الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

الحبن Ascites (إستسقاء البطن)

ربما ذهبتَ يوماً ما إلى إحدى المستشفيات ولفت انتباهَك رجلٌ مسنٌّ ذو بطن كبير بارز للغاية، ربما قلت لعله بدين جداً ولكنك عندما سألته أجاب (بطني ممتلئ بالسوائل)، قد يكون هذا ما ندعوه طبياً بالحبن.

ما الحبن وما أسباب تشكله وما أبرز أعراضه؟ وماهي مبادئ علاجه؟ فلنتعرّفْ على الحبن في مقالنا التالي:

تُحاط أعضاءُ البطنِ في الحالة الطبيعيةِ بغلاف أو كيس يُدعى بالصِّفاق (البْرِيتْوان Peritoneum)، ويحوي البريتوان كميةً ضئيلةً من السوائل في الحالة الطبيعية، ولكن عندما تزداد كميةُ هذه السوائل بشكل غيرِ طبيعيٍّ فهذا ما ندعوه بـ "الحبن" أو الاستسقاء، وهو موضوع مقالِنا لهذا اليوم..

ما هي أسباب الحَبَن؟

هناك عددٌ كبير من الأمراض التي قد تؤدي إلى حدوث الحبن، وتختلف أسبابُ وفيزيولوجيا تراكمِ سائلِ الحبن وفقاً للمرض المسبِّب.

قد ينجم الحَبَنُ عن مرض كبديٍّ حيث لا يستطيع الكبد تصنيعَ الكمياتِ الكافيةِ من البروتينات اللازمةِ لإبقاء السوائلِ ضمن الأوعيةِ الدمويةِ (أبرزُها بروتينُ الألبومين الضروريُّ للضغط التناضُحي)، وكذلك قد ينجم عن الضغط المرتفع ضمن الأوعيةِ الدموية الكبديةِ (ارتفاع التوتر البابي) ونذكر من بعض الأمراض المسبِّبةِ:

التشمعَ الكبديَّ والتهابَ الكبدِ الفيروسيّ B،C (طويل الأمد) واستهلاكَ الكحول على مدى سنينَ طويلة. وقد ينجم أيضاً عن خَثْراتِ وريدِ الباب.

كذلك قد تؤدي بعضُ السرطاناتِ في البطن إلى الحبَن، كسرطانِ الزائدةِ الدودية أو سرطانِ الكولون أو سرطانِ المبيضِ أو الرحمِ أو البنكرياسِ أو الكبد....

ومن الأسباب الأخرى التي قد تؤدي إلى الحبن:

• انسدادُ الأوردةِ فوقَ الكبديةِ (متلازمةُ بود- كياري Budd-Chiari Syndrome)K والتي تشتمل على الضخامة الكبدية والألمِ البطنيِّ إضافةً للحبن.

• قصورُ القلبِ الاحتقاني.

• القصورُ الكُلْوِيّ.

• التهابُ البنكرياسِ المزمن (والذي يُعد الاستهلاكُ المفرطُ للكحول من أهمِّ أسبابِه).

• المتلازمة النفروزية.

ما هي أعراضُ الحبن؟

قد تتطور أعراضُ الحبنِ بشكل تدريجيٍّ أو بشكل مفاجئٍ وسريعٍ تِبعاً لسبب الحبن، وقد لا يلاحظ المريضُ أيَّ أعراضٍ إذا كانت كميةُ سائلِ الحبنِ قليلةً، ولكن كلما تراكمت السوائلُ أكثر سيشكو المريضُ من كِبَرٍ في حجم البطنِ وألمٍ بطنيٍّ وتطبُّلٍ في البطن، وتؤدي الكمياتُ الكبيرةُ من السوائل إلى زُلّة تنفسية (ضيق في النفس) بسبب ضغطِها على عضلةِ الحجابِ الحاجز، إضافةً إلى بعض الأعراض التي يسببها المرضُ الأصليُّ المسببُ للحبن كأعراض القصورِ الكبدي أو القلبي.

سيقوم الطبيب بإجراء فحصٍ سريريّ كاملٍ لتحرّي وجودِ الحبن، وقد يستطيع الطبيب تشخيصَ الحبن بوساطةِ الفحصِ السريري إذا تجاوزت كميةُ هذا السائلِ الـ 500 مل، أما عن الكمياتِ الأقل فعادةً ما يتم تشخيصُها بوساطة الإيكو أو التصويرِ الطبقيِّ المحوري CT scan، وربما يطلب الطبيبُ إجراءَ بعض الفحوص الأخرى لتقييم وظائفِ الكبدِ والكلى لتساعدَه في تشخيص السببِ الكامن وراء وجودِ سائلِ الحبن. ونذكر من هذه الفحوص:

- جمع بول 24 ساعة

- معايرة الشوارد

- اختبارات وظائف الكلى

- اختبارات وظائف الكبد

- بعض التحاليل الدموية الأخرى

- تحليل بول

- إيكو بطن.

كما قد يقوم الطبيب بما يسمى بَزْل الحَبَن إذ يقوم بإدخال إبرةٍ خاصّة لسحب عينةٍ من سائل الحبن من البطن، ثم يرسل هذا السائلَ للتحليل المخبريِّ لتُجرى عليه بعضُ الاختباراتِ بحثاً عن صفاتِ وسببِ الحبن.

كيف يتم علاج الحبن؟

لا بد أولاً من معالجة السبب المؤدي إلى حدوث الحبنِ (إن أمكن ذلك)، فالحَبَنُ هو عرَضٌ وليس مرضاً بحدّ ذاتِه.

ومن النصائح المتبَعةِ والتي تهدف إلى منع والإقلالِ من تراكم سائلِ الحبن:

- تجنّبُ الكحول

- الحدُّ من استهلاك الملح في النظام الغذائي ( أقل من 2 غرام يومياً مثلاً)

- تحديد وارد المياه والابتعاد عن شرب الكميات الفائضة من المياه.

- وقد يصف الطبيب بعضَ الأدويةِ وأبرزُها:

المُدِرّات (للتخلص من السوائل المتراكمة).

الصادّات الحيويةُ لمكافحة الإنتانِ (العدوى) في حال وجوده.

- بَزْلُ الحَبَنِ الإفراغي: حيث يتم إفراغُ سائل الحبن إذا كانت كميتُه كبيرةً بوساطة إبرةٍ خاصةٍ وبشروطٍ عقيمةٍ للتخلص من هذا السائلِ أو كمياتٍ منه، وللتخفيف من أعراض الحبن.

وبعض الاختلاطات التي قد تشاهد لدى مرضى الحبن:

- التهاب البريتوان العفوي (وهو إنتان مهدد للحياة في سائل الحبن)

- المتلازمة الكبدية الكُلْوِيّة (وتشمل فيما تشمل على القصور الكلوي)

اضطراب ذهني (تخليط ذهني)، تبدّل في مستويات الوعيِ أو حتى الغيبوبة.

بعضُ الاختلاطاتِ الناجمةِ عن تشمُّع الكبدِ في حال كان هو سببَ حدوث الحبن.

ما هو إنذار الحبن Prognosis؟

للأسف فإن الحبنَ الناجمَ عن السرطانات (المسمّى بسائل الحبن الخبيث) ذو إنذارٍ سيئٍ ويدل على حالة متقدمةٍ من السرطان (متوسط البقاء على قيد الحياةِ قد يصل عند هؤلاء المرضى إلى 20-58 أسبوعاً).

وكذلك فإنّ الحبَنَ الناجمَ عن تشمُّع الكبدِ يدل على حالة متقدمةٍ من التشمع.

أما إذا كان الحبنُ ناجماً عن قصورِ القلبِ فهو ذو إنذارٍ أفضلَ نسبياً، فقد يعيش المرضى لسنوات عديدةٍ باتّباعِ العلاجِ المناسب.

ملخص المقال: الحَبَن أو ما يُعرَف بالاستسقاء هو تراكمُ السوائلِ داخلَ تجويفِ البطنِ مسبِّباً كِبَراً في حجم البطنِ، ويُعتبر تشمعُ الكبدِ من أبرز أسبابِه، إضافةً إلى أسبابٍ أخرى كقصور القلبِ أو الكُلْيةِ أو بعضِ السرطانات. يتم تشخيصُ الحبن سريرياً في حال كانت السوائلُ المتراكمةُ ذاتَ كميةٍ جيدةٍ وإلا فسيتم اللجوءُ للإيكو لتشخيصِه مثلاً، إلى جانب إجراءِ بعضِ الفحوصِ المخبريةِ بحثاً عن السبب الكامنِ وراءَ تشكُّلِ الحبن. ولعلاج الحبنِ لا بد من علاج السببِ الكامنِ وراء حدوثِه أو السيطرةِ عليه إن أمكن ذلك.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا