الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

التهاب المجاري البولية الجزء الثالث: عند الأطفال

هي واحدةٌ من أشيعِ الالتهابات عند الأطفال وتكونُ مزعجةً للطفل مقلقةً للأهلِ وقد تؤدِّي إلى أذيةٍ دائمة للكليتين، ويزداد احتمال الإصابة بها خلالَ السنة الأولى من العمر لتنخفضَ تدريجياً كلما كبُرَ الطفل.

نميزُ فئتين أساسيتين لالتهاب المجاري البولية:

• التهابُ المجاري البوليةِ العلويُ متمثلاً بالتهابِ الحُويضة والكلية (Pyelonephritis) .

• التهابُ المجاري البولية السفليُ متمثلاً بالتهابِ المثانة (Cystitis).

تكون جراثيمُ الفلورا المعوية المتَّهمَ الأساسيَ في التهاب المجاري البولية عند الأطفالِ وتحديداً العصيات سلبية الغرام متمثلةُ بالإيشريشية الكولونية (Escherichia coli) والتي تقفُ وراءَ 75-90% من الحالات، وتعد الفطورُ (المُبْيَضّات) وبعضُ الفيروسات منَ العواملِ الممرضةِ الأخرى المسببة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال.

يحدثُ التهابُ المجاري البولية عندما تصلُ العواملُ الممرضة التي استعمرت المنطقة حولَ الإحليل إلى المثانة ومنها إلى المستوياتِ الأعلى (الكلية) لتسببَ التهابُ الحويضة والكلية (pyelonephritis)، وقد تصلُ إلى الجريان الدموي مسببةً إنتان الدم (bacteremia). تنتشرُ العواملُ الممرضة بشكل واسع وغير مضبوط عند الأطفال الأصغرِ من شهرين وعند ضعيفي المناعة.

يكونُ الطفل أكثرَ عرضة للإصابة نتيجةَ حدوث تبدلات في الفلورا التالي لاستخدامِ الصادات الحيوية وذلك في المنطقة حول الإحليل بالإضافة إلى التشوهات التشريحية في بنية الإحليل والمثانة وحالات الإمساك المتكررة، وكذلك عند الأطفال الذين يقومون بحبسِ البول، إذ يوفرُ ذلك بيئةً مناسبةً للجراثيم والعوامل الممرضة الأخرى لتتكاثرَ مما قد يفاقم من حدةِ الإصابة.

متى يجبُ استشارة الطبيب؟

يمكنُ تصنيف الأطفال إلى مرحلتين عمريتين لكلٍ منهما أعراضه المميزة:

الأطفال الاصغر من سنتين:

• ارتفاعٌ في درجة الحرارة وربما يكون العرض الوحيد.

• إقياءٌ إو إسهال.

• تهيجٌ وانزعاجٌ مستمر.

• تقبُّلٌ ضعيفٌ لمحاولات الإطعام وكسبٌ قليل للوزن.

الأطفال الأكبر من سنتين:

• وجودُ ألم وحرقة عند التبول.

• تكررُ الحاجة للتبول

• الإحساسُ بألم أسفلَ البطن أو الخاصرتين.

• ارتفاعُ درجة حرارة الطفل (أكثر من 38 درجة).

سارعْ إلى طلبِ الاستشارة الطبية خلالَ 24 ساعة عندما تشك أن طفلك يعاني من التهاب المجاري البولية، إذ أنّ تأخرَ البَدء في العلاج يفاقمُ من خطورة حدوث إصابة كلوية.

التشخيص:

إن مراجعةَ المريض للطبيب بالأعراض السابقة يدفعُ إلى الشك بوجود التهاب المجاري البولية ولذلك تُطلَب الفحوص التالية:

فحصُ البول: تؤخذُ عينةٌ من بول الطفل لتأكيد أو نفيِ الإصابة بالتهاب المجاري البولية، حيث يُظهِر تحليلُ البول بيلةً قيحية Pyuria يمكنُ تأكيدها باختبارِ شرائط الغمس (dipstick).

يظهرُ الفحص المجهري لعيّنة البولِ المثفَّلة وجودَ كرياتٍ بيض أو حمر، وجراثيمَ أو اسطوانات. كما يُجرى زرعُ البول ضمنَ مجموعة من الأوساط المخبرية المعروفة وذلك لتحديدِ العوامل المسببة للالتهاب وإجراء اختبارات التحسسِ للصادات عليها خلالَ 48 ساعة، وتعد الموجوداتُ السابقة معاييرَ أساسيةً لتشخيص التهاب المجاري البولية.

يخضعُ جمعُ عينات البول عند الأطفال إلى مجموعةٍ من الشروط، ففي حالة الأطفالِ الصغار غير المدرّبين على استخدام الحمام يكونُ من الضروري استخدامُ القثطرة البولية لجمع العينة وذلك لتجنب تلوثها عند جمعها بالطرق الأخرى (كاستخدام الكيس). أماالأطفالُ الأكبرُ القادرون على استخدام المرحاض فيمكنُ أن تُجمَع العينات منهم ضمن العبوة المعقمة بإشراف من الأهل وذلك لضمان العقامة.

الفحوص الشعاعية:

• يُجرى تصويرٌ بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو) للجهاز البولي وهو إجراءٌ سهلٌ وآمن تماماً ويفيدُ في استبعاد وجود اعتلال المجاري البولية الانسداديObstructive uropathy ويفيدُ في بعض الحالات في الكشف عن الأذيات الكلوية المعتدلة الناتجة عن التهاب الحويضة والكلية (pyelonephritis).

• تصويرُ المثانة والإحليل بالطريق الراجع أثناء التبوّل (VCUG):

هو إجراءٌ تقليدي، يُجرى بعدَ أول التهاب مجاري بولية مترافقٍ بالحمى عند الأطفال والرضّع، وهو مبني على افتراضاتٍ بأن التهابَ المجاري البولية العلوي يحدثُ بسبب الجزر المثاني الحالبي (Vesicoureteral reflux) إذ تنتقلُ الجراثيم من المثانة إلى الكلية. في حين أظهرت دراسات بأنَ العديد من الأطفال الذين أصيبوا بالتهاب الحويضة والكلية لم يظهر لديهم جزرٌ مثاني حالبي.

يُجرى تصوير الإفراغ الحالبي المثاني عندما يُظهر تصويرُ المثانة والكلية مَوَهاً في الكلية أو تندباتٍ أو أيّةَ موجودات أخرى قد تشير إلى وجود درجة عالية من الجزر المثاني الحالبي أو اعتلالِ المجاري البولية الانسدادي كما يجب إجراء هذا التصويرعندما يتكرر التهاب المجاري البولية مترافقاً بالحمى حتى ولو كانت موجوداتُ التصوير بالأٌمواج فوق الصوتية طبيعية.

العلاج:

يعالجُ المرضى الذين لا تظهرعليهم علاماتُ الإنتان بإعطائهم سوائلَ فموية وصَادّات أما المرضى المخموجون بشدة (لديهم التهاب شديد) والذين يواجهون خطرَ الصدمةِ الإنتانية فيصلون المستشفى بحالة إسعافية، وعندها يجبُ اتباع المعاييرِ الأساسية في تدبيرِ الصدمة الإنتانية والعلاج المكثف بالسوائلِ الوريدية والصَادّات بالطريق الوريدي.

الصادات المستخدمة للعلاج:

• السيفترياكسون (Ceftriaxone): من الجيل الثالث من زمرة السيفالوسبورينات، لا يعطى للأطفال بعمرٍ أقل من 6 أسابيع.

• السيفاتوكسيم (Cefotaxime): يمكن استخدامه للأطفال بعمرٍ أقل من 6 أسابيع ويُشارَك مع الأمبيسلين (ampicillin) عند الأطفالِ بعمر(2-8) أسابيع.

• الأمبيسلين(Ampicillin): يستخدم بالمشاركة مع الجنتاميسين عند الأطفالِ بعمرٍ أقل من أسبوعين والذين يعانون من حساسية تجاه السيفالوسبورينات.

• الجنتاميسين (Gentamicin): ويعطى لجميعِ الأعمار مع مراقبة الوظيفة الكلوية إذا استمرَ العلاج أكثرَ من 48 ساعة.

العلاج المستخدم مع المرضى المصابين بالتهاب الحويضة والكلية المختلط (Complicated pyelonephritis) والمقبولين في المستشفى:

يعتبرُ التهابُ الحويضة والكلية مختَلطاً عندما يصيب حديثي الولادة أو الأطفالَ الذين يعانون من تشوهاتٍ تشريحية في الجهاز البولي أو لديهم وظيفةٌ كلوية مضطربة أو المرضى مثبطي المناعة.

تشملُ خطةُ العلاج إعطاءَ السوائل بالطريق الوريدي والصاداتِ بطريق الحقن (سيفالوسبورينات الجيل الثالث) وهو خيارٌ ممتازٌ لتغطيةِ الإنتان بالجراثيمِ سلبية الغرام المقاومة للأمبيسلين ويضاف الأمبيسلين إلى الخطة العلاجية حالَ وجودِ المكورات إيجابية الغرام في عينةِ البول المُثفّلة أو عند غيابِ العوامل الممرضة من الفحص.

المصادر:

هنا

هنا