الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

الحيوانات الأليفة في المنزل. مصدرٌ للأمراض أم للوقاية منها؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

قد يبدو تبنّي حيوانٍ أليفٍ أمراً صعباً ومُتعباً، لكن بالإضافة إلى جلب السعادة لحياة الحيوان وزيادة فردٍ للعائلة، تجلِب هذه الحيوانات معها الكثيرَ من الفوائد مدعومةً بأكثرَ من 35 عاماً من الأبحاث، فما هذه الفوائد؟

● محاربة الحساسية:

سادَالاعتقادُ قديماً أنَّه في حالِ وجودِ حيوانٍ أليفٍ في المنزلِ، سيُعاني الأطفالُ من حساسيةٍ تجاهه، وفي وجود حساسية ضمن العائلة فيجب ألّا تُربَّى الحيوانات في المنزل، ولكنَّ دراساتٍ عديدةً أثبتت أنَّ نموَّ الأطفال في بيئة فيها حيواناتٌ كالقطط والكلاب، أو حتى حيوانات المزارع، أدّى إلى تقليل خطورة إصابتهم بالحساسية والربو مقارنة بمن لم يكونوا على اتّصال مع الحيوانات. وفي الوقت نفسه، وجدت إحدى الدراساتِ زيادةَ نسبة الربو والأمراض التنفسية لدى مُربّي الطيور -كحيوانات أليفة- عندما كانوا أطفالاً،ويُرَجّحُ أنَّ تأثيرَ الحيوانات الأليفة على التحسس يختلف تبعاً للوقت الذي يبدأ فيه الشخص التعرُّضَ للحيوانات، فوجودُ كلب أو قطَّة في البيت في السنة الأولى من الحياة يُخفِّف احتمالَ الإصابةِ بالتحسُّس لدى الأطفال.

● تكوين العلاقات:

الكلاب رائعةٌ في تكوين علاقاتٍ عاطفيةٍ أو اجتماعية، انسَ أمر وسائل التواصل، فبوساطة كلبٍ تستطيعُ بَدءَ حوارٍ طبيعيٍّ معَ من يجلس بجوارك في الحديقة مثلاً! قد يقتصر الحديثُ على الكلاب فقط، وقد يتطوّر أحياناً إلى تعارف جادّ، إذ غالباً ما يُساعد وجودُ هذه الحيوانات على تقليل التوتّر والخجل عند مَن يعانون منها حَسْب Nadine Kaslowالبروفيسور في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة Emory.

لا تتوقّف الفوائدُ الاجتماعيةُ على البالغين، فقد وَجد بحثٌ أنَّ وجودَ الحيوانات الأليفة يَزيد النموَّ النفسيَّ الاجتماعيّ للأطفال؛ إذ أظهر هؤلاء الأطفال تحسّناً في التعاطف والثقة بالنفس والتطوّر الفكري ومشاركةً أكبرَ في النشاطات الرياضية والاجتماعية، كما أبدوا زيادةً في الثقةِ بالغير والشعور بالأمان والحسِّ المجتمعيّ.

● الحيوانات الأليفة جيّدة للمسنّين:

تساعدُ الحيواناتُ الأليفةُ على زيادة الرِضا عن النفسِ والشعورِ بالمسؤولية وإضافة دافعٍ إضافيٍّ للحياة لدى المسنّين، ما يُسهم في تحسين الحالة النفسية والجسدية لهم.كما وجدت إحدى الدراساتِ قدرةَ المسنّين أصحاب الكلاب أو القطط على القيام بعددٍ أكبر من النشاطات التي تُعدُّ من أساسيات الحياة؛ كالقدرة على صعود الدرج، أو الانحناء أو الركوع، أو تناول الأدوية وتحضير الطعام، والقدرة على الاستحمام وارتداء الملابس، كما أظهرت بعضُ الدراسات أنَّ وجودَ حيوانٍ أليفٍ في المنزلِ يُساعدُ المرضى المصابين بداء ألزهايمر على تقليل التوتّر والانفعال، ولا ننسى أنَّ أخذَ الكلب في نزهة أو حتى تقديم المسنين القادرين على ذلك الرعايةَ له فحسب قد يُعدُّنوعاً من أنواع النشاط الرياضي ويساعدهم على تقوية أجسادهم.

● الحيوانات الأليفة جيدة للصحة العقلية والنفسية:

أن تقوم بملامسة كلب وتدليله كفيلٌ بتخفيض مستويات هرمون الكورتيزول في الدم المرتبط بالتوتّر والشِدّة، كما يزيد اللعبُ والتفاعلُ مع الكلاب أو الحيواناتِ الأليفةِ من مستوى السيروتونينوالدوبامين في الدماغ (هي نواقلُ عصبيّةٌ تعمل على تحسين المزاج والشعور بالسعادة)، ويُساعد مرضى الاكتئاب الخفيف والمتوسّط ويُشعرهم بالتحسُّن.

مجرّد النظر المتبادل بين الكلب وصاحبه يزيدُ مستوى الأوكسيتوسين في جسده؛ لهذا الهرمون تأثيراتٌ في تقليل الضغط النفسي والتوتّر وأعراض الاكتئاب، كما يقلل من ضغط الدم، ويَزيد من النشاط الاجتماعي والذاكرة والتعلّم. تفاعلٌ واحدٌ مع الكلب كفيلٌ بإفراز كمية من هذا الهرمون، ويزداد هذا التأثير بزيادة التفاعل وتكراره.

العلاقاتُ مع الحيوانات غيرُ معقّدة؛ والاهتمامُ بها سيشعرُك بالمسؤولية ويعطيك نوعاً من الرضا عن الذات والثقة بالنفس والشعورِ بالانتماء، كما يخفِّف الشعورَ بالوحدة والانعزال، وذلك -كما ذكرنا- ناتجٌ جزئياً عن زيادة التواصل الاجتماعي التابع لوجود الكلب، وأيضاً للدعم النفسي الذي يقدمه وجودُ الحيوان الأليف القادر على تخفيف الضغط عن الشخص ومساعدته على الاسترخاء. يمكن الحصول علىهذا النوع من الدعم النفسي من العائلة والأصدقاء أيضاً، ولكنَّ العلاقاتِ البشريةَ تتسمبالتعقيد وعدم الاستقرار ما قد يسبِّب التوتّرَ والضغطَ النفسي، وهو ما لا نجده في العلاقات مع الحيوانات الأليفة.

في أحدالاستبيانات، ذكر 84% من مجموعة من المرضى المصابين باضطراب الكَرب التالي للرّضح (اضطراب ما بعد الصدمة) أنَّ أعراض هذا الاضطراب انخفضت بعد تزويدهم بكلبِ خدمةٍ ليشاركهم حياتَهم، بل حتّى إنّ 40% منهم استطاعوا تخفيضَ جرعة الأدوية الخاصة بذاك الاضطراب التي يتناولونها. ووجدت دراسةٌ أخرى أنَّ مرضى الإيدز ممن لديهم حيوانٌ أليفٌ أقلُّ عرضةً للإصابة بالاكتئاب ممَّن لا يملكون واحداً.

أظهرت إحدى الدراسات أنَّ السماسرةَ وأصحابَ العمل المُجهد المصابين بارتفاع التوتر الشرياني ولديهم حيوانٌ أليف يُعانون من مستويات من ارتفاع الضغط الشرياني أقلَّ ممَّن لا يمتلكون حيواناً أليفاً. وفي دراسةٍ أخرى، تبيَّن أنَّ لوجود حيوانٍ أليفٍ معك في الغرفة عندما تكون تحت الضغط أثرٌ أكبرُ في تخفيض ضغط الدم عند استعمال الأدوية المثبّطة للإنزيم المحوِّل للأنجيوتِنسينACE inhibitors (نوعٌ من الأدوية الخافضة للضغط)، مقارنةً بالأثر الناتج عن استخدام الأدوية وحدَها.

● الحيوانات الأليفة جيدة للصحّة:

في عام 2013، نشرت جمعية القلب الأمريكية تقريراً بحثياً داعماً لفكرة اقتناء الكلاب كطريقة لمحاربة الأمراض القلبية والوعائية.وجدت إحدى الدراسات أنّ سرعة القلبِ عند الراحة وضغط الدم لدى أصحاب الكلاب أو القطط أقلُّ منها مقارنةً بمن لا يمتلكون حيواناتٍ أليفة، كما كانت استجابتُهم أخفَّ وأفضلَ لدى تعريضهم للضغط النفسي أو الجسدي، وكذلك كانت عودةُ أجسادهم لحالة الراحة أسرع. وأظهرت دراسةٌ أخرى انخفاض ضغط الدم عند مداعبة الكلاب لدرجةٍ تشابه انخفاضَه لدى قراءة كتاب بهدوء، وأحياناً أقلَّ من ذلك.

ولا يُمكن الحديثُ عن الكلاب دون ذكر النشاط الجسدي المُرافِق لهم، إذ تحتاج هذه الحيواناتُ للمشي مرّتَين يومياً على الأقل، وبذلك تزيدُ النشاطَ الفيزيائي لأصحابها مقارنةً بالأشخاص الذين لا يملكون كلاباً؛ إذ يُشارك أصحاب الكلاب بدقائقَ أكبر من النشاط الجسدي ويمشون مدةً ومسافاتٍ أطولَ من نُظَرائه ما يُخفِّف من خطر الإصابة بالداء السكّري، وارتفاع ضغط الدم، والأمراض القلبية الوعائية، والجلطات الدماغية.

غالباً ما نربط النشاطَ الجسدي بانخفاض الوزن، فهل تُساعد الكلاب على خسارة الوزن؟

تُجمِعُ أغلب البحوث على أنّ أصحاب الكلاب أقلُّ عُرضةً للسُمنة مقارنة بغيرهم، لكنَّهذا لا يعني أنَّه لن يكونَ منهم أشخاصٌ زائدو الوزن، إذ يغيب ارتباطُ الكلاب بنقصان الوزن عند غير المصابين بالبدانة. وهناك ارتباطٌ بين امتلاك كلبٍ في عمرٍ صغير مع الحفاظ على وزن جيد.إذاً، امتلاكُ كلبٍ أمرٌ جيدٌ في هذه الحالة، ولكنَّ هذه الفوائدَ ليست سحريةً بمجرَّد اقتناء الكلاب، إذ لم تجد دراسةٌ اختلافاً في نسبة السمنة بين من لا يملكون كلاباً وأصحاب الكلاب الذين لا يقومون بالمشي مع كلابهم أو يطلبون من غيرهم القيام بذلك.

كما أنَّ أصحابَ الكلاب أقلُّ عرضةً للإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، ولديهم مستوياتٌ أقلُّ من الكولسترول والشحوم الثلاثية، وحسب عدَّة دراسات، ينجو مربو الحيوانات الأليفة من النوبات القلبية بنسبة أكبر ممَّن لا يمتلكون واحداً،ففي إحدى الدراسات، بالمقارنة مع مربي القطط، كان الأشخاصُ الذين لم يمتلكوا قطّاً أكثرَ عرضةً للموت بنوبة قلبية بنسبة 40% في خلال مدة الدراسة التي امتدّت 20 عاماً، كما أنَّهم كانوا أكثرَ عرضةً للموت بأيٍّ من الأمراض القلبية الوعائية من بينها الصدمة القلبية، وفشل القلب، والأمراض القلبية المزمنة، وبقيت هذه النتائجُ صحيحةً حتى حين أخذ الباحثون عواملَ الخطورة القلبية كالتدخين وتقدم العمر والجنس والعِرق بالحسبان.

كفائدةٍ إضافيّة، قد يؤدي الحيوانُ الأليف دوراً في إبعاد صاحبه عن العادات السيئة والمضارّ الصحية الناتجة عنها، فمثلاً يُقدُّم الحيوانُ الأليفُ دافعاً لابتعاد صاحبه عن التدخين، أو على الأقل الامتناع عن التدخين في المنزل، وذلك لما يسببه التدخينُ من مشكلاتٍ صحية خطيرة للكلاب أو القطط.

لا تقتصر فوائدُ الكلاب على أصحاب المنزل، إذ بدأت بعضُ المشافي ودورُ الرعاية بتقديم خدمات العلاج بالحيوانات الأليفة Pet therapy لتخفيف الألم وزيادة الرضا وتحسين المزاج لدى المرضى في المشافي وعائلاتهم، خاصَّةًالأطفالَ منهم.

وفي الختام -ولنكون منصفين قليلاً- ندعوكم لقراءة مقالنا هذا هنا وفيه معلوماتٌ عن المخاطر الصحية التي قد تصيبُ الإنسان جرَّاءَ اقتناء حيوان أليف في المنزل، فضلاً عن التكلفة المادية لتربيتها من لَقاحات وأدوية وطعام خاص وعناية.ويبقى القرارُ الأخيرُ لكم بتربية حيوانٍ أليف بعد أن قدَّمنا لكم فوائدَ ذلك ومضارِّه.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا