الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

سبب جديد لزيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين

استمع على ساوندكلاود 🎧

من المعروف أنَّ التدخينَ يعمل على زيادةِ معدّلاتِ الاستقلابِ في الجسم، كما أنّه يكبح الشهيّةَ مسبِّباً انخفاضاً في وزن معظم المدخنين، وقد تطرّقنا لبعض أسباب زيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين في مقالٍ سابق هنا. ويعتبرُ معدّل البدانةِ منخفضاً لدى الأشخاصِ المدخّنين مقارنةً بغير المدخين. وبنفس الشكل، يرتبط الإقلاع عن التدخين بتغيراتٍ في الوزن أيضاً، فيُلاحظ حدوثُ ازديادٍ في وزن الأشخاص الذين يُقلِعون عن التدخين وبمعدّلاتٍ تختلف من شخصٍ لآخر.

من المرجّحِ أنْ تكونَ زيادةُ الوزن هذه إحدى أهمِّ أسباب لجوء المراهقين - وخاصةً الفتيات - إلى التدخين رغبةً منهنّ في الحفاظِ على وزنٍ منخفض، خاصّةً وأنَّ الإقلاعَ عن التدخين المتبوعَ بزيادةٍ تصل أحياناً إلى 10 كيلوغراماتٍ خلال 5 سنوات يُعتبر هاجساً لدى العديد من النساء وعاملاً مثبّطاً لرغبتهنّ في الإقلاع عن التدخين، كما يُعتبر الدافعَ الأكثر شيوعاً للعودة إلى التدخين بعد محاولات الإقلاع المتكررة.

ولذلك فقد كان من الأهميةِ بمكانٍ أنْ يتمَّ التطرّقُ إلى موضوع زيادة الوزن بعد الإقلاع عن التدخين بشكل أكبرَ بُغية العملِ على زيادةِ معدلّات الإقلاع وخفض معدل العودة إلى التدخين. ولكنَّ المعلوماتِ المتعلّقةَ بالهرموناتِ المرتبطةِ بزيادة الوزن بعد الإقلاعِ عن التدخين ما زالت ضئيلةً حتى يومنا هذا، ولم يتمَّ التوصّلُ إلا لبعض النتائجِ المُحيّرةً حول هذه الهرمونات وآليات عملها، طبعاً مع أخذِ العواملِ الأخرى التي يمكن أن تساهمَ في زيادة الوزن بعين الاعتبار، كزيادة المدخول الغذائي نتيجة تحسّن الشهيّة، وارتفاعِ معدل الاستقلاب الأساسي بعد الإقلاع عن التدخين Post cessation basic metabolic rhythm (BMR).

هدفت الدراسة الحالية إلى فحص الآثارِ الحادةِ والمباشرةِ للتدخين أو الامتناعِ عنه على كلٍّ من المدخول الغذائي، ومشاعرِ المشاركين تجاه التدخين أو الامتناع عنه، إضافةً إلى تحليل الهرمونات المتعلقة بالشهية لتحديد مدى تأثّرها بهذه التجربة. وتضمّن البحث 14 رجلاً من المدخّنين الذين يتمتّعون بصحةٍ جيدة ولا يعانون من أيةِ أمراض. وبعد امتناعِهم عن التدخين والطعام لليلةٍ كاملة، تم توزيعهم على مجموعتين؛ الأولى سُمّيت C وضمّت المشاركين الذين دخّنوا سيجارتين من النوع الذي يستخدمونه عادةً، بينما سميت المجموعةٌ الثانية بـ S وهي مجموعةُ الشاهد والتي أمسكَ فيها المشاركون بالسجائر دون إشعالها. دامت كل تجربةٍ 15 دقيقةً، وبعد 45 دقيقة من انتهائِها تناولَ المشاركون وجبةً من الطعام بحريةٍ تامّة ومن مجموعةٍ مختلفةٍ من الوجبات الخفيفة.

تم تسجيلُ المدخول الغذائي لكل مشاركٍ خلالَ فواصلَ زمنيةٍ قياسيةٍ ومحددةٍ مسبقاً (وهي 0 دقيقة، 60 دقيقة، و150 دقيقة)، إضافةً إلى تحديد رغبتِهم بتدخين السجائر والشعورِ المرافق لشهيةِ الشخص (الجوع، أو الشبع، أو الرغبة بتناول الطعام). كما تم أخذُ عيناتٍ من الدم للكشف عن مجموعةٍ من الهرمونات منها هرمون Obestatin، وGhrelin، وGLP-1، وCCK، والإنسولين.

وعن النتائجِ المتعلقةِ بالمدخول الغذائي، وجد الباحثون أنَّ التدخينَ يمتلك تأثيراً حاداً ولحظياً على كميةِ الطعامِ المُتناوَلة مسبِّباً انخفاضَ المدخول الغذائيّ بمقدار 152 كيلو كالوري، دون ملاحظةِ أي تأثيرٍ متداخِلٍ لنوع الأطعمة التي يُفضلها المشاركون (مالحة أو حلوة)، أو مدخولهم من المغذيات الكبرى.

وعند إجراء التحاليل اللازمة على عيناتِ الدم التي تمَّ الحصول عليها من المشاركين، وُجد أن هناك تأثيراً للتدخين على تراكيزِ هرمون الغريلين Ghrelin في بلاسما الدم مع مرور الزمن، حيث انخفضت تراكيزُه بعد 60 دقيقةٍ من التجربة لدى المجموعة S-sham التي أمسكت السجائر دون تدخينها، مما يشير إلى وجودِ تأثيرٍ سريعٍ على كلٍّ من هرمونِ الشبع والرغبةِ باستهلاك الطعام بعد هذه التجربة. ولم يُلحَظْ أي تأثير للتجربة على شعور الشهيةِ لدى الشخص، أو هرمونات obestatin وCCK وGLP-1 والإنسولين.

خلُصت الدراسةُ إلى أنّ التدخين يمتلك تأثيراً سريعاً ولحظياً على مدخول الجسم من الطاقة من خلال التأثير على مستويات الغريلين (هرمون الشبع) في الجسم. وأكّدت الباحثة Konstantina Zacchari أنَّ الأمرَ يحتاج مزيداً من الدراساتِ لتحديدِ دقةِ هذه النتائج وقابليَّةِ انطباقِ نتائجها على شريحةٍ أكبر عدداً. كما أكّدت على ضرورة التحقّقِ من الوسائطِ الحيوية المحتملة، والبحث عن طرائقَ فعّالةٍ في ضبط زيادةِ الوزن بعد الإقلاع عن التدخين في سبيل تحقيقِ معدلاتٍ أعلى للتوقف عن التدخين وخفض الرغبة بالعودة إليه لاحقاً.

يمكنكم أيضاً التعرّف على كيفية تجنب زيادة الوزن عند الإقلاع عن التدخين؟ هنا

المصدر:

هنا

هنا