البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

عدوى الإنفلونزا بالجرم المشهود! | التصوير الحي لعدوى الإنفلونزا واستجابة الخلايا المناعية لها

تصيب فيروسات الإنفلونزا الخلايا المُبطنةَ للرغامى والطرقِ الهوائية للرئة ما يحرُّض استجابةً مناعيةً من قبل الجسم تعدُّ فيها الخلايا التائيةُ القاتلةُ للخلايا النوعية للفيروسات خطَّ الدفاع الأول للمناعة المكتسبة المسؤولة عن القضاء على الخلايا المصابة بالعدوى.

تحتاج الخلايا اللمفاوية وسطياً إلى خمسةَ أيام بعد العدوى الأساسية كي تكونَ فاعلةً في وجه العامل المحرض، لكنَّها ما إن تصلْ إلى المكان المنشود حتى تقومَ بإبطاء الخلايا المصابة بالفيروس وقتلها بمنهجية واحترافية بدءاً من اليوم السابع غالباً. لإنجاز هذه المَهمَّة -في حالة الإنتان الأولي- تحتاجُ الخلايا التائية من النمط CD8+ إلى دخول الطرق الهوائية المصابة بالعدوى والقضاء على الخلايا الظِّهارية المُصابة بالفيروس، إلا أنَّ العواملَ التي تُنظّمُ حركية الخلايا التائية ضمن نسج الطرق الهوائية المصابة بالعدوى ما زالت غيرَ معروفةٍ تماماً.

بهدف إجراء دراسةٍ أكثرَ دقةً لحركية الخلايا التائية ضمن الطرق الهوائية، قام باحثون بتطوير نظام نموذج اختباري للتصوير الحي دُرِسَت من خلاله حركيةُ الخلايا التائية المُستجيبة للعدوى في رغامى الفأر، وقد استخدم الباحثون تكنولوجيا تصوير الفوتون المُتعدد الحي، من خلال مرافقة الدراسة المجهرية المعتمدة على الفوتون مع كلٍّ من تقنيات التألق والليزر من أجل مشاهدة الخلايا في الزمن الحقيقي وقياس حركيتها من حيث الكم والكيف.

أظهر هذا التصويرُ اختلافَ تصرُّف الخلايا التائية من النمط CD8+ المُستجيبة للعدوى بشكل كبير مع مرور الأيام التالية للتعرُّض للعدوى، وقد حصلت التغيُّرات الأكبر بعد القضاء على الفيروس المُعدي في النسيج، إذ حفز ذلك تغيُّراتٍ جوهريةً (دراماتيكية) في حركية الخلايا بين اليومين الثامن والتاسع، فازدادت سرعتُها بشكلٍ حاد ولكن مؤقت خاصة خلال اليوم التاسع. تظهر الصورتان المتحركتان التاليتان حركية الخلايا في اليومين السابع والتاسع على التوالي:

هنا

هنا

وبهدف تمييز إذا ما كانت العدوى الفيروسيةُ أو المستضدُّ هي المسببَ لحصول هذه التغييرات تم حجب معقد الببتيد-معقد التوافق النسيجي الكبير باستخدام الأضداد، فكانت النتيجةُ زيادةَ الحركية -إحدى التغيُّرات المُشاهَدة بين اليومين الثامن والتاسع- ما يقترحُ أمرين: الأوَّلُ أنَّ المُستضدَّ ما يزالُ موجوداً بعد القضاء على الفيروس من خلال استمرار عمل الخلايا التائية، والثاني أنَّ حركيةَ الخلايا التائيةِ في النسيج المُصاب تنظَّم بصورةٍ ديناميكيةٍ بتأثير العدوى ووجود الخلايا الحاملة للمستضد على وجه الخصوص.

ما أهمية هذا البحث؟

إنَّ كميةَ الفيروس لا تحددُ شدةَ الاستجابة المناعية في الجسم، فالفيروس يحرّض ردَّ فعل الجهاز المناعي ولا يحدده؛ لذا فإنَّ تقنياتِ التصوير بالزمن الحقيقي قد تقودنا إلى تطوير علاجاتٍ فيروسية أكثرَ فاعليةً، من خلال تحريض استجابةٍ مناعيةٍ أسرعَ وأقوى.

تؤسس هذه الدراسةُ لاستخدام الرُّغامى (ونموذج خمج الإنفلونزا المسبب لالتهاب الرُّغامى) كموقع مناسب للتصوير الحي للاستجابة المناعية الحاصلة عند التعرض لعدوى فيروسية، ومع أنَّ هذا الحلمَ ما زال بعيدَ المنال، إلَّا أنَّنا اقتربنا خطوةً أخرى من حلّ مشكلة علاجِ الإنتانات الفيروسية، ومنها تلك المسببة للانفلونزا أو المُحرضة للسعال وغيره، ما قد يُسهّل حياتَنا ويَخفضُ مدةَ الإصابة بشكل ملموس.

المصدر: هنا