منوعات علمية > العلم الزائف

هل الأشباح حقيقية، هل تؤمن بالأشباح؟

إن كنت تؤمن بالأشباح، فأنت لست الوحيد، الثقافات حول العالم تؤمن بالأرواح التي نجت بعد الموت لتعيش في عالم آخر، وفي الحقيقة الأشباح هي من أكثر الظواهر الخارقة إيمانًا تبعًا لاستبيان غالوب لعام 2005 الذي بين أن 37% من الأمريكيين يؤمنون بالمنازل المسكونة ونصفهم يؤمن بالأشباح.

كانت الأشباح موضوعًا شيقًا لآلاف السنين حيث ظهرت في قصص لا تعد ولا تحصى وربما هي جزءٌ من السبب في أن الإيمان بالأشباح هو جزء من شبكة أكبر من الاعتقادات الخارقة ذات الصلة بما في ذلك تجارب الاقتراب من الموت والحياة بعد الموت والتواصل مع الأرواح .

ولعل فكرة الموتى العائدون هي فكرة قديمة لكنها فكرة مريحة لكثير من الأشخاص، فمن يستطيع أن يصدق أنه لا يستطيع رؤية أحبائه أو أحد أفراد عائلته بعد اليوم؟؟

هذا ما جعل الكثير من الناس على مر الزمان يحاولون التواصل مع الأرواح، ففي العصر الفيكتوري في انجلترا على سبيل المثال كانت جلسات تحضير الأرواح أثناء اجتماعاتهم مع الأصدقاء عرفاً شائعاً لدى سيدات الطبقات العليا، وفي أواخر الثمانينات في أمريكا زعم الكثير من الوسطاء النفسيين قدرتهم على التكلم مع الموتى، لكن محاولاتهم باءت بالفشل إذ كشف احتيالهم من خلال المحققين أمثال "هاري هوديني"

وظهر في العقد الماضي مصطلح "صيد الأشباح" الذي شاع بعد سلسلة "صائدو الأشباح" المذاع على قناة Syfy cable TV التلفزيونية والذي وصل إلى موسمه العاشر دون أي دليل واضح على وجود الأشباح لكنه رغم ذلك خلّف وراءه تجمعات مثيرة أبرزها "صائدو الأشباح العالمية Ghost Hunters International" وأكاديمية صائدو الأشباح "Ghost Hunters Academy

هذه التجمعات تلتزم شعارات لطيفة تتضمن مقدرة كل شخص عاديٍّ على أن يصبح صائد أشباح ويمكنك رؤية ذلك من خلال رسالتهم التي تقول " أنت لا تحتاج أن تكون عالم أو أن تكونَ قد تلقيت أي تدريب في العلوم أو التحقيق لتصبح صائد أشباح (حيث كان أبطال السلسلة التلفزيونية سباكين وأشخاص عاديين)، فكل ما تحتاجه هو وقت فراغ، مكان مظلم وبعض الأدوات من متجر إلكتروني و نظرة مطولة في الظلام، إذا رأيت ضوءً غير مفسر أو ضوضاء فهذا دليل على أن هناك رفقة بجانبك.

العلم والمنطق وراء الأشباح:

يصدق الأشخاص بالأشباح أحيانًا بناءً على تجارب شخصية كأن يروا أطياف أو يشعروا بها تمر من خلالهم لكن دائمًا ما يكون للعلم وجهة نظرة منطقية.

دعونا أولًا ندرس الأشباح رغم أنه من الصعب فهمها أو تعريفها ولا يوجد تعريف متفق عليه عالميًا لكن البعض يعتقد أنها أرواح الموتى الذين فقدوا طريقهم إلى الجانب الآخر، بينما يدعي آخرون أنها بديل لتوارد الخواطر الموجودة في عقولنا.

الأدهى من كل التعريفات السابقة أن البعض قد كون فئات خاصة لأنواع مختلفة من الأشباح مثل الأرواح الشريرة والأرواح الذكية وأشخاص الظلال وجميعها مصطلحات مصطنعة مثل المضاربة على أنواع مختلفة من الجنيات والتنانين: هناك أنواع عديدة من الأشباح كما تريد أن يكون هناك.

هل هي مواد أم ماذا؟

ربما يتساءل الكثيرون حول ماهيتها وللعلم هناك تناقضات متأصلة في الأفكار التي تدور حولها، فعلى سبيل المثال هل هي مواد طبيعية أم ماذا؟ بما أنها تستطيع أن تتحرك من خلال الأجسام الصلبة دون إزعاجها أو أن توصد الأبواب أو ترمي الأشياء في جميع أنحاء الغرفة، فبالطبع هي إما مادة أو غير ذلك، لا يوجد خيار آخر.

لنفترض أن الأشباح هي أرواح بشرية كما يعتقد البعض فلماذا لا تظهر كالبشر بملابس وقبعات وغيرها، ناهيك عن تقارير عديدة لأشباح القطارات والسيارات، ولماذا لا تقوم هذه الأرواح المسلوبة أو الضائعة التي نتجت عن جرائم القتل الغادرة التواصل مع الأوساط الفيزيائية لإرشاد الشرطة إلى القتلة وهلم جرّا؟ إنّ أيّ ادعاء حول وجود الأشباح يرجح أسباب منطقية للشك في ذلك.

أحدكم سيقول ماذا عن صائدي الأشباح؟ وعن أجهزتهم المتطورة؟

ما يظهر للعالم ومن خلال التلفاز والشائعات الشاردة والواردة أن صائدي الأشباح يستخدمون طرق وأجهزة متقدمة تكنولوجيًا ودائما ما يظهرون بهيئة علماء خارقين يحملون معدات عالية التقنية مثل عدادات جيجر وكاشفات حقول كهرومغناطيسية، وأيونية، وكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وميكروفونات حساسة ومع ذلك فقد تبين أن أيًا من هذه المعدات لم تُظهر على مر الزمان أنها كشفت شبح أو روح طائرة وغامضة.

رأي آخر:

هناك أشخاص يؤمنون بالنهج المعاكس ويقولون إن السبب في أن الأشباح لم تثبت وجودها هو أننا ببساطة لا نملك التكنولوجيا المناسبة لإيجاد أرواح العالم، لكن هذا لا يمكن أن يكون صحيحاً فإما أن تكون الأشباح موجودة وتظهر في عالمنا المادي وبالتالي يمكن الكشف عنها وتسجيل وجودها في صور وفيديوهات أو أنها غير موجودة.

فإذا كانت الأشباح موجودة ويمكن تسجيلها والكشف عنها فيجب علينا إيجاد دليل قوي على ذلك ولهذه اللحظة لم يجد العلماء دليلاً واحداً على وجودها أما لو كانت موجودة ولا نستطيع الكشف عنها أو تصويرها فهذا يعني أنّ كل الصور والفيديوهات والتسجيلات هي محض خيالات واعتقادات لا جانب لها من الصحة.

ورغم النظريات المتناقضة في الأساس الصحيح لها، لا يجعل هذا الآلاف من الصائدين، وجهودهم المتفانية دليل قوي على وجودها، فنحن نحتاج أدلة علمية منطقية على وجودها أكثر من مصباح وصوت غير مبرر.

ومع ذلك تجد الكثيرين يؤمنون بها، لماذا؟

يعتقد بعض الأشخاص أن دعم وجود الأشباح لا يحتاج إلا القليل من العلم القوي مع بعض الفيزياء الحديثة حيث من الشائع أن "ألبرت أينشتاين" هو من اقترح الأساس العلمي لحقيقة الأشباح تبعًا لقانون حفظ الطاقة المتضمن أن الطاقة لا تُفنى ولا تُخلق من عدم ولكنها تستطيع أن تنتقل من شكل إلى آخر دون زيادة أو نقصان.

وهذا ما يطرح سؤال حول طاقة أجسامنا بعد الموت، أين تذهب وهل يمكن بطريقة أو بأخرى أن تتجلى على شكل شبح؟

يبدو أنه افتراض مقبول أولي إذا كنت تفهم أساسيات الفيزياء، لكن الجواب بسيط جدًا وغير غامض؛ بعد موت الشخص فإن طاقة جسمه تذهب إلى أين تذهب طاقة الكائنات الأخرى .... إلى البيئة!

فالطاقة تتحرر على شكل حرارة تنتقل فيما بعد إلى الحيوانات التي تأكلنا (الحيوانات البرية إذا لم ندفن أو الديدان والبكتيريا في قاع الأرض) والنباتات التي تمتصنا من التربة ولا يوجد أي طاقة لا جسمانية يمكن أن تنجو بعد الموت ليتم الكشف عنها بواسطة أجهزة استشعار صائدي الأشباح.

وبينما يعتقد صائدو الأشباح أنهم في طليعة أبحاث الأشباح فإنهم في الحقيقة منخرطون في فلكلوريات تسمى " أسطورة التعثر" أو التمثيل وهي في الأساس شكل من أشكال التمثيل بما فيها البحث عن الأشباح والعناصر الخارقة للطبيعة.

وكتاب "الفضائيون و الأشباح والأطياف..... أساطير نعيشها" (مطبعة جامعة ميسيسيبي 2003) للفلكلوري " بيل ايليس" يُظهر أن الصائدين أنفسهم يأخذون عملية البحث بشكل جدي (الخروج لإيجاد كائنات خارقة ومواجهتها في شكل درامي واعي ومن ثم العودة إلى بر الأمان) والغرض المعلن لهذه الأنشطة ليس الترفيه ولكنه جهد صادق لاختبار وتحديد حدود العالم الحقيقي، وهذا دليل على التعثر في خيالات واسعة.

وان كانت الأشباح حقيقة فإن هناك طاقة غير معروفة أو كامنة يجب أن تدرس من قبل العلماء من خلال تجارب محددة ومحكمة وليست بواسطة الصيادين الذين يتجولون في البيوت والمنازل المهجورة في ساعات الليل المتأخرة مع كاميرات ومصابيح.

وفي النهاية، فعلى الرغم من الجبال من الصور والفيديوهات الغامضة، هناك احتمالين لفشل الصائدين في إيجاد دليل جيد:

الأول هو أن الأشباح غير موجودة وبالتالي التقارير الناشئة عن الأشباح يمكن شرحها من خلال علم النفس والتصورات الخاطئة والخدع، أما الخيار الثاني أن الأشباح موجودة لكن الصائدين غير مؤهلين أو أكفاء.

وفي نهاية المطاف ليس مهمًا أن يكون هناك دليلًا على وجودها فليس هناك أجمل من اجتماع للأصدقاء والحديث عن قصة مخيفة والاستمتاع بالخوف المصاحب لها، أستطيع أن أقول أنكم ستوافقوننا الرأي خاصة لو كان المستمع طفلٌ مشاغب، أو فضوليّ.

المصادر :

هنا

هنا

المصادر الداعمة:

هنا

هنا

هنا