاد منتجات حليب الأبقار فور ملاحظةِ حدوث الأعراض بعد تناولِها.

وينصح الأطباء الأشخاصَ الذين يعانون من الجَزْرِ المعديّ المريئيّ بالامتناع عن تناول الشوكولا، والنعناع، والمشروبات الغازية، والأطعمةِ والمشروبات الحامضية أيضاً كصلصة البندورة وعصير البرتقال والقهوة، علماً أن هذه الأطعمةَ قد تعمل كعامل محفّز لحرقة المعدة ولكنها لا تنطبق على الجميع بالضرورة.

ماذا عن الأطعمة التي تخفف من أعراض حرقة المعدة؟

حتى وقتٍ قريب، لم يكن تأثير الحميةِ الغذائية على أعراض حرقة المعدة مدروساً بشكلٍ كافٍ، إلّا أن دراسةً أجريت في العام 2013 بيّنت بعض أنواع الأطعمة التي يمكن أن تخفف من الأعراض الملحوظة، ومنها:

البروتينات من المصادر الغذائية منخفضة الكوليسترول، مثل التونا والسلمون والكاجو واللوز والعدس. بعض الكربوهيدرات المتواجدة في الفواكه والخضروات وبعض الحبوب. الفيتامين C من بعضِ المصادر غير الحامضية، كالبطاطا. بعض أنواع الفاكهة، كالتوت والتفاح والبطيخ والدراق والحمضيات والبندورة.

وعلى عكس بعض الأطعمة الحاوية على الكوليسترول، ينضمّ البيض إلى قائمة الأطعمة التي تفيد في تخفيف حدّة الأعراض. أما بالنسبة للألياف، فقد وجدَ الباحثون أنَّ زيادةَ تناولِها يؤدي إلى التخفيف من أعراض حرقة المعدة وارتجاع المريء.

طُرحت من جهةٍ أخرى فكرةُ الاستفادة من الأطعمة الغنية بالأحياء الدقيقة المفيدة (أو ما يُعرف بالبروبيوتيك) بهدفِ إعادة التوازن إلى الفلورا المعوية، الأمر الذي قد يساعد في حل هذه المشكلة، وتأتي الأطعمة المتخمّرة في مقدمة قائمة الأطعمة التي يُنصح بها لهذا الهدف، ومنها اللبن، والمخللات وخاصةً الملفوف، والكيفير Kefir (أحد أنواع منتجات الألبان) والكيمتشي Kimchi (وهو طعامٌ كوري شبيه بالمخلل)، والشاي المخمّر. كما يلجأ البعض إلى استخدام لحاء نبات الدرداء كمصدرٍ للصموغ التي تغلّف جدار الحلقِ والمعدة ويحمي من الأحماض الموجودة فيها.

ونظراً لأن هذه الإجراءاتِ الاحترازية لا تعتبر حلّاً قاطعاً للمشكلة، فقد شجّعت الكلية الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي عبر توجيهاتها المنشورة على معالجة الجهاز الهضمي بشكلٍ نهائي بدلاً عن مجرد الاكتفاء بالابتعاد عن تلك الأطعمة المحفّزة، وذلك بالاعتماد على مضادات الحموضة أو بعضِ الأدوية والتي لا يُنصح بأن تتجاوزَ مدةُ استخدامها الأسبوعين أو الثلاثة كحدّ أقصى. ويُذكر أنَّ خسارةَ الوزن الزائد تساعدُ أيضاً في تخفيف أعراض حرقة المعدة لدى الأفراد الذين يعانون من البدانة.

وفي حال لم تفلح الأدوية أو تغييراتُ نظام الحياة في العلاج، يُنصح عندها باللجوء إلى الجراحة بعد مراجعةِ الطبيب المختصّ.

المصدر:

هنا