الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

نأسف لتحطيم قلوبكم، ولكن قد نقول لها وداعاً.. نوتيلا بين اتهامات ونفي التسبب بالسرطان

استمع على ساوندكلاود 🎧

تعرّضت مؤخراً شركةُ الحلوياتِ الإيطاليةُ فيريرو Ferrero، والمنتِجةُ لشوكولا "نوتيلا Nutella" الشهيرة، لاتهاماتٍ خطيرةٍ حول زيت النخيل Palm Oil المستخدمِ في تصنيع شوكولا البندق نوتيلا، إذ تشيرُ التقاريرُ إلى إمكانيةِ تسبُّبِهِ بالسرطان.

فقد حذّرت الهيئةُ الأوروبية لسلامة الأغذية The European Food Safety Authority من وجودِ ملوثاتٍ في هذا الزيت ناتجةٍ عن العملياتِ التصنيعية، وتُعتبر جميعها موادَ مسرطنةً Carcinogenic يُحذر من استهلاكها حتى في نطاق الكمياتِ المعتدلةِ وخاصةً من قِبل الأطفال، إذ أكّدت الهيئةُ أنّ جميعَ مستوياتِ استهلاكِ هذا المركّبات بدون استثناء تعتبرُ غيرَ آمنةٍ على الصحة.

وتشملُ المركّبات التي يُحذر منها تقرير لجنةِ EFSA:

- Glycidyl fatty acid esters والذي يُعرف اختصاراً بـ GE

- 3-monochloropropanediol أو 3-MCPD

- 2-monochloropropanediol أو 2-MCPD

- وإسترات أحماضهما الدهنية.

ويمكنكم قراءة نسخةٍ من تقرير الهيئة على الرابط التالي هنا

تتشكّل هذه المركّباتُ خلال العمليات التصنيعية للأغذية، وخاصةً عندَ تكرير الزيوت النباتية في درجات الحرارة التي تزيد عن 200 درجةٍ مئوية. وقد وجدت EFSA أن نسبةَ تواجدِ هذه الملوّثات في زيت النخيل كانت الأعلى مقارنةً بغيرها من الزيوت والمواد الدسمة الأخرى، والتي تدخلُ مجتمِعةً في إنتاجِ العديد من المعجّنات والمخبوزات وفي صناعةِ المارغارين (الزبدة النباتية).

وقد أشارَت الدكتورة Helle Knusten، رئيسةُ لجنة CONTAM التابعةِ للهيئة الأوروبية والمعنيةِ بتقييمِ خطورةِ هذه المركّبات، إلى وجودِ مجموعةٍ كافيةٍ من الأدلّةِ التي تُشير إلى سميّةِ الغليسيدول Glycidol (وهو ناتجُ تفكّكِ إسترات الغليسيديل GE في الجسم) وتأثيرِه على المورثات وتسبُّبِهِ بالسرطان، مما دعا إلى عدمِ تحديد مستوى آمنٍ لـ GE من قِبل اللجنة.

يدخلُ زيتُ النخيل في تركيبِ مئاتِ المنتجاتِ ذات العلاماتِ التجارية الغذائيةِ الشهيرة، بما في ذلك شوكولا كادبوري Cadbury’s chocolate، وClover، وBen & Jerry’s ، إلّا أنّ نوتيلا تبقى الأكثرَ تضرراً، وقد انخفضَت مبيعات الشركة بنسبةِ 3-4% خوفاً من المخاطرِ المحتملةِ على الصحة، مما دفعَ بالشركةِ إلى إطلاقِ حملةٍ مضادّةٍ في محاولةٍ لطمأنةِ عملائها أن منتجاتِها آمنةٌ تماماً.

وتُصرّ شركةُ فيريرو أنّ قرارَ الإبقاءِ على زيتِ النخيل في نوتيلا – على الرغم من المخاوف حول سلامته – هو شيءٌ متعلّقٌ بالنوعية،ِ لا التكلفة. فهذا الزيتُ يُستخدم كمادةٍ لإعطاءِ الشوكولا القابلةِ للمدّ ملمساً ناعماً لا يُمكن الحصول عليه باستخدام زيوتٍ أخرى، وهو ما أكّدهُ Vincenzo Tapella مديرُ المشترياتِ في شركةِ فيريرو بقولِهِ أن استخدامَ أحدِ بدائل زيت النخيلِ سيعطي منتجاً ذا مستوى ومواصفاتٍ أقلّ، ما سيكون بمثابةِ خطوةٍ إلى الوراء للشركة (ويمكنك أن تجد التقرير الذي أعدّته رويترز حول الموضوع هنا).

يُذكرُ أنّ استخدامَ الزيوتِ البديلة، كزيتِ عبادِ الشمس Sunflowers أو بذورِ اللفت Rapeseed، سيزيدُ من تكلفةِ صنع المنتج بمبلغٍ يتراوحُ بين 8 إلى 22 مليونَ دولارٍ في السنة تقريباً، إذ أنّ زيتَ النخيل من أرخصِ الزيوتِ النباتية، ويكلف الطنّ الواحد منه حوالي 800$، مقارنةً بـ 845$ لزيت عباد الشمس، و920$ لزيتِ بذور اللفت. وتستخدم شركةُ فيريرو حوالي 185،000 طنٍّ من زيتِ النخيل في السنة.

وقد أعربَت كلّ من منظمةِ الصحةِ العالمية World Health Organisation (WHO) ومنظمةِ الأغذيةِ والزراعةِ التابعةِ للأمم المتحدة Food and Agriculture Organisation عن مخاوفِهِما بخصوصِ GE، ولكنهما لم تبلُغا حدّ إصدارِ تحذيراتٍ بشأن استهلاكِه. وهو ما يتوافقُ مع إدارةِ الغذاء والدواء الأمريكية U.S. Food and Drug Administration التي لم تحظُر استخدام زيت النخيل في الغذاء.

ماذا سينتج عن التقرير؟

لا تمتلُك هيئةُ EFSA الأوروبيةُ القدرةَ على إصدارِ القوانين، إلّا أن القضيةَ تخضعُ حالياً للمراجعة من قِبل المفوضيّةِ الأوروبيّة، وستقوم اللجنة المسؤولة عن تقييمِ المخاطرِ برفعِ التقريرِ لمدراءِ المخاطرِ في المفوضيّةِ الأوروبية والدول الأعضاء في نهاية هذا العام. وسوف تُستخدم المشورةُ العلميةُ المُقدّمةُ من قِبل EFSA للنظرِ في كيفيّةِ إدارةِ المخاطر المحتملةِ على المستهلكين وحمايتِهم من التعرُّضِ لهذهِ المواد في المواد الغذائية. كما أوصَت اللجنةُ بإجراءِ مزيدٍ من الأبحاثِ لملءِ الثغراتِ في البيانات، وتحسينِ المعرفةِ حولَ سمية هذه المواد، ولا سيّما 2-MCPD.

وعلى أيةِ حال، فإنّ فيريرو ليست شركة الغذاءِ الأوروبيةَ الوحيدةَ التي استمرّت باستخدامِ زيتِ النخيل بعدَ تقرير EFSA، فهنالك أيضاً شركةُ يونيليفر Unilever وشركةُ نستلة Nestle اللتان تستخدمانِهِ في العديد من منتجاتِهِما، كالشوكولا، والوجباتِ الخفيفة، والسمن. وقد صرّحت الشركتان بأنّهُما تُراقبان قضيةَ الملوثات عن قُرب وتعملان مع مورديْهِما للحفاظِ على مستوياتٍ متدنيةٍ قدرَ الإمكان من الـ GE. أمّا فيريرو، فقد أشارَت إلى استخدامِها لعملياتٍ تصنيعيّةٍ تجمعَ الضغطَ المنخفض مع درجات الحرارة التي تقلّ عن 200 درجةٍ مئوية أثناء عمليات تكرير الزيت لإزالةِ لونهِ الأحمر ومركّباتِ الرائحة فيه، الأمرُ الذي من شأنِه أن يقلّلَ من مستوياتِ GE إلى حدٍّ يصعبُ معهُ الكشف عن وجودِه بالأجهزةِ التحليلية، علماً أنّ هذه العمليةَ تكلّف على حسبِ قولِهم أكثر بـ 20% من المعاملةِ التصنيعية التقليدية للتكرير، فضلاً عن استخدامِ زيت من مصادرَ متجدّدةٍ بغرضِ حمايةِ البيئة.

تبقى فيريرو الشركة الغذائيةَ الأوروبيةَ الوحيدة التي شنّت مثلَ هذهِ الحملةِ العامّةِ للدفاعِ عن استخدامِ هذا الزيت في منتجاتِها بعد نشر تقرير EFSA، وأكّدت أنها نفذّت "مئاتِ الآلافِ من الاختباراتِ" للكشفِ عن هذهِ الملوثات في كل من زيت النخيل المستخدم والمنتجاتِ النهائية.

حملةُ فيريرو الإعلانية وبعض الجوانب السياسية:

يعتقدُ أرباب صناعةِ زيت النخيل، التي يُسيطرُ عليها المنتجون في ماليزيا وإندونيسيا، أن شركةَ فيريرو تلعب دوراً هاماً في معالجةِ ما يعتبرونَهُ مفهوماً خاطئاً لدى المستهلكين، وقد أشادَ Yusof Basiron الرئيسُ التنفيذيّ لمجلسِ زيت النخيل الماليزي باعتمادِ الشركةِ على مصادرَ مستدامةٍ لزيت النخيل الذي تستخدمُه مصرّحاً أن المنتجين الماليزيين لم يعانوا من أي تأثيرٍ على الصادراتِ الأوروبية بعد تقرير EFSA، وهو ما أكّدُ اتحادُ زيتِ النخيلِ الإندونيسيّ أيضاً.

وفي الختام، نضعُ بين أيديكُم آراءَ ودفاعاتِ كلا الطرفين، ويبقى علينا انتظارُ التقريرِ النهائيّ للمفوضية الأوروبية والذي سيضعُ قوانين تحديدِ المستوى الآمنِ لهذه المركبات في الأغذية، وبناءً عليه سنعلمُ إن كانت نوتيلا ستبقى على حالها أم ستُضّطرُ لتغيير أحد مكوناتِها بالشكلِ الذي يُطابقُ المواصفات الجديدة..

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا