الفيزياء والفلك > علم الفلك

بحثٌ جديد، يعزّز الثقة بالمُستعِراتِ العُظمى كأدواتٍ لِقياسِ الكون

استمع على ساوندكلاود 🎧

أكّدت نتائجُ بحثٍ فلكي حديث من جامعة شيكاغو وجامعة واين ستيت، دِقّة المُستعِراتِ العُظمى مِن النَوع الأوّل (Type Ia) في قياسِ السرعة التي يتمددُ بها الكون. تدعمُ هذه النتائج نظريّة واسِعة النّطاق، تُفيد بأنّ الكونَ يتمددُ بشكلٍ متسارع بسبب قوةٍ غامضةٍ تُسمّى الطاقةِ المُظلمةِ. وبهذا تصّدى البحث لبعضِ العناوين المنتشرة مؤخراً والتي تعارِضُ توظيف المستعرات العظمى من النوع الأول كمؤشر لقياسِ توسّع الكون.

إنّ فِكرةَ استخِدامِ ضوءٍ قادِمٍ مِن نجم مُتفجّر بِوهجٍ يُعادل توهّج مَجرةٍ بأكملها من أجل تحديدِ المسافات الكونية، قادت صاحبها للحصولِ على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011. تعتمدُ هذه الفكرة على افتراضِ أنّ كل المستعرات العظمى من النوعِ الأول تمتلكُ تقريبًا نفس السطوع الأعظمي عند الانفجار، يمكن تشبيهها بمصابيح نعرِفُ استطاعتها الكهربائيّة مُسبقًا.

يسمح هذا الثبات في سطوع المُستعرات، بتوظيفها كمناراتٍ في الفضاء، لهذا يُمكننا الإعتمادُ عليها كمؤشرات لقياسِ الكون، وكلما كان ضوئها أخفت، كانت أبعد عنّا. ولكن في السنوات الأخيرة، أظهرت إحدى الدراسات أنّ الضوء المُنبعِث من الُمستعرات Ia ليس ثابتًا كما كان متوقعا.

أوضح دانيال سكولنيك، باحثٌ في معهد كافلي المتخصص في الفيزياء الكونية التابع لجامعة شيكاغو، ومؤلف مشارك في الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة الجمعية الملكية الفلكية، أنّ البيانات الحديثة تدحض الادعاءات التي ترفض استخدام انفجارات المستعرات العظمى كأداة لقياس الكون، ويؤكّد على وجوب التحقق من أية ادعاءات أو فرضيّات، وعدم الأخذ بها لِمُجرّد أنّها تَحظى بِشعبيّة واسِعة.

كانت أبرز الانتقادات حول استخدام النوع الأول من المستعرات العظمى كأداة قياس كونية، تتعلق بنقطة مفادها؛ أنّ سطوع تلك المُستعِرات يُصنّف ضمن فئتين مختلفتين،مما يؤدي إلى إشكاليات عند محاولة قياس المسافات. وفي هذا الصدد ردّ الفريق البحثي بأنهم لَم يَجدوا دليلاً يَدعَمُ وجودَ فئتين مُختلفتي السطوع من المُستعرات Ia في بيانات عمليات المسح. في حين الدراسة الأخيرة الّتي تطعَنُ في فعالية هذا النوع من المُستعرات كأداة للقياس، اعتمدت على مجموعات مُختلِفة من البيانات.

من جهة أخرى، ركّز انتقاد ثانويّ على ربط النوع Ia من المستعرات العظمى، بوجود المادّة المُظلمة. فقد وجد العلماء سابقاً بأن المستعرات العظمى البعيدة أقل خفوتاً من المتوقع،مما قاد للاستنتاج بأنّ الكون يتوسع بمعدلٍ متسارع. فُسّر هذا التسارع على انهُ مدفوعٌ بطاقة خفيّة ذاتِ قوّةٍ هائلة تمنع الجاذبيّة من التغلّب على الكون، أسموها الطاقة المُظلمة، وتوقعوا أنّها تُشكّل نسبة 70% من الكون.

سبّب غموضُ هذهِ القوّة إحباطاً لبعضِ عُلماء الفلك. وكانت النتيجة إعادة تقييم للعمليات الرياضية التي استُخدِمَت في دراسة المُستعِرات العُظمى، بِحُجّةِ أنّ المُستعرات لا تُدلُّ على وجودِ الطاقةِ المُظلِمة في المقام الأول.

ومن أجل التصدي لتلك المزاعم، كتب دانيال سكولنيك، بالتعاون مع آدم رييس الّذي فاز بجائزة نوبل عام 2011 لاكتشافه بأنّ الكون يتوسع، مقالاً في مجلة Scientific American في عددها الصادر بتاريخ 26 أكتوبر 2016، أوضحا فيه بأنّه حتى لو استُخدِمت القوانين الرياضيّة في تحليل المستعرات العظمى Ia "بشكل خاطئ"، ما يزالُ احتمال توسّع الكون حاضرًا بنسبة 99.7%.

وأورد جوشوا أي فريمان وهو من كبار موظفي مُختبر مُسرّع فيرمي الوطني، بأنّ النتائِج الجديدة تبعث على الاطمئنان بالنسبة للباحثين الذين يعتمدون على النوع Ia من المُستعِرات العظمى، من أجل الحصول على فهم أدق للطاقة المظلمة.

المصدر: هنا