الطب > طب الأسنان

التهاب لب الأسنان

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل تعرّضتَ يوماً ما لألمٍ شديدٍ في أحد أسنانك؟

هل زرتَ عيادة الأسنان حينها وقامَ الطبيبُ بعملية سحب العصب لك؟

ما هذا العصب الصغير الذي يجعلك تعاني تلك الآلام الحادة؟ دعونا نتعرف في هذا المقال على العصب السني والمعالجة اللبية للأسنان وكيفية إجرائها وسبب فشلها في بعض الأحيان...

ما اللبُّ السني؟

اللبُّ السني عبارةٌ عن منطقةٍ نسيجيةٍ غيرِ صلبةٍ تقع في مركز السن وتحتوي العصبَ السني والأوعيةَ الدمويةَ والنسجَ الضامةَ وبلاسما أيضاً. لا يُعدُّ العصبُ السني الموجودُ في السن ذا أهميةٍ حيوية لوجود السن كالأعصابِ الموجودة في أماكنَ أخرى من جسم الإنسان كالأعصابِ المحركة لعضلات الأطراف مثلاً التي ينتهي فقدانها بشلل العضو المرتبط. تبقى وظيفةُ لب السن حسيةً فقط لأنَّ السنَّ محصورٌ في المكان بين النسيجين العظمي واللِّثوي، فهو يعطي الشعورَ بالبرودة والسخونة، وعليه فإنَّ وجودَ هذا العصب وغيابَه لن يؤثرَ كثيراً على الوظيفة الميكانيكية التي يؤديها السنُّ في خلال عملية مضغ الطعام مثلاً.

ما أسبابُ تضرر لب السن (العصب السني)؟

قد يتخرش اللبُّ السني أو يتهيج بسبب نخورِ الأسنان (وهي أكثر الأسباب المؤدية إلى تضرر اللب) أو بسبب كثرةِ المعالجاتِ السريرية التي يتعرّض لها السن، كما يمكن للحشوات الكبيرة أن تسببَّ ذلك، ومن الممكن أن تكونَ البنيةُ الضعيفةُ للسن والضرباتُ القاسية والصدماتُ الوجهية سبباً أيضاً. بسبب وجود هذا النسيج ضمن نسج صلبة (الميناء والملاط والعاج) تمنعه من التمدد عندما يلتهب، فإنَّه يضغط على النهايات العصبية الموجودة فيه محدثاً تلك الآلام الحادة غير المحتملة.

في هذه الصورة نرى اللب السني (pulp) السليم واللب السني المصاب (infected) بسبب النخر

متى يقرّر الطبيبُ البَدءَ بعملية المعالجة اللبية (سحب العصب)؟

هناك العديدُ من العوامل التي يعتمدُ عليها طبيبُ الأسنان في تقريرِ المعالجة، ونذكر أهمها:

• وجودُ ألمٍ حاد في السن مرافقٍ للمضغ وتطبيق الضغط.

• الحساسيةُ المزمنة تجاه المؤثرات الحرارية كالبرودة والسخونة.

• وجود لون داكن داخلَ السن.

• اضطراباتُ اللِّثة وحدوثُ تورمٍ أو فقدانٌ كبير في الأسنان المجاورة.

كيف تتمُّ عمليةُ المعالجة اللبية لأقنية الأسنان وجذورها أو ما يُسمى عاميةً عمليةُ سحبِ العصب؟

تتطلّب هذه العمليةُ زيارةَ عيادة طبيب الأسنان مرةً أو اثنتين أو ثلاث حتى تُنجزَ كاملة، ويُعدُّ اختصاصيُّ المعالجة اللبية الطبيبَ المختصَّ بهذا النوع من التداخلات الطبية ومن الممكن لطبيب الأسنان العام القيامُ بالمهمة نفسِها وطلبُ تحويل المريض إلى اختصاصي عند الحاجة للدعم أو لصعوبة الحالة وتعقيدها. فالهدفُ في نهاية الأمر هو الحصولُ على العلاج الأمثل، فمصلحة المريض الصحية تقع في الدرجة الأولى.

تبدأ المرحلةُ الأولى من سحب العصب بأخذ صورةٍ شعاعية للسن المصاب يرى من خلالها الطبيبُ شكلَ الجذور ونوعَ الإصابة وإنذارَ الحالة وكيفيةَ التخطيط لخطة علاجية تناسب المريضَ والطبيبَ في الوقت نفسه، بعد ذلك يأتي دور إبرة المخدر التي تتوافق مع معطيات المريض السريرية لينتهي الشعورُ بالألم الذي جاء به المريضُ سرعان ما يأخذ المخدّرُ مفعولَه في المنطقة المستهدفة وفي بعض الحالات لا يكون التخدير ضرورياً في حال كان العصبُ متموتًا، ولكن أغلبَ الأطباء يفضلون العمل مع التخدير لتفادي احتمال حدوث الألم.

تأتي هنا مرحلةُ العزل، إذ يقومُ الطبيب بتطبيق الحاجز المطاطي وهو عبارةٌ عن قطعة مطاط تعزل مكان السن المصاب عن باقي مناطق الفم منعاً من وصول البكتريا والعوامل الممرضة إلى مكان العمل الجراحي. والآن تبدأ عمليةُ الحفر ذاتُ الصوت الذي يخافه الجميعُ، إذ يُحدِثُ الطبيبُ حفرةً صغيرةً داخل السن ويستمرُّ نحو الداخل وصولاً إلى مركز السن حيث يقع اللبُّ السني والأوعيةُ الدموية المجاورة، ويحاول الطبيبُ إخراجَ جميع المحتويات الموجودة في اللب السني كالعصب والأوعية الدموية والبقايا البكتيرية مستخدماً الأدواتِ اللازمةَ كالمبارد والموسِّعات وسوائلِ الغسيل والإرواء (غالبا هيبوكلوريت الصوديوم) بهدف تطهير الأقنية الجذرية.

عندما يصبح اللبُّ السني نظيفاً، يبدأ الطبيبُ بعملية الحشو، وبعضُ الأطباء الماهرين يعمدون إلى الانتظار مدةَ أسبوعٍ للتأكد من خلوِّ اللب السني من البقايا البكتيرية قبل البَدء بعملية الحشو النهائي، فيغلقون السنَّ بحشوة مؤقتة بعد وضع ضماد طبي معالِج ومسكّن داخل السن وبعد مرورِ أسبوع والتأكد من أنَّ البيئةَ الداخليةَ للسن أصبحت نظيفة، يقوم حينها الطبيبُ بعملية الحشو النهائي للسن من خلال استخدام أقماع الكوتابيركا والمواد السيالة الأخرى وغالباً ما يتطلَّب هذا السن أن نقوم بإجراء تاج أو وتد أو كليهما له بسبب كمية النسج الصلبة التي فُقدت، وعليه، لا بدَّ من بديلٍ مناسب لها يضمن مزيداً من الدعم والمقاومة تجاه الكسر والضَّعف والقوى الماضغة وهنا يكون دور الطبيب أيضاً في تحديد الخيار الأفضل.

ومن الجدير بالذكر أنَّه في كثيرٍ من الأحيان، يحاول الطبيبُ بذلَ كل الجهود بهدف نجاح المعالجة لكن المعالجةَ تفشل ويحصل النُّكْس فلماذا...؟ هناك العديدُ من العوامل التي تسمح للغزو البكتيري بمعاودة الوصول إلى داخل السن رَغم ساعاتِ العلاج الطويلة والمتعبة التي خاضها كلٌّ من الطبيب والمريض. وتكمن أهمُّ عوامل هذا النُّكْس بعدم إحكام انطباق الحشوات المستخدَمة على السن نفسه، أو قد يحصل مع مرور الوقت انهيارٌ وانقطاعٌ في المواد الحاشية داخل السن كما أنَّ وجودَ الصدوع أو البنية الضعيفة للأسنان تؤدي دوراً في ذلك، ومن الممكن أيضاً أن يكونَ هناك بعضُ الأقنية والمناطق التي لم يتمكَّن الطبيبُ من الوصول إليها وتنظيفها جيداً أثناء المعالجة. ويتم تدبير النُّكْس من خلال إعادة المعالجة إنْ أمكن أو من خلال عملياتٍ جراحيةٍ لمنع الغزو البكتيري وذلك بقطع ذروة جذور الأسنان وإغلاقها وختمها ببعض المواد السادة بعد إزالة النسج المصابة.

يتساءل كثيرون عن بدائل سحب العصب فما هي؟

من الممكن التركيزُ على نظافة الأسنان لحماية اللب السني، ومن الممكن قلعُ السن المصاب أيضاً وتركيبُ جسرٍ يمتدُّ فوقَ مكان القلع، أو من خلال استخدام الزرعات السنية المناسبة. وفي الحقيقة يُعدُّ سحبُ العصب أفضلَ من الحلَّين الآخرين لأنَّهما أكثرُ تكلفةً، ويتطلَّبان وقتاً أطول. ورَغم أنَّ الكثيرين يعتقدون بأنَّ إجراءَ المعالجة اللبية (سحب العصب) إجراءٌ مؤلمٌ، لكنَّ الألمَ يكون في الوقت الممتد بين بَدء الإصابة وبَدء تلقي العلاج.

أجرت مجموعةٌ من الباحثين في مختبر تابع لجامعة Shrffield البريطانية دراسةً على الأسنان بوساطة تقْنيةٍ كيميائية مناعية من خلال استخدام الفلورة والتلوين على الجزيئات الموجودة في الأسنان كالأعصاب والأوعية والنواقل العصبية والأقنية الشاردية، ودرسوا الببتيداتِ العصبيةَ دراسةً كيفيةً وكميةً بوساطة المجهر لمحاولة فهم حادثة الألم اللبي في الأسنان.

التهاب لب الأسنان:

نلاحظُ في هذه الصورة الفرقَ مجهرياً بين السن المتعرض للالتهاب (في الجهة اليمنى) والسن السليم (في الجهة اليسرى).

أما في هذه الصورة فنلاحظ كثرةَ وجود جسيماتp (ببتيدات عصبية مسببة للألم) في الأسنان المُتعرِّضة لظاهرة الألم (في الجهة اليمنى( مقارنةً بأسنان أخرى مُتعرضة للدرجة نفسها من النخر لكن دون وجود الألم (في الجهة اليسرى)، وبذلك نستنتج أنَّ هذه الجسيماتِ تؤدي دوراً مهماً في حادثة الألم

المصادر:

هنا

هنا