علم النفس > القاعدة المعرفية

الخروج من الجسد..الجزء الأول

" شعرت كأنني أُسحب خارج جسدي .. وأطفو بخفة بعيداً عنه أقداما عدة " .. هذا ما قاله " إد يونغ " الذي عايش تجربة تدعى " الخروج من الجسد " .

الخروج من الجسد - Out of Body Experience

( الجزء الأول )


توصف هذه الظاهرة بأنها انفصال الوعي عن الجسد المادي ، تتظاهر بشعور الشخص أنه بمكانين مختلفين ، وأن بإمكانه رؤية جسده من الأعلى كأنه يحلّق فوقه ، ويصفه البعض كأنه شعور عالي بالخفة أو الإحاطة بالنور . عادة ما يربط الناس هذا النوع من الظواهر بالخوارق وأمور ما وراء الطبيعة ، لذلك فهم يترددون في الحديث عنها ، لكن ما لا يعلمه الكثير أن هذه الظاهرة شائعة الحدوث ، كما واختلف تفسير هذه الظاهرة بين العلم وبين المعتقدات والأساطير عبر التاريخ . يطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم “ OBE “ ( اختصارا لـ Out of Body Experience ) ، وذلك كبديل للمصطلحات المرتكزة على المعتقدات ( كالإسقاط النجمي ، سَفَر الروح .. الخ ) . وفيما يربط المختصون بأمور التخاطر وما وراء الطبيعة هذه الظاهرة بأسرار الروح ؛ فإن النظرية التي يتبناها العلماء لتفسيرها هي : تأثر مناطق معينة من الدماغ كيميائيا أو كهربيا لخلق هذا النوع من الإحساس ، ويعدّونها نوعا من الهلاوس المتربطة بعوامل عصبية ونفسية ، ويقول البعض منهم أنها نوع من الخداع البصري - الحسي .

تحدث ظاهرة OBE في العديد من الحالات : رضوض الدماغ ، الشلل الحسي ، تجارب الاقتراب من الموت ، الإرهاق الشديد ، النوم والأحلام ، حالات التجفاف ، تناول أدوية الفصام ، المخدرات ، التخدير العام ( كما شاهدنا في فيلم Awake ) ، تنبيه مناطق من الدماغ ... إلخ .

أشارت دراسة نشرت عام 2002 أنها تمكنت من استثارة OBE لدى امرأة تخضع لعلاج الصرع عن طريق تنبيه منطقة من الدماغ تدعى التلفيف الزاوي الأيمن ، وذلك باستخدام أقطاب كهربائية . إنّ وظيفة ذلك الجزء من الدماغ هي دمج المعلومات البصرية مع المعلومات التي يكوّنها الدماغ عن مظهر الجسد . كان باستطاعة هذه السيدة الحديث أثناء إجراء التجربة ، وكان مما قالته " أشعر كأنني أسقط .. أشعر أنني أزداد خفة .. بإمكاني مشاهدة جسدي مستلقيا على السرير .. من الأعلى " ، وحين طلب منها أن تنظر إلى يدها المرفوعة ؛ ظنّت أن هذه اليد تحاول لكمها . يقول الباحثون في هذه التجربة أن ظاهرة " الطرف الشبح " ( وقد تم الحديث عنها سابقا ) هي ذات صلة بظاهرة OBE .

لم تكن تلك التجربة الأولى من نوعها ، فقد أجريت تجارب مشابهة لما سبق في ثمانينات القرن الماضي بقيادة عالم الأعصاب " مايكل بريسينجر " وذلك باستخدام حقول مغناطيسية تستهدف الفص الصدغي ، وأثبتت حصول الظاهرة في 80 % من الحالات الخاضعة للتجربة . في عام 2004 قام فريق بحث سويدي بإعادة تجارب بريسينجر بالإضافة إلى فرق " حاسم " على حد قول الفريق ؛ وهو اللجوء إلى أسلوب التجارب العمياء . يعني هذا النوع من التجارب أن نوعا من المعلومات يكون مجهولا لدى المشاركين في التجربة ؛ فقد أكّد الفريق أن أيّا من الخاضعين للتجربة ومن فريق العمل لا يملكون أدنى فكرة عن بعضهم البعض ، وذلك تفاديا لأي نوع من التفاعل المعنوي والذي قد يؤثر على هذا النوع من الظواهر . ولكن على النقيض من تجارب بريسنجر ، وجد الفريق أنه لا يوجد تأثير ملحوظ للحقل المغناطيسي على حدوث ظاهرة OBE . وقد اعترض بريسنجر على ذلك معللا أن الفريق لم يستخدم الحقل المغناطيسي لوقت كافي ، كما وأصرّ على أن التجارب العمياء كانت جزءا من تجاربه أيضا . تقول سوزان بلاكمور ( مختصة في علم النفس ) وكانت ممن خضعوا لتجارب بريسنجر : " ما خضته في التجربة كان شعورا يفوق الطبيعة .. سأتفاجأ لو اتضح أن كل ذلك كان وهما .. " ، و تعتقد بلاكمور أن الفريق السويدي استخدما نوعا من الحقول المغناطيسية يختلف عما استخدمه بريسنجر .

هل توقفت محاولات العلماء عند هذا الحد في تفسير الظاهرة ؟ هل ستبقى الأسباب وراءها مبهمة ؟ ... تابعونا في الجزء الثاني ..

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا