الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

علاقة استهلاك المشروبات الغازية السكرية والمحلاة صناعياً بمرض السكري

استمع على ساوندكلاود 🎧

أثبتَتَ الأبحاثُ السابقةُ وجودَ ارتباطٍ بين الاستهلاكِ المفرطِ للمشروباتِ الغازية والسكري من النمط الثاني، وقد تمّ إرجاعُ هذا التأثيرِ بشكلٍ أساسيّ لزيادةِ الوزنِ المرتبطةِ بالاستهلاكِ المفرط للمشروبات السكرية. وفي هذه الدراسةِ، وضعَت Josefin Edwall Löfvenborg، المؤلفُ الرئيسُ للدراسة من معهدِ Karolinska في السويدِ مع فريقِها خطةً للتحقُّقِ ممّا إذا كانت المشروباتُ الغازيةُ المحلاةُ صناعياً تمتلكُ التأثيرَ ذاته، وفيما لو كان من الممكن للمشروباتِ الغازيةِ السّكريةِ والمشروبات المحلاةِ صناعياً أن تؤثر في تطورِ داء السكريّ الكامن ذاتي المناعة عند الكبار Latent Autoimmune Diabetes of Adults (LADA).

توزّعت مجموعات الدراسةِ بين مصابينَ بالسكريّ من النمط الثاني، وآخرين مصابين بالسكري الكامن ذاتي المناعة، ومجموعةٍ أخيرة من البالغين الأصحاء لتكونَ الشاهدَ في التجربة. قامَ الفريقُ بتحليلِ بياناتٍ غذائيةٍ ذاتيةٍ لكلّ منهم، باحثين بشكلٍ خاص عن عددِ الحِصصِ المُستهلَكةِ من المشروباتِ الغازية، وذلك لمدةِ سنةٍ كاملةٍ قبل تشخيصِ إصابتهم بالسكري. وتمّ قياسُ كلٍ من مستوياتِ مقاومةِ الإنسولين، وعملِ خلايا بيتا، بالإضافة إلى الاستجابةِ المناعيّةِ الذاتية لديهم. ووجدوا أنّ البالغين الذين أقرّوا باستهلاكِ حِصّتين من المشروبات الغازية يومياً – سواءَ احتوَت على السكر أو المحليات الصنعية – وبسعةِ 200 ميللتر للواحدة، قد كانوا أكثرَ ميلاً للإصابةِ ب السكريّ الكامن ذاتي المناعة بمقدارِ الضعف، وأكثرَ ميلاً للإصابة بالسكري من النمط الثاني بـ 2.4 مرات، وذلك مقارنةً بمن استهلكوا أقلَ من حصتين يومياً. وزيادةً على ذلك، وُجدَ أنّ البالغين الذين استهلكوا خمسَ حِصصٍ من المشروباتِ الغازيةِ يومياً بسعةِ 200 ميللتر كانوا معرّضين لخطرِ الإصابة بـLADA أكثرَ بـ3.5 مراتٍ، وأكثر بـ10.5 مراتٍ بالسكري من النمط الثاني، بغضِّ النظرِ عمّا إذا كان المشروبُ محتوياً على السكرِ أو مُحلىً صناعياً.

لماذا تزيدُ المشروباتُ المحلاةُ صناعياً من خطرِ الإصابة بالسكري؟

تقول Löfvenborg أنّ ارتباط المشروبات المحلاة صناعياً بارتفاع خطر الإصابة بالسكري كان أمراً مفاجئاً لهم، إلا أنّها تشيرُ إلى وجودِ أكثرَ من تفسيرٍ مُحتَملٍ لهذه النتيجة؛ الأول أنّ استهلاكَ المشروباتِ الغازية الخاصةِ بالحمية يمكن أن يُحفّزَ الشهيةَ ويجعلنا نزيدُ مدخولَنا الغذائي – وبشكلٍ خاصٍ من الحلويات – ممّا يؤدي إلى زيادةِ الوزن التي تُعد إحدى عواملِ الخطرِ للإصابةِ بالسكري. أما الثاني فهو أنّ المحلياتِ الصناعيةَ يمكن أن تُؤثّر سلباً في توازنِ الخصائصِ المفيدة وغيرِ المفيدةِ للجراثيم المعوية الطبيعيةِ، مما يمكنُ أن يؤدي إلى حدوثِ مقاومةِ الغلوكوز. أمّا التفسيرُ الثالثُ، فقد يكون أنّ البعضَ يقوم باستبدالِ المشروباتِ المحلاةِ بالمشروبات الخاصة بالحميةِ (الدايت) في محاولةٍ منهم لتجنبِ اكتسابِ المزيدِ من الوزن وفقدانِ بعضٍ منه إن أمكن، وإنْ كانَ الأمرُ كذلك فعلاً فهذا يعني أنّ الباحثين يقومون فعلياً بتقديرِ تأثيرِ مدخولِ المشروباتِ السّكريةِ السابقِ لتناولِ المشروباتِ الخاصة بالحمية.

المشروبات الغازية والسكريّ الكامن ذاتي المناعة عند الكبار.. علاقةٌ مفاجئةٌ

بالرّغمِ من أنّ الباحثينَ توقّعوا أنْ يجدوا علاقةً بين استهلاكِ المشروبات الغازية وارتفاعِ خطرِ الإصابة بالسكري من النمط الثاني، إلا أنهم تفاجؤوا بالعلاقةِ المحتملةِ بين استهلاكِ المشروبات الغازيةِ وارتفاع خطرِ الإصابة بالسكريّ الكامن ذاتي المناعة عند الكبار. وتتمثّل خطوتُهُم القادمةُ في البحثِ عن العواملِ التي قد تحدّ من هذا الخطرِ، كتناولِ الأسماكِ الدّهنيّةِ على سبيلِ المثال، وذلك بالاعتماد على بياناتٍ تمّ جمعُها من ثمانِ دولٍ أوروبيةٍ مختلفةٍ.

كما تفاجأ الباحثون بعدمِ وجودِ رابطٍ بين مدخولِ المشروبات الغازية والاستجابةِ المناعيةِ الذاتيّةِ لدى البالغين المصابين بالسكري LADA، أي أنّه ليسَ ناجماً عن الاستجابةِ المناعيّةِ التي تُشاهدُ في السكريّ من النمط الأول والمتمثلة بالقضاء على خلايا بيتا.

وتختمُ Löfvenborg بالتوصيةِ بالحدِّ من مدخولِ المشروباتِ الغازية المحلاةِ نظراً لمساهمَتِها في رفعِ خطر الإصابةِ بالسكريّ إلى جانبِ تأثيراتٍ صحيةٍ أخرى وخيمة، كارتفاعِ المدخولِ من الطاقةِ وزيادةِ الوزن، وضعفِ صحة الأسنان. أما المشروباتُ المحلاةُ صناعياً، فلا فائدةً صحيةً تُرجى من استهلاكِها، إضافةً إلى إشارةِ العديدِ من الأدلةِ إلى تأثيراتِها السلبية السيئةِ على الصحة.

..................................

الداء السكري (لمزيد من التفاصيل هنا):

• الداء السكري من النمط الثاني: هو الشكلَ الأكثرَ شيوعاً لهذه الحالة، حيث يُمثّل ما يقاربُ 90 – 95% من إجمالي الحالات. وتبدأ هذه الحالةُ بالظهورِ عندما تُصبحُ خلايا الجسمِ غيرَ قادرةٍ على استخدامِ هرمونِ الإنسولين بفعاليةٍ، فيما يُعرفُ بمقاومةِ الإنسولين، ليتسبّبَ لاحقاً بارتفاعِ مستوياتِ السكرِ بالدم.

• الداء السكري من النمط الأول (الشبابي): نسبتُه حوالي 5 – 10% من حالات السكري، ويُصنّف كأحدِ أمراض المناعةِ الذاتية، حيث يُهاجمُ النظامُ المناعيُ خلايا بيتا المنتجة للإنسولين في البنكرياس بشكلٍ خاطئٍ، مما يُؤدي إلى إنتاجٍ قليلٍ أو معدومٍ للإنسولين.

• الداء السكريّ الكامن ذاتي المناعةِ عند الكبار LADA: يُعدّ نمطاً فرعياً من السكري ذي النمطِ الأول، والذي يُمثل عمليةَ تطورٍ بطيئةٍ تظهرُ عادةً في مراحلِ البلوغ اللاحقة بين سنّ الثلاثين والخمسين. ويشارُ أحياناً إلى هذه الحالة بالسكري من النمط 1.5، نظراً لأنه يتشاركُ في بعضِ خصائصه مع كل السكري من النمط الأول والنمط الثاني، إذ يُعتقد بأنه مرضٌ مناعيٌ ذاتيٌ كما في حالة النمط الأول، ولكنه يمزجُ كذلك حالةَ مقاومةِ الإنسولين كما في النمط الثاني.

المصدر: هنا