العمارة والتشييد > الترميم وإعادة التأهيل

البيت الأصفر في بيروت: يرسم بجدرانه ذاكرةً للحرب

كان البيتُ الأصفر ملكاً لعائلة بركات، التي كلَّفت المهندس المعماري يوسف أفتيموس ببنائه عام 1924 حيث شيَّد الطابق الأرضي والأول، ثم أتمَ المهندس فؤاد قزح الطابقين الثاني والثالث عام 1932 فقام بتعزيز التِّقْنيات المعمارية المستخدمة والتي جمعت تأثيراتٍ محليَّةً وغربيَّةً بدمج البناء بالحجر مع استخدام الاسمنت المسلَّح ليكون شاهداً على تطوُّر الهندسة المعماريَّة للمنطقة.

ينتمي المبنى للمرحلة الانتقالية بعد بيوت الحجر ذات الطبقتين، واستمدَّ لقبه من لون حجارته التي أُحضِرت من بلدة دير القمر المشهورة بعمارتها التراثيَّة في منطقة جبلِ لبنان. يتكون البيتُ من بناءَين يضمُّ كلٌّ منهما أربعة طوابق يعلوها سطحٌ على شكل مصطبة. تميَّز المبنى بطوابقه المزيَّنةِ بالأعمدةِ الجميلةِ والقناطرِ المزخرفةِ وبوجود جسرٍ ممدودٍ في الهواء وملتفٍّ كحزامٍ حول الأعمدة وهو ما يُدعى »متَّكأ الفراغ« ليربطَ شرقَ البناء بغربهِ ويمحوَ الحدودَ بين الجهات. يقع المدخلُ الرئيسيُّ للمبنى في خط المحورِ الرئيسيِّ كفتحةٍ مشرَّعةٍ على الفضاء. توجدُ أيضاً في عُمقِ هذا المحورِ باحةٌ أماميةٌ تتفرَّع منها السلالمُ المؤديةُ إلى المساكن. يتصلُ المبنيانِ في الواجهة بواسطة عواميدَ هوائيةٍ مفتوحةٍ بشكلٍ واسعٍ على المدينة ومزدانةٍ بزخارف حديديةٍ جميلة.

موقع البيتِ الأصفر المركزي وانفتاحه على تقاطع طرقٍ حوَّله إلى مركزٍ عسكريٍّ ومركزِ مراقبة ما أدَّى لإصابة البيتِ بأضرارٍ بالغةٍ خلال الحربِ الأهليَّةِ، واستمرَّت حالتُه بالتدهور منذ نهاية الحرب بفعل الزَّمن والإهمال، لكن المجتمع المدنيَّ نظَّم حملاتٍ لحمايةِ المبنى من الهدمِ لتتكلَّلَ جهودهم بنصِّ مرسومٍ لإعادة تأهيل البيت ليصبح مركزاً ثقافيَّاً يضمُّ:

متحفاً ومكاناً للمتلقيات الثقافيَّة والفنيَّة وأرشيفاً يحفظ الدِّراساتِ والأبحاثَ الخاصَّة بمدينة بيروت عبر التاريخ، بالإضافةِ إلى مكتبٍ للتنظيم المدني لبلدية بيروت وموقفٍ للسيارات في الطابق الأرضي.

كما سيتم تشييد مبنىً حديثٍ معاصرٍ في المساحة غير المشغولة من الأرض، وبدأ العمل بهذا المرسوم في سنة 2008 في إطار شراكة تعاون بين بلدية بيروت وبلدية باريس.

تجدرُ الإشارةُ أنَّه من المقررِ أن يحتوي الطابقُ الأرضيُ في إطار إعادة تأهيل المبنى على مكتبةٍ وكافتيريا ومحلٍّ لبيع التذكارات، بينما ستُخصَّص الطوابق الثلاثةُ كمعارضَ وقاعاتٍ وورشاتِ عمل مع إضافة مطعم على سطح المبنى، بينما سيُخصَّص المبنى الجديد للأعمال الإدارية والبحوث، ويتكون من إحدى عشر طابقاً، ستةٌ منها سفليَّة وأربعةٌ مجهزةٌ للأرشيف. يعبِّر المبنى الجديد الذي يمثل مرحلة الحداثة في بيروت عن المدينة بما فيها من قديمٍ وحديث، حيث يشير المهندس يوسف حيدر المسؤول عن عملياتِ الترميم »لقد تقصَّدنا ألّا نركز على التاريخ المتعلق بالحرب فقط، لأنَّ ذلك يعني خسارةَ معانٍ كثيرة ٍأُخْرى«. كما يحتوي مرصداً مدنياً يرصد تحولات المدينة وتغيراتها، بالإضافة لمدرجٍ يتَّسع ل200 مقعدٍ مخصَّصٍ للاجتماعاتِ والأعمال المرتبطةِ بالمركز الثقافي. تبلغ مساحة المتحف 2300 م مربعٍ، وبالعودة للجدول الزمني للمشروع تنتهي أعمال الترميم على المنزل في 2015 وفي عام 2016 سيتم إعداد الإطار القانوني ليتمَّ افتتاحه في 2017.

في سجل المهندس يوسف حيدر المهني العديد من الأعمال الترميميَّة التي نفَّذها في لبنان، حيث عملَ على إعادةِ ترميمِ خان الصَّابون في مدينة طرابلس، والجامع العُمري والمتحف الخاصِّ في الجامعة الأمريكية في بيروت، إضافةً إلى إعادة تأهيل العديد من الأبنية التراثيَّة. واكبت عملَ المهندس حيدر لجنة من المعماريين ألَّفتها بلدية باريس واللجنة العلميَّة التي عملت على وضع برنامج المتحف.

وأنتَ عزيزي القارئ هل يوجدُ في حيِّك مبنىً مميزٌ يحمل بين جدرانه ذاكرةَ المنطقةِ ويقف شاهداً على تاريخها حافظاً آثار من مرَّ بها؟


المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا