الفيزياء والفلك > فيزياء

فريق بحثي يزعم بأنه تمكن من رصد الخاصية الكميّة للفراغ

تمكّن العُلماء أخيرًا من رصد ما يُعتقد بأنه الخاصية الكميّة للفراغ، والفضل في ذلك يعود لنجم نيوتروني.

إن الفضاء الخالي هو أقل خلاءً مما تعتقد، ذلك لأنه مأهول بجسيمات افتراضيّة، تنبثق إلى الوجود وتختفي ثم تظهر مجددًا وهكذا بشكل مستمر.

بدأت القصة عام 1930، عندما توقّع العالمان فيرنر هايزنبرغ و هانز هاينريش يولر، بأنَه يُمكن للمجالاتِ المِغناطيسيّة القويّة جدًا أن تسبب تفاعلا بين هذه الجسيمات الافتراضية للفراغ والضوء، الأمرالّذي يؤدي إلى تُغيّر قطبية الأمواج الضوئية (تشير القطبية polarity إلى المنحى الذي يتسم به الحقل الكهربائي والحقل المغناطيسي على طول جهة انتشار الموجة الضوئية). إن هذا التأثير الّذي توقعه كل من هايزنبرغ ويولر، يُسمّى "انكسار الفراغ"، وهو أمر لم تتنبأ به الفيزياء الكلاسيكيّة.

استعان فريقٌ عالمي من الباحثين بالتلسكوب العملاق VLTT في تشيلي، من أجل رصد ضوء النجم النيوترونيّ RX J1856.5-3754. وأثناء قيامهم برصد هذا النجم، شاهدوا كيف يتأثر الضوء أثناء مروره بالفضاء الخالي المحيط بالنجم، والواقع تحت تأثير حقله المغناطيسيّ القوي. الأمر الّذي يُعتَبَر اختبارًا حقيقيًا لنظريّة الديناميكا الكهربائية الكميّة، الّتي تصفُ تأثير كل من المادة والضوء على بعضهما البعض.

يقول رئيس الفريق البحثي روبرتو ميغاناني من مرصدِ INAFF في ميلان :" وفقا لنظرية الديناميكا الكهربائية الكميّة، فإنَ الفراغ الممغنط بشكلٍ كبير، يسلك سلوك موشورٍ بالنسبة للضوء الذي يعبره، يدعى هذا التأثير باسم انكسار الفراغ المزدوج Vacuum birefringence."

ويُضيف فيقول: " لا يُمكن رصد استقطاب خطيّ كهذا للضوء، إلا في حال وجود حقول مغناطيسيّة قوية جدًا، كالحقلِ المغناطيسيّ الناتِج عن نجم نيوتروني"، ويضيف روبرتو توريلا من جامعة بادوا "إن هذا يُثبِتُ مُجددًا أهميّة النجومِ النيوترونية كونها مُختبرات ثمينة، فمِن خلالها يُمكِنُنا دِراسَةُ القوانين الأساسيّة لِلطبيعة".

يعود الفضل في هذا الاكتشاف للقدرات الخارقة للمقراب العملاق، الّذي رصد الخفوت النسبيّ في بريق النجم النيتروني، مما سمح للعلماء بأن يراقبوا التغيرات التي تطرأ على اتجاه الضوء، أو ما يُعرف باسم "الاستقطاب" Polarization.

تُظهِر التحليلات بأن درجة استقطاب الضوء الصادر عن النجم، تُقدر بنحو 16%، الأمر الّذي لا يُمكن تفسيره إلا من خلال التفاعُلِ بين الفضاء الفارغ حولَ النجم، والحقل المغناطيسيّ الناتج عن النجم نفسه.

ستكون التلسكوبات المُستقبليّة مِثلَ التِلسكوبِ الأوروبيّ العِملاق، قويةً بما فيه الكفاية لِرصدِ التَأثيرات في مُحيط العديدِ مِن النجوم النيوترونية الأخرى. الأمر الذي يجعل من تلك الأجسام الضخمة حقول تجاربٍ واعدة، لدراسةِ التأثيراتِ الغريبة لميكانيكا الكم.

المصدر: هنا