منوعات علمية > الطب البديل حقائق وخرافات

الشفاء بالإيمان الجزء الثاني

تحدثنا في الجزء الأول عن تعريف الشفاء بالإيمان وما أساليبه وأثاره على المريض والدافع له، سنتحدث اليوم في مقالنا عن حقيقة عمل الشفاء بالإيمان وما هي نتائجه.

لمتابعة الجزء الأول من المقال اضغط هنا

هل يعمل الشّفاء بالإيمان؟

لا توجدُ أبحاثٌ طبيةٌ منهجيةٌ تثبتُ فعاليةَ الشفاء بالإيمان، إلا أنَّ الباحثَ Dean Radin في معهد العلوم الإدراكية (IONS) والمختص بعلم النفس، أجرى دراسةً عن Distant Healing Intention"" أوDHI" " الذي يعني الشفاء "بالنية عن بعد"، ويُمكن تعريفُه بأنَّه ردةُ فعل عاطفية وعقلية موجّهة نحو شخص ما بهدف تمني شفائه. أظهرت الدراسةُ أنَّ طريقةَ الشفاء "بالنية" من أكثر ممارسات الطب البديل شهرة سواء أطَلبَ الشخصُ الشفاء لنفسه أم لشخصٍ آخر، إذ إنَّ طلبَ شفاء شخص أو الصلاةَ لشفائه فعلٌ ينمُّ عن عاطفة أو حالة نفسية نمر بها عند عدم قدرتنا على مساعدة المريض.

قامت هذه الدراسة على فرضية وجود شخصين: A وB، وتضمنت إجراءَ مئات التّجارِب في مختبراتٍ مختلفةٍ حول العالم لأوقاتٍ زمنية طويلة، واعتمدت على التّفاعلات العقلية مع أنظمة حية عن بعد (DMILS) واتبعت هذه الدراسةُ ثلاثَ طرق مختلفة، وُضع فيها الشخصان بمعزلٍ تام عن بعضهما، إذ قام A بتوجيه نية لـB مدةَ ثلاثين ثانية تتبعها استراحةٌ بنفس المدة، وكُررت هذه العملية بطريقةٍ عشوائية ومتوازنة على مدى عشرين دقيقة، مع الطلب من الشخص B أن يهدأ ويتصرف بشكل طبيعي بعيداً عن A.

يُمكن متابعة الدراسات عن الـ DHI مفصلاً عن طريق الرابط التالي: هنا

وهنا سنعرض النتيجةَ النهائيةَ لهذه الدراسات المعقدة، أظهرت دراسات التفاعلات العقلية مع أنظمة حية عن بعد (DMILS) أنَّ تأثيراتِ الشفاء بالنية عن بعد (DHI) ذات مستوى ضعيف جداً، ومن حيث المبدأ قد تكون التطبيقات المخبرية لها ضعيفةَ الفعالية، لذلك لا يُمكننا الاعتماد عليها، كما تُشكل فعالية عمل هذه الطريقة عن بعد تحدياً لسببين:

أولاً: نقصُ الطرق المنطقية والفيزيائية التي قد تسمح بتفاعل المريض مع علاجه عن بعد لخرقها عدّةَ قوانين فيزيائية.

ثانياً: الاعتقاد السائد في طب الأعصاب أنَّ الدماغَ والوعيَ مترابطان، أي أنَّه من غير المنطقي الاعتقاد أنَّه من الممكن للعملية العقلية التي تُسمَّى "النية في الشفاء" أن تتفاعلَ مع أي شيء خارجَ حدود الجسم المتعلق بهذا الدماغ.

نقداً للمشكلة الأولى، ظهرت حديثاً أدلةٌ مقبولةٌ تدعم نظرية ميكانيك الكم اللّامحلي التي تنص على إمكانية حصول ما يُسمَّى "التأثير الشبحي عن بعد" وفق وصف آينشتاين، ولا سيما الدليل الخاضع للدراسة حالياً الذي يثبت تأثيراتِ التشابك الكمومي في الأنظمة الحية.

لمعرفة المزيد عن نظرية ميكانيك الكم، يمكنكم زيارة:

هنا

هنا

هنا

هنا

ونقداً للمشكلة الثانية قال Ralph Adolphs إنَّه يُمكن للنّشاط العقلي الهادف أن ينهضَ خارج الجسم بطريقةٍ ما بالرَّغم من عدم تفسير كيفية حدوث هذا الشيء حتى الآن، ومن الواضح أنَّ هذا الجوابَ لا يُشكل نقداً ملائماً للمشكلة الثانية. وفقط عند توافر أدلة تثبت أنَّ الوعيَ قد لا يكون مرتبطاً بالدماغ بشكلٍ كامل، وأنَّ بإمكانه الخروجَ عنه، يُمكننا حل المشكلة الثّانية.

إضافةً إلى ما سبق تحمل هذه الدراسات أيضاً المزيدَ من المشكلات التي لا يُمكننا توجيه نقد علمي لها، فحقيقةً لا يُمكننا معرفة إن كان هؤلاء الأشخاص يقومون بالدعاء حقاً؟، وما الذي يدعونه؟، وكيف يدعي كل شخص؟، وما الاختلافات الحاصلة بين دعائهم اليومي والدعاء ضمن التجرِبة؟، وإذا افترضنا أنَّ النشاط العقلي قادرٌ على النهوض من الجسم، فما مدى إمكانية تقاطعه مع نشاطاتٍ أخرى في الفضاء قد تؤثر سلباً أو إيجاباً على هذه التجرِبة؟ بالرَّغم من توصُّل بعض هذه الدراسات إلى نتائجَ إيجابية، فإنَّها تبقى عرضةً للشك لتعرضها لخلل في المنهجية المُتبعة، من أحد العوامل المذكورة سابقاً أو كلها معاً!

ومع الأسف، كشفت بعض الأبحاث الطبية عن امتلاك الشفاء بالإيمان سجلاً كبيراً من الحالات التي فشلت معالجتُها، فقد أجرت مجلة طب الأطفال دراسةً في العام 1998 شملت 172 طفلاً ماتوا بعد رفض أهلهم العنايةَ الطبية، كان احتمالُ نجاة 140 حالة من هذه الوفيّات في حال حصولها على الرّعاية الطبيّة يتجاوز 90%، إذ كانت وفاة الأطفال بسبب أمراضٍ يُمكن علاجُها مثل الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا ومرض السّكري من النمط الأول، وفي حالة مؤثرة وشديدة الغرابة، تُوفيت طفلة عمرها سنتان بعد أن اختنقت بموزة بينما كان والداها يُصلّيان لشفائها، وفي حالةٍ أخرى قدّر الأطباء وفاة طفلٍ مريضٍ بعد عامٍ واحد، ما دفع أهلَه إلى التوجه نحو الخيار الوحيد المتبقي أمامهم وذلك بأخذه إلى بلدة فرنسية تشتهر بمياهها القادرة على شفاء المرضى مقتنعين بشفائه بواسطة هذه المياه الإعجازيّة، ولكنّه توفي بعد عامٍ لاحقاً متأثراً بإصابته بسرطان الدم كما تَوقع أطبائه!

الشّفاء بالإيمان والقانون:

يخضع الشفاء بالإيمان للعديد من القوانين التي تحمي بمعظمها الأهلَ من الملاحقة القضائيّة حتى ولو مات أطفالُهم بسبب مرضٍ يُمكن علاجه بسهولة، وتبعاً لتقرير مجلة الجمعية الطبية الكندية عام 2011، فإنَّ هناك تسعَ عشْرة ولاية أمريكية لا تزال تمنح الأهلَ إعفاءاتٍ عن الجرائم المرتكبة بحق الأطفال بما فيها إهمالُ الطفل والقتل العمد والقتل غير المُتعمَّد كالطفل Kent Schaible الذي تُوفيّ عام 2009 بسبب إصابته بالالتهاب الرئوي البكتيري بعد أن قرّر والداه عدم أخذه إلى الطبيب والاعتماد بدلاً من ذلك على الشفاء بالإيمان، ليواجها القضاءَ بعد ذلك في العام 2011 ويعدا القاضي بعدم تجاهل الرعاية الطبيّة اللازمة لبقيّة أطفالهم، إلا أنَّ ابنَهما الآخر Brandon ذا السبعة أشهر توفي عام 2013 بعد معاناته من الإسهال الحاد بينما كان الأبوان يقومان بالدعاء بجوار ابنهما إلى أن فارق الحياة، ليتلقَّى كلٌّ منهما نتيجةً لذلك عقوبةً بالسجن تصلُ إلى عشر سنوات.

وفي الختام، وبالنظر إلى الدراسات التي وجدت تأثيراً إيجابياً للدعاء على الشفاء، لا يُمكننا القولُ أنَّه يُغني بأي حال من الأحوال عن العناية الطبية العلمية، كما لا ندعو للامتناع عنه لكونه عاملاً مهماً يؤثر على نفسية المريض ويساعده على التجاوب مع العلاج، ونؤكد على ضرورة الاعتماد على العلاجات الطبية العلمية كي لا نخسر من نحب، والأمثلة التي ذكرت في المقال يجب أن تكون عبرة كي لا نُعرّضَ حياتَنا وحياتَهم للخطر بسبب بعض العادات والمعتقدات، فتطوُّر العلم جعل الشّفاءَ من الكثير من الأمراض الخطرة سابقاً أمراً مُمكناً في الوقت الحالي...

المصادر:

هنا...

هنا

هنا

مصدر السيرة الذاتية:

هنا