منوعات علمية > ما بين العلم والخيال

رحلة فرودو لإلقاء الخاتم في جبل الهلاك

بدأت رحلة الهوبيت فرودو باغينز Frodo Baggins من لوثلوريين Lothlórien وانتهت في جبل الهلاك Mountain Doom في أرض موردور Mordor، مغامرةٌ شيّقةٌ وأحداثٌ مثيرة، حيث مرّ فرودو وصديقه ساموايز جامجي Samwise Gamgee بالعديد من المشاكل والمواقف ولحظاتٍ تفصل بين الموت والحياة خلال رحلةٍ استغرقت 92 يوماً من لوثلوريين من أرض الجن إلى جبل الهلاك في أرض موردور.

بالطبع فإن هذا الفلم المقتبس من روايات الكاتب J. R .R. Tolkien يروي قصةً خياليةً رائعةً ينقذ فيها رجلٌ صغير ذو عزيمةٍ كبيرةٍ العالم من روحٍ شريرة، ولكن العديد من أحداث هذا الفلم قامت على أحداثٍ وحقائق مشابهةٍ لعالمنا كالمؤن المخصصة للرحلة وقدرة التحمل وما إلى ذلك، لهذا السبب قام بعض الطلاب في جامعة Leicester بالبحث في هذا العالم!

بدايةً كان على كل من الطالبين Krisho Manoharan و Skye Rosetti تحديد معدل الإستقلاب الأساسي BMR لكلٍ من الجن والهوبيت والإنسان بحسب هذا العالم.

وكانت النتائج:

 الجن: 1416.95 كيلو كالوري\اليوم

 الهوبيت: 1818.61 كيلو كالوري\اليوم

 الإنسان: 1702.02 كيلو كالوري\اليوم

تم إحتساب هذه النتائج بتشبيه معدل إستقلاب الجن بنوع من الغزلان يسمى اليحمور الأوروبي Roe Deer لعدة أسباب:

1-التشابه في العادات الغريزية في الغابة

2-أكبر من حجم الإنسان

3-السرعة في رد الفعل والحمية الغذائية النباتية.

وتم تشبيه معدل إستقلاب الهوبيت بالأبوسوم الشمالي الغربي Southwestern pygmy possum:

1- للتشابه في مكان العيش ( الشقوق الطبيعية )

2- الحميات الغذائية المتنوعة.

يبلغ عدد أبطال قصتنا 9 أشخاص، فرودو باغينز، ساموايز جامجي، بيرغرين توك، ميرادويك برانديبوك من قبيلة الهوبيت، أراغورن وبورومير من العرق البشري، الساحر غاندالف، القزم جيملي، وليغولاس من عرق الجن.

تزوّد أبطالنا باللفائف السحرية في لوثلوريين ( منزل غالادرييل سيدة الضوء )، وهي لفائفٌ مكونةٌ من الخبز بداخل أوراق الأشجار، والتي تستطيع إبقاء رجلٍ على قدميه على مدى يوم كاملٍ من العناء الطويل ( كما قيل في الرواية )، ويقول ليغولاس في سلسلة الأفلام:" إن قضمةً صغيرةً كافيةٌ لملئ معدة رجلٍ بالغ "، مما يجعل هذه اللفائف مثاليةً لرحلةٍ طويلةٍ وخطيرةٍ مثل هذه.

بتطبيق الحسابات السابقة قام الطلاب بحساب كمية السعرات الحرارية المستهلكة خلال هذه الرحلة الممتدة على مدى 92 يوماً وكان الناتج 1،780،214،59 كيلو كالوري. مما يعادل 675 قطعة من هذه اللفائف والتي كان على جن إيمرالديس تزويدها لـ"صحبة الخاتم" وتوزيعها بحسب الأعراق والتي تكافئ 304 لعرق الهوبيت (4 أشخاص) 214 لغاندالف بورومير وأراغورن، 99 للقزم جيملي، 60 لليغولاس.

وبهذه الحسابات يمكننا القول أنّه كان من الواجب إرفاق "صحبة الخاتم" بالعديد من المخابز من بلاد الجن في رحلتهم، ولكن لنفترض حصول أبطالنا على الكمية الكافية من الطعام لإنهاء رحلتهم فإن هذا لا يتكفل بتغطية كميات الماء الهائلة المطلوبة! قامت الطالبة Catherine Berridge بحساب كمية الماء المطلوبة في رحلة فرودو وساموايز خلال موردور، من سيريث أونغول (موطن العنكبوت) حتى جبل الهلاك، والتي تبلغ 151 ميلاً.

على إعتبار أنهم قاموا بقطع 15.1 ميل يومياً على سرعة 2.4 ميل بالساعة، فإن هذا سيستغرق 6.3 ساعة سيراً 8 ساعات مخصصة للنوم و 9.7 ساعة للإستراحة وتناول الطعام يومياً في مناخ موردور القاسي. وهذا يعني أن استهلاكهم اليومي للسعرات الحرارية سوف يتوسع ليبلغ 2402.36 كيلو كالوري. وهذا يتطلب الكثير من الماء لتعويض الطاقة خاصةً في بيئة موردور البركانية.

كما يذكر الكتاب فإن الهوبيت كان لديهما فرصتين فقط لتعبئة الماء خلال ملاقاتهم لجدولي ماء على طول الطريق، إذا فرضنا أنهم كانوا قادرين على حمل الماء خلال هذه الرحلة ، 1 لتر من الماء يساوي 1 كيلوغرام مما يعني أن هذا يتطلب حمل 48 كيلوغراماً من الماء على طول الطريق ( 24 لكل منهما ) مما يجعل هذا شبه مستحيل خاصةً في حالة فرودو الصعبة وعبء الخاتم عليه.

ولكن لنتخطى جميع المستحيلات السابقة ولنفترض أنها كانت ممكنةً في هذا العالم السحري!، فعلى الرغم من ذلك ستبقى رحلة فرودو في طريقها إلى النهاية بعد فترةٍ قليلةٍ من بدئها، في سلسلة الأفلام طُعِن فرودو برمحٍ من قبل غول كهفٍ cave troll في مناجم موريا، وفي الرواية يُطعن من قبل عفريت goblin chieftain، ولكن! يخرج منها سالماً غير مصاباً فضلاً لقميص ميثريل الذي قام بإهدائه إياه عمه بيلبو باغينز، ويتمكن أيضاً بعد فترةٍ ليست بطويلة من الهرب من الشيطان القديم بالروغ مورغوث A Balrog of Morgoth.

وهنا سنطرح سؤالنا: بالرغم من ارتدائه لقميص ميثريل فهل من الممكن أن ينجو فرودو من مناجم موريا؟

تم وصف قميص ميثريل بـ" خفيفٍ كالريشة وصلبٍ كجلد تنين"؛ قام الطالبان Alice Cooper-Dunn و Richard Walker بفحص قوة الصدمة الناتجة عن ضربة الرمح لرؤية ما إذا كان بإمكان هذه الضربة ترك أية آثارٍ دائمة، واقترحا أنه بالرغم من ارتداء فرودو لهذا القميص فإن قوة الصدمة المطلوبة لتحطيم قفصه الصدري ستكون حوالي 23،500 نيوتن.

قوة الصدمة الناتجة عن ضربة غول الكهف ستقدر بحوالي 64،300 نيوتن، وبغض النظر عن التشتت الحاصل في القوة المطبّقة على صدر فرودو، سوف تحطم هذه الضربة قفصه الصدري إلى أجزاء، وإصابةٌ كهذه سوف تجعل هروبه بعدها مستحيلاً!

لكن لو اختار كاتب الفيلم أن تكون الضربة موجهة من قبل عفريت goblin chieftain كما في الكتاب فإن قوة الصدمة الناتجة عن ضربة العفريت في سلسلة الكتب مكنت فرودو من النجاة حيث تبلغ قوتها 1،727 نيوتن فقط والتي تنخفض عن القوة المطلوبة لإيذاء فرودو مرتدياً قميص ميثريل بكثير.

إنه لشيءٌ ممتعٌ مقارنة بيئات العوالم الخيالية بعالمنا الحقيقي بطريقةٍ علمية!، وشيءٌ أكثر جمالاً لو كان في عالمنا فرودو وأبطالٌ ينقذون العالم من الشر الكامن فيه، فعلى الرغم هذه المقارنة والتي تجعل رحلتهم شبه مستحيلة، فإننا ذهبنا في رحلةٍ جميلةٍ بين صفحات الرواية ومشاهد السلسلة التلفزيونية الرائعة!.

المصدر: هنا