الاقتصاد والعلوم الإدارية > موارد بشريّة

دروس في القيادة من الشركات العائلية العظيمة – الجزء الثالث

استمع على ساوندكلاود 🎧

دروس في القيادة من الشركات العائلية العظيمة – الجزء الأول هنا

دروس في القيادة من الشركات العائلية العظيمة – الجزء الثاني هنا

في الجزء الثاني من المقال أكملنا باقي النقاط التي تشترك فيها الشركات العائليّة الناجحة وفي آخر جزء من المقال سنتحدث عن مراحل اختيار المدير التنفيذي للشركات العائلية، و الأنواع الثلاث للمدراء التنفيذيين.

خطة ملزمة للتتابع الوظيفي

المصدر: كلوديو فيرنانديز أراوز ، سوني اقبال وجورج ريتر، من "دروس في القيادة من الشركات العائلية العظيمة" أبريل 2015

تظهر الدراسات بأن تعيين الرؤساء التنفيذين يكون ناجحاً بشكل أكبر عندما يتمّ الاختيار بين عدد من المرشحين وفق ضوابط صارمة. تقوم أكثر الشركات العائلية نجاحا بدراسة ترشيح الرئيس التنفيذي بطريقة استراتيجية واستباقية، ففي المرحلة الأولى يقوم المجلس الإشرافي بتعيين لجنة فرعية للترشيحات تكون مهمتها توصيف الصفات والمهارات المطلوبة والبحث الأولي عن مرشحين ضمن الشركة وخارجها. تتضمن مهام هذه اللجنة إعداد مواصفات للمرشح المثالي للمنصب وإعداد لائحة طويلة للمرشحين، وتقييم كل من هؤلاء المرشحين وسلوكياتهم من خلال مقابلات مباشرة معهم وتدقيق المراجع. تقوم بعد ذلك هذه اللجنة بإعداد لائحة منقحة عن المرشحين وترتيبهم بحسب الأنسب، وتقدم الترشيحات إلى المجلس الإشرافي ومجلس الإدارة. وبدوره يقوم هذا المجلس باختيار المرشح النهائي، ومن ثم يتمّ عرض هذا المرشح على أفراد العائلة والمدراء المستقلون للموافقة على الترشيح، حيث أن أفراد العائلة وإن لم يكن لهم منصب رسمي، فلديهم في أغلب الأحيان رأي مؤثر في استبعاد أشخاص بعينهم عن الترشيح.

أخبرنا الرئيس التنفيذي السابق لشركة بناء بريطانية (من خارج العائلة): " تم التعامل مع التوظيف بحرفية عالية، قمت بمقابلة موظف الموارد البشرية وأحد أفراد العائلة من الجيل الثالث، ثم قمت بلقاء أحد أفراد العائلة في المناصب القيادية، ثم قابلت أخاه، ثم قابلت خمسة أفراد من الجيل الرابع للعائلة، ومن ثم قمت بمقابلات فردية مع كل المدراء غير التنفيذيين في الشركة. وكل هؤلاء قاموا بالبحث والتدقيق في مراجعي". أما في إحدى شركات الإعلام السويدية، فقد قام رئيس مجلس الإدارة بوضع الخطوط العريضة لعملية تقييم شاملة للمرشح المحتمل لمنصب الرئيس التنفيذي: " قررت أن يقوم سبعة من الأعضاء النتخبين في مجلس الإدارة بمقابلة الشخص المرشح لمنصب الرئيس التنفيذي، سواء بمقابلة فردية أو جماعية، وبعدها قمنا بمقارنه ملاحظاتنا ووصلنا إلى قرار". قامت أغلب الشركات باتباع نمط تسلسلي واضح عند اختيار المرشحين، فالخيار المفضل هو الاختيار من العائلة، ومن ثم الاختيار من الموظفين الموجودين في المنظمة، وأخيراً الاختيار من خارج المنظمة. ونحن بدورنا نؤيد هذا النمط في اختيار المرشحين، وبخاصة عندما تتواجد آليات صحيحة للتقييم والتطوير. في الشركات العائلية، حيث تلعب العلاقات الاجتماعية ومعرفة بيئة العمل دوراً هاماً في النجاح، تشكل المنظمة بيئة حاضنة جيدة، حيث تظهر الدراسات أنّ الموظفين الموجودين داخل المنظمة لديهم فرص أكبر للنجاح بالمقارنة مع الأشخاص من خارج المنظمة. من ضمن الشركات التي تمت دراستها وجدنا أن 38% من الرؤساء التنفيذيين لهذه المنظمات هم أفراد من العائلة المالكة، ومن النسبة الباقية يشكل من تم توظيفهم من داخل المنظمة نسبة 54%، ومن خارجها 46%.

تشكل الفترة الأولية لأي رئيس تنفيذي مرحلة حرجة جداً في مسيرته المهنية، فمن خلال الخبرة وجدنا أن الدعم الذي يتلقاه الرئيس التنفيذي في مرحلة بداية عمله يقلل من خطر فشله بنسبة تقارب ال50%. وهذا بالأخص للرؤساء التنفيذيون من خارج العائلة الذين يديرون مؤسسات عائلية، ففي هذه المرحلة تحدث المواجهات الصعبة، يقول الرئيس التنفيذي لشركة ألمانية واصفاً هذه المرحلة: " يقول الملاَك بأني مسؤول عن المنظمة، ولكن في نفس الوقت يقومون باتخاذ قرارات مصيرية من ضمن صلاحياتي، وفي بعض الأحيان، لا يلاحظون حتى أنهم قاموا بعمل غير مناسب". ويقول الرئيس التنفيذي لشركة أخرى: "من المستحيل أن تصبح جزءاً من عالمهم، ولا أستطيع مشاركتهم الشعور بأني هذا المشروع أو ذاك هو مشروعي الشخصي بدون الصلاحيات المناسبة".

الأنواع الثلاثة للرؤساء التنفيذيون من خارج العائلة

المصدر: كلوديو فيرنانديز اراوز ، سوني اقبال وجورج ريتر، من "دروس في القيادة من الشركات العائلية العظيمة" أبريل 2015

لتجنب هذه المشاكل، يتوجب على المؤسسات العائلية أن تعطي الرئيس التنفيذي الجديد الوقت الكافي للتعرف على المنظمة ومراكز القرار الهامة، وتدعمهم للتعرف عن قرب على أفراد العائلة المهمين. يشرح أحد الرؤساء التنفيذيين لمؤسسة عائلية "عندما نجلب شخصاً جديداً للإدارة، يرافقنا كظلًنا، يقوم أحد المدراء في مجلس الادارة بالتعريف به ومساعدته ودعمه بشكل مستمر، وينقل اليه الخبرة بشكل شخصي". كما يخبرنا رئيس مجلس الإدارة لشركة غذائيات بلجيكية بطريقة مشابهة في مساعدة الرئيس التنفيذي الجديد :" يكون لديه تواصل مباشر ومستمر معي شخصياً، وأقوم أنا بتعريفه بما تريده العائلة". يتم تعزيز فرص نجاح الرئيس التنفيذي في المؤسسات العائلية عن طريق اختياره بشكل مدروس وتعريفه بالمؤسسة بشكل تدريجي وتذليل الصعوبات التي قد تواجهه. تشكّل القرارات السيادية وبخاصة تلك المتعلقة بقمة الهرم الإداري ما يشبه حقل ألغام في المؤسسات العائلية. ولكن تظهر الدراسة التي قمنا بها بأنه من الممكن للشركات أن تسلم من القرارات الخاطئة وأن تحقق النجاح لأجيال متعاقبة في حال وجود نظام حوكمة ملزم في المؤسسة يحافظ على ثقل العائلة، ويحدد ويطور مهارات المدراء المستقبليين في المؤسسة، ويضبط عملية التعاقب الوظيفي في الإدارة العليا. في حال استطاعت المؤسسة العائلية الالتزام بهذه النقاط تكون النتائج مبهرة: تظهر الدراسة التي أجرتها شركة Ernst & Young، شبكة المؤسسات العائلية، Credit Suisse وغيرها بأن المؤسسات العائلية الكبيرة والتي حققت الاستمرارية على المدى الطويل، تنمو بشكل أسرع، ولديها قدرة أعلى على مقاومة الأزمات، وتحقق عوائد أكبر في الأسواق بالمقارنة مع الشركات العادية.

المصادر

هنا