منوعات علمية > الطب البديل حقائق وخرافات

الشَفاء بالإيمان ما بين العلم والخداع (الجزء الأول)

سنشرح في هذا المقال الفكرة الأساسية للشفاء بالإيمان، وكيف يوظّفه المحتالون لخداع المرضى واستغلالهم وهم في أضعف حالاتهم مُدَّعين قدرتَهم على مساعدتهم في شفاء أمراضهم، كما سنتحدث عن نتائج بعض الدراسات والإحصائيّات المتعلقة بهذا الموضوع في الجزء الثاني من المقال.

في البداية، ما الشّفاء بالإيمان؟

الشّفاء بالإيمان اعتقادٌ بأنّ الأمراضَ والإصاباتِ يُمكن أن تُشفى بتدخّل قوةٍ عليا مباشرة أو من خلال وسيط، وهو اعتقاد قديمٌ قدمَ الحضارة الإنسانية، وقد استغلَّه بعضُ المخادعين للتلاعب بالمرضى وإقناعهم بقدرتهم على شّفاء الأمراض عن طريق بعض الممارسات كالدعاء، أو القيام بحركاتٍ معينةٍ بأيديهم وحتى باستخدام الطاقاتِ غير المحسوسة وممارسة طقوسٍ تقليديةٍ معينةٍ وغيرها الكثير ليطلبوا من المرضى بعد ذلك التّحقق من نجاح العلاج من خلال العديد من المؤشّرات كالسّير دون عكازٍ لمسافةٍ قصيرةٍ، التّنفس بحريةٍ والشّعور بزوال الألم.

أما المريض فيجب أن يمتلكَ سلوكاً إيجابياً لتعزيز قُدرات الشّفاء في الجسم، فمن أهم أسباب نجاح العلاج إيمانُ المريض بالمعالج وبطريقة العلاج ورغبته الشديدة بنجاحها وتعاونه مع المعالج، ما يؤدي إلى تخفيف توتّره (الأمر الذي يؤدي دوراً مؤثراً في العلاج) وبالتالي شعوره بتأثيراتٍ وهميةٍ بالشّفاء، وفي بعض الأحيان قد يُعطي المريض شهادةً مبالغاً بها أو حتى كاذبةً عن حالته الصحية رغبةً منه بالشّفاء والحصول على رضى المعالج، ونظراً لشفاء الناس من معظم الأمراض، فاللجوء إلى هذه الطريقة يُعزز ثقةَ المريض بالمعالج وقدرته على الشفاء. كما أنَّ مضاعفاتِ بعضِ الأمراض الخطيرة كالسّرطان والتّصلب المتعدد قد تهدأ أشهراً أو سنواتٍ لأسبابٍ ما زالت مجهولة، ما يؤدي إلى إيمان المرضى بفعالية العلاج ليطلقوا سيلاً من تصاريح الشّكر والعرفان بالجميل للمعالج الذي تزداد قناعته بنجاح طريقته في العلاج.

يُمكن أن يحدثَ الشّفاء بالإيمان عن بعد دون الحاجة لأي لقاء بين المعالج والمريض، ولا يحتاج المعالج "الإيماني" أيَّ دلائلَ موضوعيةٍ عن المرض أو نسبة فعالية العلاج (الفحوص الطبية)، وهذا ما يُفسر اقتناعَ المرضى بالشفاء من بعض الأمراض نتيجةَ أخطاء في تشخيص حالات مرضية لا تحتاج أصلاً أيَّ علاج، وبالطبع توجد نسبةٌ من الحالات المرضية التي لا تُشفى من تِلقاء نفسها، وعدم الحصول على العلاج الطبي المناسب لها قد يؤدي إلى الموت، وعند الفشل الواضح بالعلاج لا يُلقى اللوم على أهلية المعالج أو فعالية طريقة الشّفاء، وإنّما على المرضى لعدم امتلاكهم الإيمان الكافي أو ببساطة لعدم تعاونهم بشكل كامل، وهو ما يؤكّده المرضى أيضاً.

يُمكن أن تتضمنَ بعضُ العلاجاتِ المزعومة بالشّفاء الإيماني نوعاً من الاحتيال كما فعل Peter Popoff، الذي كان يتظاهر أمام مرضاه بتلقيه رسائلَ من قوة عليا، والحقيقة أنَّه كان يحصل عليها من زوجته عن طريق سماعة أذن تخبره فيها بمعلوماتٍ عن المرضى من بطاقات ملؤوها مسبقاً عندما كانوا يحضرون ملتقىً للشّفاء بالإيمان.

صورة لبيتر بوبوف (Peter Popoff)

ما الذي يدفع الناس للجوء إلى الشفاء بالإيمان؟

يُفضل البعضُ العلاجَ بالإيمان لأنَّها لا تتطلَّب التوجهَ إلى المراكز الطبية وإجراء العلميات الجراحية أو تناول الأدوية القوية وما يشمله ذلك من عواقبَ مؤذيةٍ قد تضر بصحة المريض كالإهمال، والعدوى غير المتوقعة والتأثيرات الجانبية للأدوية، وفي حالات أخرى فإنَّ وصولَ بعض المرضى إلى طريقٍ مسدودٍ في رحلة الشفاء، قد يُشجعهم على المخاطرة بكل شيء واختيار العلاج البديل ليكونَ الطريقُ "الروحاني" خيارَهم الأمثل للشفاء، كما يبحث مرضى آخرون عن بدائلَ علاجيةٍ يعتقدون أنَّها أفضلُ كالوخز بالإبر أو الذهاب إلى المعالجين بالإيمان الذين يتعاملون مع الطّاقات.

يقول الطبيب Emil Freireich: "طالما أنَّ العلاجَ غيرُ مؤذٍ للشخص المريض أو السليم، ستثبتُ دوماً فعاليته بالنسبة لمصابٍ بمرضٍ خطير، فالمريضُ يرغب بالشفاء، ويريد أن ينجحَ المعالجُ بشفائه، ليتولّدَ لديه شعورٌ وهميٌّ بالشّفاء عندما يشعر براحة مؤقتة سبُبها في الحقيقة هو تحرير جسمه هرمونَ الأندروفين".

هل يعمل الشفاء بالإيمان ؟؟ وما هي الدراسات التي قام بها العلماء ؟؟ وإن كان الجواب نعم، فما مدى فعالية هذه الطريقة ؟؟ أسئلة ستجد إجابتها في الجزء الثاني من هذا المقال.

المصادر:

هنا...

هنا

هنا

مصدر السيرة الذاتية:

هنا