الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

الحميات عالية المحتوى بالبروتين وعلاقتها بالسرطان

سلَّطت وسائلُ إعلاميةٌ الضوءَ مؤخراً على الحميات عالية المحتوى بالبروتين، وخاصةً ذا المصدرَ الحيواني، باعتبارها قد تضاهي التدخين في ضررها، وذلك بعد نشر مجلة Cell Metabolism لدراسةٍ تقول إن تناول الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و65 عاماً لحمياتٍ غنيةٍ باللحوم والأجبان تزيد فرص إصابتهم بالسرطان وبالتالي الوفاة. فهل أُثبت ذلك فعلاً بالدليل القاطع؟

الدراسة على البشر:

صنَّفَت هذه الدراسة ما يتناوله الفرد يومياً من البروتين إلى واردٍ عالٍ (ما يزود الجسم بـ20% أو أكثر من السعرات الحرارية) وواردٍ متوسط (يتراوح بين 10 و19% من السعرات) وواردٍ متدنٍّ (أقل من 10%)، وقارنت أثر كل منها على المرضى والأصحاء، وقد خلصت الدراسة بالقول إن ذوي الوارد البروتيني العالي الذين تجاوزت أعمارهم الخمسين لديهم فرصٌ أكبر للوفاة بسبب يتعلق بمرض السكري دون مجمل أسباب الوفاة، بينما أولئك ذوي الوارد البروتيني العالي الذين تتراوح أعمارهم بين الـ50 و65 فلديهم فرصٌ أكبر للوفاة بسبب السرطان وغيره مما يسبب الوفاة. افترض الباحثون أنَّ الرابط بين الوارد البروتيني العالي وما سبق قد يكون نتيجة ارتفاع مستويات هرمون النمو IGF-1، وفي المقابل ينخفض ذلك الخطر في المجموعة التي تتجاوز أعمار أفرادها الـ65.

تجدر هنا الإشارة إلى أن دراساتٍ كهذه قد تبين الرابط ولكنها لا تثبته، فلا سبيل للتحقق أن المتغير المدروس (البروتين الحيواني هنا) هو صاحب التأثير على المشاركين في الدراسة في ظل وجود عواملَ أخرى كالوارد من الدهون المشبعة والنشاط الفيزيائي ومعدل استهلاك الكحول، فرغم أنَّ ارتفاعَ مستوياتِ هرمون النمو العائد إلى الوارد البروتيني العالي هو السبب الأكثر احتمالاً للرابط المذكور لم يعثر الباحثون في دراستهم على ارتفاعٍ ملحوظ في التراكيز الدموية من هرمون النمو يربط بين الوارد البروتيني وحدوث الوفاة. كما أنَّ هذه الدراسة التي استمرت 18 عاماً درست النظام الغذائي للمشاركين مرة واحدة فقط وذلك في بداية الدراسة.

الدراسة على فئران التجارب:

أُجريت دراساتٌ عديدة على الفئران للبحث في العلاقة بين كل من الوارد البروتيني وهرمون النمو مع السرطان، وفي كلتا الحالتين غُذّيت الفئران طعاماً غنياً أو متوسطاً أو فقيراً بالبروتين، وحُقنت بخلايا سرطانية للبحث في نمو الأورام. لوحظ لدى الفئران التي تناولت طعاماً عالي المحتوى من البروتين وجودُ مستوياتٍ دمويةٍ أعلى هرمون النمو IGF-1 ونمواً ورمياً أكبر، وعلى الرغم من أهمية هذه النتائج فإنها لا تتعدى كونَها تجاربَ سريرية على الفئران ولا تقدم شرحاً صائباً بالضرورة لما يحدث عند البشر.

في المحصلة يجب أنْ نتذكرَ وجود أدلةٍ قويةٍ تثبت أنَّ اللياقةَ البدنية وعدمَ التدخين والحفاظَ على وزن صحي وشربَ الكحول ضمن الحدود المسموحة تحد من فرص الإصابة بالسرطان، أما تأثير هرمون النمو على الحالة الصحية فهو أمرٌ معقد ويحتاج أدلةً أوثق قبل الإقرار بفهم العلاقة بين هرمون النمو والسرطان، فالدراسة الوصفية غير كافية لإيضاح السبب والآلية المحتملة غير مدعومةٍ بأساس قوي.

*الدراسة الوصفية Observational Study: هي إحدى أنواع الدراسات في علم الوبائيات تقارن بين مجموعتين مدروستين إحداهما خضعت للعلاج وأخرى شاهدة لم تخضع له.

المصدر: هنا