الفيزياء والفلك > أعظم مهمات ناسا

أعظم مهمات ناسا - المهمّة كاسيني Cassini

قبلَ كاسيني، لم نكُن نملكُ سوى لمحةٍ بسيطةٍ عن الاكتشافاتِ التي تنتظرُنا في زُحل. مرّت الرّحلاتُ السّابقة (بيونير11 وفوياجر1 وفوياجر2) بشكلٍ عابرٍ قرب زُحل منذُ عدّة عقود، حيثُ التقطت بعضَ الصّورِ وأجرت بعضَ القياساتِ العامّة خلالَ مرورِها. سلّطت هذه الرّحلات الضّوء على النّظام المُعقد لحلقاتِ زُحل، واكتشفت أقماراً جديدةً وقامت لأوّل مرّةٍ بقياسِ غلافِه المغناطيسيّ. لكنّ هذهِ العمليّاتِ السّريعة لم تُعطِ الوقتَ الكافي للقيامِ ببحثٍ علميٍّ مكثّفٍ عن الكَوكَب.

لكن ذلك تغيّر مع كاسيني، فقد بدأت عهداً جديداً من الدّراسة المُعمّقة عن قُربٍ للكَوكَب ونظامِ حلقاتِه وأقمارِه منذ العام 2004. أصبحت كاسيني أوّلَ مركبةٍ فضائيّةٍ تدورُ حول زُحل لتبدأ مرحلةً جديدةً لاكتشاف الكنوزِ العلميّة الدّفينة في هذا الكَوكَب. تبيّنَ لنا أنّ نظامَ زُحل غنيٌ بالاكتشافاتِ العلميّةِ وأنّ المعلوماتِ الّتي حصلنا عليها من كاسيني غيّرت مسارَ تاريخِ اكتشافِ الكواكب.

تقول "Linda Spilkerr" العاملة في مشروعِ كاسيني: "نحنُ أمام ينبوعٍ من الاكتشافاتِ العلميّة، بدءاً من حلقاتِه العظيمةِ مروراً بأقمارِه المُدهشةِ وغلافِه المغناطيسيّ الدّيناميكيّ، إضافةً إلى سطحِ قمره تيتان "Titan" وغلافه الجويّ. أحد أهمّ الاكتشافاتِ حتّى الآن هو العمليّات المُشابهةُ للعمليّات الأرضيّة على القمر تيتان، واكتشافُ بقعةٍ ساخنةٍ في القُطبِ الجنوبيّ للقمرِ إنسيليدوس " Enceladus" تقومُ بنفثِ قِطعِ كريستالٍ جليديّةِ وماءٍ سائلِ من تحتِ سطحِها"

دراسةُ العديدِ من أقمارِ زُحل:

تُعتبر أقمارُ زُحل ذاتُ الطّبيعةِ الدّيناميكيّةِ من أهمّ اكتشافاتِ مسبار كاسيني خلال مرورهِ بالقُرب منها. أرصادُ كاسيني لأكبرِ أقمارِ زُحل؛ تيتان، أعطتِ العُلماءَ لمحةً عن الشّكلِ المُحتملِ للأرضِ قبلَ تطوّر الحياة، ويَعتقد العُلماءُ حاليّاً أنّ هذا القَمرَ يحوي الكثيرَ من الأشياءِ المُشابهةِ للأرضِ؛ كالبُحيراتِ والأنهارِ والقنواتِ والكُثبانِ والمطرِ والغيومِ والجبالِ وربّما البراكين.

نُشرت مئاتُ المقالاتِ العلميّةِ في أهمّ المجلّاتِ العلميّةِ بفضلِ البياناتِ القادمةِ من المِسبار كاسيني، بالإضافة إلى المَركبة هويغينز "Huygens" الّتي حطّت على سطحِ ذلكَ القمرِ عام 2005.

أثبتَ القمر إنسيلادوس أيضاً أنّه مصدرٌ ضخمٌ للكثيرِ من الاكتشافاتِ العلميّةِ، إذ ينبعثُ من تحتِ سطحِه رذاذٌ من الجّزيئاتِ المُتجمّدةِ على شكلِ نوافيرَ أطولُ من قطرِ القمرِ نفسِه. أثبتَ كاسيني أنّ هذا الرّذاذَ هو ما يُغذّي أكبرَ حلقاتِ زُحل؛ الحلقة E، وعند اقترابِ المِسبارِ من القمرِ لمسافة 25 كم اكتشفَ وجودَ محيطٍ كبيرٍ تحت سطحِه ممّا يَزيدُ من فُرصِ وجودِ حياةٍ عليه.

تمديدُ المُهمّة:

شهدت مُهمّةُ كاسيني تمديدين، ممّا أعطى العُلماءَ وقتاً إضافيّاً للقيامِ بالمزيدِ من المُناوراتِ والدّراساتِ والقياسات. مع انتهاءِ المُهمّة الأساسيّة بعد إطلاقها بأربعِ سنواتٍ؛ أي في العام 2008، أضافت كاسيني والمركبةُ هويغنز أبعاداً جديدةً لفهمِنا لتعقيداتِ نظامِ زُحل. أوّلُ تمديدٍ لمُهمّة كاسيني كانت مدّتُه سنتين وسمي "Cassini Equinox Mission" استمرّت خلالَها كاسيني بتقديمِ المزيدِ من الاكتشافاتِ المُثيرة. خلالَ هذا التّمديدِ دار المِسبارُ 60 دورةٍ جديدةٍ حولَ زُحل و26 مرورٍ بجانبِ القمرِ تيتان، وسبعةٍ بجانب القمر إنسيلادوس ومرورٍ واحدٍ بجانب كلًّ من الأقمارِ (دون) و (ريا) و(هيلين). تمكّن العُلماءُ خلالَ هذا التّمديد من تصويرِ حلقاتِ زُحلٍ عند مرورِ الشّمسِ وراءها، ممّا سمحَ للعلماءِ بالتقاطِ صورٍ لا مثيلَ لها من قَبلُ لهذه الحلقات.

في العامِ 2010، مُدّدت مُهمّة كاسيني 7 سنواتٍ أخرى، ومازالت مستمرةً حتّى اليوم. سُمّي هذا التّمديد "the Cassini Solstice Mission". آخرُ مرحلةٍ من هذا التّمديد سُمّيت "The Grand Finale" حيثُ سيدورُ المسبارُ 22 دورةٍ في المجالِ الواقعِ بينَ غيومِ زُحل وحلقاتِه قبلَ أن يسقُط في زُحل مثواهُ الأخير.

سببُ هذين التّمديدين هو انحرافُ محورِ دورانِ زُحل بالنّسبةِ لمستوي مداره، كما يحصلُ مع الأرضِ والّذي يُسبّبُ تعاقبَ الفصولِ. لكن في حالةِ زُحل فإنّ تعاقُبَ الفصولِ يحصَلُ كلّ 7 سنواتٍ أرضيّة، وهذا التّمديدُ سمحَ للعلماءِ بدراسةِ الكَوكَبِ بكلِّ فصولهِ.

المصدر: هنا

انفوغراف - مالذي أنجزته كاسيني خلال عشر سنوات من دراسة كوكب زحل هنا

تلسكوب هابل ومركبة كاسيني يشتركان معا في رصد فريد لأضواء الشفق القطبي على كوكب زحل هنا