الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

التهابات المجاري البولية - الجزء الأول: عند الإناث

التهاب المجاري البولية عند الإناث UTIs

سنتحدث في سلسلةٍ من ثلاثة مقالات عن بالتهابات المجاري البولية عند النساء والرجال والأطفال، وسنبدأ اليوم بالاصابة عند النساء، وهنَّ الأكثر قابليةً للعدوى. لنتابع..

يُعدُّ التهابُ المجاري البولية عند النساء مرضاً شائعاً جداً ويتظاهر بالتهاب مثانةٍ cystitis في أغلب الحالات التي تلجأ للاستشارة الطبية، إلى جانب التهابِ الحويضةِ والكلية الذي يمثلُ التهابَ المجاري البولية العلوي.

يَحدثُ التهابُ المجاري البولية عندما تدخل العوامل الممرضة إلى السبيل البولي عبر الإحليل وتبدأُ تكاثرَها ضمن المثانة. رغم كون المجاري البولية مصممةً للدفاع ضد هذه العدوى إلا أنَّها قد تفشل أحياناً في ردع انتقالها ما يؤدي إلى انتشارِ العضوياتِ الممرضة ضمن السبيل البولي محرضة الحدثية الالتهابية.

تُسجّلُ الإناث معدَّلاتٍ عاليةً بالإصابةِ بالتهاب المجاري البولية، وتُعدُّ العُصيَّات سلبيَّة الغرام متمثلةً بالإشريكية القولونية (E. coli) المتهمَ الرئيسيَّ في هذا الغزو، وهي بكتريا توجد غالباً في السبيل الهضمي إلى جانب أنماطٍ بكتيريةٍ أخرى وفطريات كالمِبيَضَّات قد تُسبب العدوى. يُعزى ارتفاعُ معدَّلاتِ إصابةِ الإناث بالتهاب المجاري البوليَّة إلى البنيةِ التشريحية للجهاز البولي لديهن؛ إذ تكون المسافةُ بين فوهةِ الإحليلِ وفَتحةِ الشَرج وبين فوهةِ الإحليل والمثانة قصيرةً ما يسهِّل انتقالَ العدوى، وتحدثُ العدوى عن طريق الإحليلِ نتيجة انتقالِ العواملِ الممرضةِ إمَّا من فتحة الشرج أو انتقال العَدوى الجنسية من فتحة المهبل لقربه من فتحة الإحليل.

لمعرفة المزيد حول تشريح الجهاز البولي:

هنا

هنا

متى تجب استشارة الطبيب؟

- يُنصَحُ بطلبِ الاستشارةِ الطبيَّة عند وجودِ تغيُّرٍ في عادات التبوُّلِ كالإحساس بحاجةٍ مُلِحَّةٍ للتبوُّل وإحساس الحرقة وتبوُّل كميّاتٍ قليلةٍ ولمراتٍ عديدة.

- تغيّرٌ في صفاتِ البولِ كالتعكُّر وظهور اللون الأحمر أو الوردي الفاتح أو كما يُسمى "لون الكولا cola-"colored الذي يشير إلى وجود دمٍ في البول بالإضافة إلى وجود رائحةٍ قويَّة وواخزةٍ للبول.

- الإحساس بآلامٍ حوضيَّةٍ ولا سيَّما في المنطقة حول العانة.

يُمكنُ لأعراضٍ محدّدةٍ أن توجِّه إلى المكانِ المُحتملِ إصابته بالعدوى إذ إنَّ الإحساسَ بألمٍ في الخاصرةِ مترافقاً مع ترفُّعٍ حروريٍّ وغثيانٍ وإقياءٍ يشيرُ إلى التهاب حويضَةٍ وكليَةٍ حادّ Acute pyelonephritis. أما الإحساسُ بضغطٍ في الحوضِ وانزعاج أسفل البطنِ مع تبوُّل مُزعجٍ ومتكرِّر وخروج دم مع البولِ فيشيرُ إلى التهابِ المثانة، وغالباً ما يشيرُ إحساسُ الحرقَة أثناءَ خروجِ البولِ إلى التهاب الإحليل.

التشخيص السريري:

يُقسم التهاب المجاري البولية إلى قسمين: علوي وسفلي. يشمَل الالتهابُ السفلي التهابَ المثانة والتهابَ الإحليل، بينما يُعدُّ الالتهابُ علوياً عندما تكون الإصابةُ على مستوى الكلية أو حويضة الكلية pyelonephritis. إنَّ ظهورَ علاماتِ الانزعاج وعدمَ الراحة والحرقة أثناءَ التبوُّل وغيابَ علاماتِ الانسمام يشيرُ إلى الإصابة بالتهابٍ في المثانة، وقد تتداخلُ الأعراضُ المذكورةُ مع التهاب الإحليل، كما تشعر النساء المصابات بالتهاب المجاري البولية السفلي البسيط بآلام عند جسّ المنطقة فوق العانة، بينما تُرجَّح الإصابة بالتهاب الحويضة والكلية عند وجود علامات ألم الظهر أو الخاصرة والحمَّى والقشعريرة والغثيان والإقياء.

التشخيص المخبري:

يكونُ جمعُ عيِّنة البولِ الجيّدة للفحص في منتصفِ التبوّل أو بالرَّشف من المثانة مباشرة عبر جدار البطن أو عن طريق القثطرة بظروف عقيمةٍ (معقمة) وذلك لتجنُّب تلوّث العينة أثناء جمعها، وقَد يلجأُ الطبيبُ إلى إجراء قثطرةٍ تشخيصيةٍ لجمع عينة من البول غير الملوث وذلك عند المرضى العاجزين عن استيفاء وتحقيق شروط جمع العينة النقية.

تحليل البول: يُعدُّ تحليلُ البول الطّريقةَ الأكثرَ دقةً لتحرّي وجودِ البيلة القيحية Pyuria وذلك بعَدِّ الكريَّات البيض في عيّنة البول الطازج أو لتحرِي وجود الفطور كالمِبيَضّات -وجود أكثر من 10 كريّات بيض/ملي ليتر يُعدُّ غيرَ طبيعياً- وهو فحصٌ ذو حساسية مرتفعةٍ، ولكنَّه ضعيفُ النوعية تجاه التهاب المجاري البولية (تعني الحساسية المرتفعة أنَّ هذا التحليل قادر على كشف الالتهاب وتشخيصه بينما تعني النوعية المنخفضة بأنّه ليس خاصاً بنوعٍ معيّنٍ من الالتهابات)، كما يُستَخدم اختبارُ شرائط الغمس Dipstick testing لتحري البيلَةِ القيحيَّة أيضاً.

إجراءُ زرعٍ للبولِ: ضمن الأوساط الزرعية البكتيرية والفطريَّة المعروفةِ لتحرِّي وجودِ العُضويّات الممرضَة وتحديد نوعها، ومن ثم إجراء اختباراتِ التّحسس للصَّاداتِ على ناتج الزرع وتحديد خطّة العلاج بدقة.

ليسَ لتعداد الدم الكامل دورٌ في التمييزِ بين التهاب المجاري البوليَّة العلوي والسفلي أو في اختيار خطة العلاج إلا أنّه لوحظ أنَّ قلةَ عدد الكريات البيض لدى المصابين كبيري السّن أو المُثبَّطين مناعيَّاً قد تكون مؤشراً سيئاً للإصابة. يرتفع تعدادُ الكريَّات البيضِ عند المرضى المصابين بالتهاب المجاري البولية الشديد وقد يتطوّر لديهم فقر دمٍ، في حين يكون تعداد الكريَّات البيضِ طبيعيَّاً عند المرضى المصابين بالتهاباتٍ خفيفة.

مضاعفات التهاب المجاري البوليّة:

لا يُتوقع حدوث مضاعفاتٍ عند المعالجة الصحيحة لالتهاب المجاري البولية السفلية، بينما قد يؤدي عدم معالجتها إلى مضاعفاتٍ هامّة، منها:

• حدوثُ التهاباتٍ متكرِّرةٍ ولا سيَّما عند النساءِ اللَّواتي عانَينَ من 3 إصاباتٍ أو أكثر.

• تضرُّر الكلية دائماً نتيجةَ عدوى حادّة أو مزمنة للكلية (التهاب الحويضة والكلية pyelonephritis).

• زيادةُ خطر ولادة طفل ناقص وزنِ الولادةِ أو حدوثُ ولادةٍ مبكرة وذلك عند إصابة السيّدة بالتهاب المجاري البولية أثناء الحمل.

• إنتان دم Sepsis، وهو اختلاطٌ مهددٌ للحياة ولا سيَّما عندَ وصولِ العدوى إلى مستوى الكلية.

• المرضى المصابون بالداء السكري لديهم خطرٌ مضاعفٌ لاختلاطات التهاب المجاري البولية، إذ قد يتطوّرُ الالتهاب إلى حدوث خرَّاجاتٍ كلويَّة وما حول كلويَّة perirenal abscess والتهابُ حويضةٍ وكلية نفاخي emphysematous pyelonephritis، والتهاب مثانة نفاخي، وعدوى الفطور، والتهاب الحويضة والكلية الورمي الحبيبي الأصفر Xanthogranulomatous pyelonephritis، والتنخّر الحُليمي.

التدبير والعلاج:

إنَّ خطَّ العلاجِ الأول لالتهابِ المجاري البوليّة هو العلاجُ بالصَّادات ويعتمدُ النوعُ المختار من الصّادات ومدّة العلاجِ على الحالة الصحيَّة للمريض ونوع العوامل الممرضة، ولدينا هنا حالتين:

• الخيار الأول للعلاج في حالاتِ التهابِ المجاري البوليَّة البكتيري غير المختَلِطِ هو التريميتوبريم سلفاميتوكسازول (trimethoprim-sulfamethoxazole) والفوسفومايسين (Fosfomycin)، في حين تستخدمُ الصادات من زمرةِ البيتالاكتام عندَ عجزِ الصّادات السّابقة عن تحقيقِ الغايةِ من العلاج، ويحتفظ بخيار العلاجِ بالكينولونات المفلورة لالتهاب المجاري البولية المختلط.

• في حالة التهاب المجاري البوليَّة الفطري، ولا سيما لدى مستخدمي القثاطر، فيُلجَأُ لنزع القثطرة ويطبَّق العلاجان الموضعي بغسيل المثانة بالأمفوتريسين - ب amphotericin-B بوساطة القثطرة مدة 7 أيام، والعلاج الجهازي متمثِّلاً بالفلوكونازول (Fluconazole).

الوقاية:

• اتباع العاداتِ الصحيَّة، والاهتمام بالنظافة الذاتيّة، والالتزام باتِّجاه واحدٍ في التنظيف بعد دخولِ الحمام من الأمامِ إلى الخلف وذلك لتجنّب انتقالِ البكتريا من فتحة الشرج نحو فوّهة الإحليل ومن ثمّ حدوثِ العدوى.

• الاستحمامُ دورياً، وتجنُّب المياه الملوَّثة أو الجلوس مدةً طويلة في حوض الاستحمام ضمن الماء نفسه إذ إنَّ الماءَ يتلوَّث ببكتريا الفلورا الجلديَّة التي قد تخلقُ مشكلةً إذا وصلت إلى فوّهة الإحليل.

• تناولُ كميّات كافية من الماء، وتجنّبُ شرب بعض السوائل حتى زوال الإنتان كالقهوة والكحول والمشروبات الغازية التهي تهيّج المثانة وتزيد الحاجة للتبوّل.

• من المفيد استعمال وسادات دافئة توضع على البطن لتخفيف تهيّج المثانة وعدم الارتياح، وتُستطب الصادّات الوقائية في حالاتٍ معينة كتكرر الإنتانات أو بوجود أذية في النخاع الشوكي أو وجود قثطرة بولية، وبعد عمليات زراعة الكلية.

مصادر:

هنا

هنا