الهندسة والآليات > التكنولوجيا

جهازٌ صغيرٌ قادرٌ على تحويلِ المياهِ المُلوثَةِ إلى مياه صالحةٍ للشربِ خلال 20 دقيقة

يُعدّ تأمينُ مياهِ الشربِ النقيةِ الصالحةِ للاستخدامِ البشريّ من أهمِ أولوياتنا كبشرٍ منذُ قديمِ الزمانِ وحتى الآن، ويبذلُ العلماءُ جهوداً حثيثةً للحصولِ على مياهٍ للشربِ بأسهلِ الطرقُ، بحيثُ تكونُ ممكنةً للوصولِ إلى جميعِ الناس، إنَ معظمَ هذه الوسائل ذات تقنياتٍ معقّدةٍ ومُكلِفةٍ مادياً، وهذا ما يجعلُ إمكانيةَ وصولِها إلى دولِ العالمِ الثالثِ أمراً صعبَ المنال، لكنّ العلماءَ اليوم طوّروا تقنيةً بسيطةً يمكنُ لها أن تكون متاحةً للجميعِ خلالَ المستقبلِ القريبِ، وقادرة على تأمينِ مياهِ شربٍ نظيفةٍ خلالَ فترةٍ قصيرة. تعالوا نتابع معاً في هذا المقال عن هذه التقنية وآلية عملها.

طوّر العلماءُ جهازاً صغيراً جداً بحجمِ طابعِ البريدِ بإمكانه أن يقتل 99.99% من البكتيريا الموجودة في الماء، وذلك خلال 20 دقيقة فقط.

تعتمدُ فكرةُ الجهازِ على أنّ تعريضَ المياهِ الملوثة لأشعةِ الشمسِ يمكِنُها بطبيعة الحال أن تؤدي إلى تنظيفِ المياه، والسببُ في ذلك يعودُ إلى أن الأشعةَ فوق البنفسجية تقومُ بمهاجمةِ الجراثيم، والذي سبق وتناولناه في مقال سابق للباحثون السوريون هنا ولكنّ عمليةَ التعقيمِ هذه تحتاجُ إلى 48 ساعة كي تتمّ على أكملِ وجه، ولكن يمكنُ استبدالُ العمليةِ السابقةِ بالجهازِ الجديدِ الذي يقوم بحصدِ طيفٍ واسعٍ من أشعة الشمس لتسريعِ حدوثِ العملية.

قام Chong Liu كبيرُ الباحثين في جامعة ستانفورد Stanford University بشرحِ مبدأ عملِ الجهازِ قائلاً: "الجهازُ يبدو وكأنه عبارة عن مستطيلٍ صغيرٍ من الزجاجِ الأسود، كلُّ ما علينا القيامُ به هو فقط إسقاطُه في الماء، ووضع كلّ شيء تحتَ الشمسِ لتقومَ بدورها بعمل المطلوب."

يحملُ الطيفُ المرئي للأشعةِ الشمسيةِ معظمَ طاقةِ الشمسِ أكثر بكثيرٍ مما تحويه الأشعةُ فوق البنفسجية، حيث يحوي الطيفُ المرئي حوالي 50 بالمئة من طاقةِ الشمسِ مقارنةً بالأشعةِ فوق البنفسجة التي تحوي فقط 4 بالمئة.

يعملُ ضوءُ الشمسِ المرئيّ على جذبِ الالكترونات في غلافِ الجهازِ المصنوعِ من ثاني كبريتيد المولبيدينوم، الذي يقومُ بدوره بتنشيطِ التفاعلات في المياه. ومن خلال هذه التفاعلات يتمّ الحصولُ على بيروكسيد الهيدروجين وغيرها من المطهرات الأخرى التي تعملُ على تنظيفِ الجراثيمِ من المياه.

عند رؤيةِ الجهازِ تحتَ المجهر، تبدو لنا المادة المصنوعُ منها مؤلفة من عدةِ طبقاتٍ مُصغرةٍ من ثاني كبريتيد المولبيدينوم المُكدّسةِ فوقَ بعضها البعض بشكلٍ يشبهُ المتاهة فوق مستطيل من الزجاج. باختصار يمكن القول إنّها تشبه بصمات الأصابع.

يقولُ Liu واصفاً الجهاز: "إنّه من المثيرِ للغايةِ أنه بإمكاننا تحقيقُ أداءٍ مثاليّ للجهازِ من خلال تصميمِ المواد"، ويتابعُ القول :"إنها تعملُ بفعاليةٍ كبيرةٍ. هدفنا من هذا الجهاز الوصولُ إلى حلّ مميزٍ لمشاكلِ التلوثِ البيئي، حتى يتمكنَ الناسُ من العيشِ بشكلٍ أفضل." يعتبرُ توّفرُ كبريتيد المولبيدينيوم ورخصُ كُلفَةِ إنتاجه، أحد أهمّ العواملِ التي يمكنُ أن تجعلَ من هذه التكنولوجيا متاحةً في الأسواق، وبالإضافةِ إلى ذلك فإنه يتمّ توفيرُ الكثيرِ من المالِ بالمقارنة مع الطرقِ الأخرى المستخدمة لتنقيةِ المياه، فالجهازُ الجديدُ لا يتطلبُ تسخينَ المياه كمرحلة أولى.

تُضافُ التقنيةُ الجديدةُ لجملةِ الأبحاثِ والجهودِ المبذولة للحصولِ على تنقيةِ المياهِ بتكلفةٍ معقولةٌ للناسِ الذين هم بأمسّ الحاجةِ إليها. ففي وقتٍ سابقٍ من هذا العام تمّ الحصولُ على خصائص تنقية عالية من رقائق الغرافين، كما تمّ الحصولُ على مادة بيولوجية قادرة على سحبِ التكاثفِ من الهواء.

على فريق جامعة ستانفورد بذلُ الكثيرِ من الجهد قبلَ أن يتمّ طرحُ الجهازِ في السوقِ المحلية، حيث تمّ إلى الآن إجراء ثلاثة اختبارات فقط للمرشحات على البكتريا، كما أن الطلاء لم يكن فعالاً بشكلٍ كافٍ على الملوثات الكيميائية.

يعتبرُ تأمينُ مياهِ الشربِ النظيفة والنقية أمراً مفروغاً منه للكثير منا، لكن هذا ليس هو الحال نفسه بالنسبة لـ 650 مليون إنسان في أرجاء المعمورة، وهذا الأمر يجب أن يتغير ويصبح من أولويات جميع البشر.

حيث يبذل العلماء جهودا حثيثة للحصول على مياه صالحة للشرب الأمر الذي يعتبر ذو أهمية كبيرة بالنسبة للبشرية جمعاء. فهل سيأتي ذاك اليوم الذي تكون فيه المياه النظيفة في متناول الجميع

المصدر: هنا