الهندسة والآليات > التكنولوجيا

تقنيةٌ جديدةٌ تُمكِنُنا من قراءةِ الكتبِ دونَ الحاجةِ إلى فتحِها

كثيراً ما نسمع من الآخرين مقولة: "لا تحكمْ على الكتابِ من غلافِه" دعوةً منهم لمعرفةِ حقيقةِ محتواهُ قبلَ رفضِهِ من مجردِ النظرِ إلى عنوانِهِ أو غلافهِ الخارجي، لكنّ التكنولوجيا الحديثة ستُمكنُنا من الحكمِ على الكتبِ من غلافهِا و دونَ الحاجةِ لفتحها.

أصبحَ بإمكانِ العلماءِ قراءة الكتبِ وهي مغلقةٌ، وذلكَ من خلالِ استعمالِ تقنيةٍ مشابهةٍ لتقنيةِ أشعةِ(X)،رتُمكِنُّهم من التعرفِ على الحروفِ المكتوبةِ على عدةِ أوراقٍ متتاليةٍ فوقَ بعضها.

يعدُّ هذا الاختراعُ أمراً مُلهِمَاً لتطويرِ العديدِ من الأجهزةِ التي يُمكنُ ابتكارُها مستقبلاً، على سبيلِ المثال، يمكننا ذلك من اختراعِ آلةِ تصويرٍ مكتبيةٍ تستطيعُ نسخَ أكثرَ من ورقةٍ في وقتٍ واحدٍ، أو مساعدةَ علماءِ التاريخِ والآثارِ على قراءةِ الكتبِ القديمةِ التي عادةً ما تكونُ بحالةٍ سيئةٍ تجعلُ مهمةَ فتحِها دونَ إحداثِ ضررٍ لها مهمةً صعبةً للغاية. وكما هو حالُ معظمِ الاختراعاتِ، فإن لهذا الاختراع جانباً آخر، إذ يتوقعُ العلماءُ أن تساعدَ هذه التقنية في عملياتِ التجسسِ وسرقةِ مضامين الرسائلِ دونَ الحاجةِ لفتحِ المُغلفِ الخاصِ بها.

آلية العمل:

أما عن الكيفيةِ التي يتمّ بها عملُ الجهازِ في النموذجِ المُقترَحِ حالياً، فإنه يتمّ استعمالُ أشعةِ من فئة تيراهيرتز، حيثُ أن تيراهيرتز هي مجموعةُ الأشعةِ الكهرومغناطيسية بين أشعة مايكرو وبين الأشعة الحمراء، وقد وَجَدَتْ الأبحاثُ السابقةُ أنّ أشعةََ تيراهيرتز - أشعة(T) - تتفوقُ على أشعةِ (x)، الموجات الفوق صوتية (Ultrasound)، وأنواع أخرى من الأشعةِ التي بإمكانِها اختراقُ الأسطح. فعلى سبيل المثال، وجدَ الباحثون أنّ الأشعةَ (T) بإمكانها التصويرُ من خلالِ أجسامٍ أكثرَ عمقاً، و الحصول على صورٍ بدقةٍ أعلى من تلك التي تلتقِطُها الموجاتُ الفوق صوتية (Ultrasound). كما يقولُ العلماءُ أنّ النظامَ الجديدَ الذي يعملُ به الجهازُ يعتمدُ على تباين كيفيةِ امتصاصِ الموادّ الكيميائيةِ المختلفةِ للأشعة (T) بدرجاتٍ متفاوتةٍ، فمن خلالِ ذلك يتمكنُ هذا النظامُ من التمييزِ بين الأوراقِ التي تحتوي حبراً من تلك التي لا تحتوي حبراً، ويتبين من خلالِ هذه التقنيةِ أنّ أوراقَ الكتابِ تحتجزُ بداخلِها أكياساً من الهواء، قد لا يتعدى عمقها 20 مايكرون – ما يعادلُ تقريباً خُمسَ معدلِ عرضِ شعرةٍ واحدةٍ من جسمِ الإنسان- لكنّ هذا العمق يُعدُّ كافياً للجهاز ليميزَ الإشارات من صفحاتٍ مختلفةٍ من الكتاب.

استعملَ الباحثونَ كاميرا تيراهيرتز ليقوموا بتصوير طبقةً من الأوراقِ بحجمِ بطاقةٍ صغيرةٍ حيثُ يكونُ مجموعُ عمقِ الأوراقِ 300 مايكرون، وتحتوي كلّ طبقةٍ على حرفٍ واحدٍ يبلغُ عرضُه 0.3 انش ( 8 ملليمترات) مكتوبةً على جهةٍ واحدةٍ من الورقةِ باستعمالِ الحبرِ أو الرصاص، وقد طوّرَ الباحثونَ بعضَ الأدواتِ الرياضيةِ لتحويلِ الصورِ المُلتقطةِ بواسطةِ الكاميرا إلى حروفٍ منفصلةٍ، وفي هذه التجربة، قامَ الجهازُ الحالي بقراءة 9 حروفٍ بالترتيب التالي من أول ورقة حتى آخر ورقة : T ، H ، Z ، L ، A ، B ، C ، C، and G.

مجالٌ واسعٌ من الاستعمالات:

قال أحدُ المشرفينَ على المشروع، وهو المهندس الكهربائي (Barmak Heshmat) بيرماك هيشمَت: "لم يكنْ الجهازُ الذي استعملناه بالضرورةِ أفضلَ ما يمكنُ الوصولُ إليه، إذا قمنا بتطويرِ هذا النظامِ فإنّ ذلك سيمنَحُنا القراءةَ من ورقاتٍ أكثرَ عمقاً ، وتعتبرُ قراءةُ المخطوطاتِ و الكتب القديمة أحدَ أهم استعمالاتِ هذا الجهاز"، وقال هيشمَت : "أنّ متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك أبدى اهتماماً كبيراً في هذا الجهاز، لأنهم يريدونَ أن ينظروا في بعضِ الكتبِ القديمةِ جداً و التي ليس بإمكانهم حتى لمسها.

ومن أحدِ أكثرِ الاستعمالاتِ المحتملة لهذا الجهازِ في حياتنا اليومية، هو طابعات بإمكانِها تصويرُ عددٍ كبيرٍ من المستنداتِ و الأوراقِ دفعةً واحدةً، و دونَ الحاجةِ لوضعِ الأوراقِ واحدةً تلو الأخرى يدوياً، ويفيدُ هذا الاستعمال المكتبات و البنوك ومؤسسات أخرى" ويضيفُ هيشمَت قائلا: "هذا النوعُ من الطابعاتِ المستقبليةِ قد يستعملُ الأشعةَ تحت الحمراءَ عوضاً عن أشعة هيرتز"، وكما ذكرنا في بداية المقال إنّ هذا الجهاز قد يُمكّنُ الجواسيسَ من استعمالِ هذه التقنيةِ لمعرفةِ محتويات الظروفِ والمغلفات، ويعلّقُ هيشمَت على هذا الأمر قائلاً: "قد يكون من الممكن استعمالُ حبرٍ غيرِ مرئي"، مما يمنعُ اللصوص من قراءة نص الأوراق.

والجدير بالذكر هنا أن هناك تطبيقات صناعية أخرى لهذا الجهاز، قد تتمثل في التمييز بين الموادّ ضمن طبقات رفيعة منها مثل طبقات من الدهان و الأصباغ على أجزاء الآلات.

فيديو يتكلم عن هذه التقنية:

مالك الفيديو: MIT

المصدر: هنا