الطب > أمراض نسائية وتوليد

التوائم: عندما يتضاعف عدد الأجنة

التوائم هم الأخوةُ الذين تكونوا سويةً خلالَ الفترةِ الجنينية داخلَ رحم الأم، ووُلِدوا بفارقٍ زمنيٍّ يتراوحُ من بضعِ دقائقَ حتى عدةِ ساعات.

يشمل هذا المصطلح الحمولَ الثنائية والثلاثية والرباعية أو أكثر من ذلك، وقد تكون هذه الحمولُ مسؤولةً عن نسبة مرتفعة نسبياً من وفيات وإمراضية (أي الإصابة بالأمراض) الوِلْدان.

تُصنَّفُ التوائمُ إلى توائمَ وحيدةِ البيضة monozygotic (التوائم المتماثلة)، أي أنها ناتجةٌ عن إلقاحِ بويضةٍ واحدةٍ بنطفة واحدة وفي هذه الحالة تكون التوائمُ متماثلةً (حقيقية) ولها نفسُ الجنسِ وزمرةِ الدمِ وبصمة الإصبع*، والتوائمِ ثنائيةِ البيضة dizygoyic (التوائم الأخوية) الناتجةِ عن إلقاحِ بويضتَين مختلفتَين بنطفتَين مختلفتَين، وهنا يتشابهُ التوأم بنفسِ درجةِ تشابه الأخوةِ غيرِ التوائم.

قد تكون التوائم وحيدةُ أو ثنائيةُ المشيمة** ذاتَ أغشيةٍ سلويّةٍ*** (كيس) مشتركة أو مستقلة.

تكون التوائمُ ثنائيةُ البيضةِ - في جميع الحالات تقريباً - ثنائيةَ المشيمةِ وثنائيةَ الأغشية السلوية، وفي حالاتٍ نادرة تلتحم المشيمتان مما يؤدي لتبادلِ الدمِ بين التوأمين فنلاحظ وجودَ نمطَين من كريات الدم الحمراء لدى الجنينين (فسيفساء الكريات الحمر)****، أما التوائم أحاديةُ البيضةِ فيتحدد كونُها ثنائيةَ أو أحاديةَ المشيمة والكيس بتوقيتِ حدوثِ الانقسام، فإذا حدث الانقسامُ خلالَ الأيام الثلاثِ الأولى بعد الإلقاح (مرحلة الخليتين) كانت لكلِّ جنين مشيمتُه وأغشيتُه الخاصة، وهذا ما يحدث في 20-30% من حالات التوائم أحادية البيضة. أما إذا حدث الانقسامُ بين اليومين الرابعِ والثامن من الإلقاح تنتجُ توائمُ أحاديةُ المشيمة وثنائيةُ الأغشيةِ السلويةِ، ونسبة هذا 70% من حالات التوائم أحادية البيضة.

التوائم أحادية المشيمة والأغشية السلوية معاً نادرةٌ 1-5% من حالات التوائم أحادية البيضة، وتنتج عن الانقسام بين اليوم الثامن والثاني عشر بعد الإلقاح (ولا توجد توائم أحادية الأغشية السلوية وثنائية المشيمة).

توأم أحادي المشيمة ثنائي الكيس

توأم ثنائي المشيمة ثنائي الكيس

توأم أحادي المشيمة أحادي الكيس

كذلك نذكر التوائم الملتصقة، وهي حالة نادرة جداً.

الأسباب:

أسبابُ الحمولِ المتعددةِ وحيدةِ البيضةِ ما زالت مجهولةً حتى الآن، أما الحمول المتعددةُ متعددةُ البيضة فناتجةٌ عن تحرير أكثرِ من بويضة وقتَ الإباضةِ وهذا بدوره ناتجٌ عن ارتفاعِ مستوى الهرمون الموجِّه للأقناد (وهو الهرمونُ المسؤول عن نمو الأقناد ونقصد بها الأعضاء الجنسية) في مصل***** دم الأم، وقد لوحظ ارتفاعٌ في نسبةِ الحمول المتعددة لدى الأمهات المتقدمات في العمر.

كما ساهمت أيضاً التقنياتُ المساعدة على الإنجاب والتي كثُر استخدامُها خلال الـ 20 سنةً الأخيرة في رفع نسبة الحمول المتعددة، ففي العلاجِ المُحرِّض للإباضة، يُحَفَز المبيض ليقوم بإنضاجِ عدة جُرَيْبات مما يزيدُ احتمالَ إباضة أكثرَ من بيضة ويتم تلقيحها في مرحلةٍ تاليةٍ بعددٍ موافق من النطاف، أما في حالة الإخصاب في الزجاج****** فيتعلق احتمال حدوث الحمل المتعدِّد بعمرِ الأم وبعدد البيوض الملقحة التي يتم زرعها في الرحم.

تشاهدُ الحمولَ التوأميةَ ثنائيةَ البيضة بكثرة لدى بعض العائلات مما يدلّ على ارتباطه بعواملَ وراثيةٍ تقود لإنتاج أكثرَ من بيضةٍ خلال الدورة الطمثية لدى الأم، وعلى العكس ففي الحمولِ أحاديةِ البيضة لم تلاحظ زيادةُ تواترها لدى عائلاتٍ معينة.

تبقى نسبةُ الحمول المتعددة منخفضةً بالنسبة إلى الحمول الأحادية، ولكنها تُعتبَر مسؤولةً عن نسبةٍ عالية من إمراضية ووفيات حديثي الولادة، وقد تكون هذه المضاعفات ناجمةً في الكثير من الحالات عن الولادات المبكرة المرافقة للحمول المتعددة، فالعمرُ الجنيني المعتاد للولادة في الحمول الثنائية هو 35 أسبوعاً، و32 أسبوعاً للحمول الثلاثية، و29 أسبوعاً للرباعية (وذلك مقارنةً بالعمر الحملي الطبيعي المقدَّر بحوالي 40 أسبوعاً).

بالنتيجة فإن 25% من الولدان من حمولٍ ثنائيةٍ و75% من الولدان من حمولٍ ثلاثية يحتاجون لدخول وحدة العناية المشددة لحديثي الولادة NICU، حيث أن نسبة المشاكل العصبية تزدادُ لدى هؤلاء الولدان، فيحملون خطرَ الإصابةِ بالشلل الدماغي أكثر بـ 3 مرات من الولدان من حمول أحادية، وخطر الولادات الميتة أكثر بـ 5 مرات، ووفيات الولدان أكثر بـ 7 مرات.

تظهر متلازمة نقل الدم الجنيني TTTS في 15% من حالات الحمول المتعددة أحادية المشيمة، حيث تنتج عن مُفاغَرة (اتصالٌ بين وعائين) وعائيةٍ ضمن المشيمة، فيعاني أحدُ الأجنة (المعطي) من أعراض نقص التروية، ويعاني الجنين الآخر (المتلقي) من أعراض فرط التروية، وتساهم هذه المتلازمة في رفعِ نسبة وفيات وإمراضية الولدان.

كذلك ترتفعُ نسبةُ إمراضية الأمهاتِ في حال الحمول المتعددة، حيث تُلاحَظ المضاعفات التالية (والتي لا يتسع المقام لشرح كل منها):

- الولادةُ المبكرة.

- تمزقُ الأغشية الباكر.

- سقوطُ المشيمة الباكر.

- الانسمامُ الحمليُّ (أي حدوثُ تأثير سمي على جسم الأم نتيجةَ تغيرِ مستوى الهرمونات والأملاح والشوارد أثناء الحمل).

- الصمة (الانسداد) الرئوية.

- النزف بعد الولادة.

سريرياً:

يمكن أن تكون بعضُ حالاتِ الحمولِ المتعددة خاليةً من الأعراض، أو قد تترافق بأعراضِ الحملِ الاعتيادية (مرونة الثديين، التعب، الغثيان والإقياء).

ولكن يجبُ الاشتباهُ بالحمول المتعددة في حالات فرط القياء، وزيادة حجم الرحم عن الحالات المعتادة، وكذلك لدى الخاضعين للوسائل المُحرِّضة للحمل، ويجب على الطبيب تحري القصةِ المرضيةِ والعائلية كاملةً لدى الاشتباه بالحمول المتعددة.

يبقى الإيكو (التصوير بالأمواج فوق الصوتية) الطريقةَ الأفضلَ لتشخيصِ الحمول المتعددة، حيث تسمحُ هذه الطريقة بتحديد كون الحمل وحيدَ المشيمةِ أو متعدد المشيمة وهذا أمر هام في تحديد الإجراءات التي من الممكن اللجوءُ إليها لاحقاً، والتوقيت المُفضَّل للكشفِ هو الثلثُ الأولُ من الحملِ أو في بداية الثلث الثاني.

العلامات على الإيكو:

في حالة الحملِ ثنائيِّ المشيمةِ وثنائيِّ الأغشية تُلاحَظ علامة لمدا lambda أو علامة ذروة التوأم twin peak.

أما في حالة الحمل أحادي المشيمة ومتعدد الأغشية تلاحظ علامة T.

وتزداد صعوبةُ ملاحظةِ هذه العلاماتِ على الإيكو مع تقدم عمر الحمل.

• التوأم السيامي:

التوأم الملتصق (السيامي)، وهي حالةٌ نادرةٌ تحدث كلَّ 200 ألفِ ولادةٍ حية، وهذه التوائم أحادية البيضة دائماً ، حيث تبدأ البيضة الملقحة بالانقسام ولكنها تتوقف قبل إتمامه، فتنتج توائمُ ملتحمةٌ بالصدر أو العجز (نهاية العمود الفقري) أو القحف (أي في الرأس)، وقد تلعبُ الجينات دوراً في التحام التوائم.

40-60% من التوائمِ الملتصقة تولد ميتةً و35% تحيا ليومٍ واحدٍ فقط، فتبقى نسبةُ التوائم الملتصقة الحية من 5-25%، وقد كُتِبت الحياةُ للكثير من التوائمِ الملتحمة ومنهم التوأمين شانغ وإنغ اللذين ولدا في تايلند ملتحِمَيْن في البطن، واللذين عملا في الزراعةِ وأنجبا 21 طفلاً من زوجتيهما.

ويعود أصلُ كلمة "سيامية" إلى المنطقة التي نشأ فيها هذان التوأمان، لكن لم تعد هذه الكلمة مستعملةً حيث لا توجد منطقة يتعرض فيها عرق معين للتوائم الملتصقة أكثر من غيره.

الحاشية:

*بصمة الإصبع لدى التوائم الحقيقية (المتماثلة) ليست متماثلةً بشكل كامل لكن من الصعوبة بمكان التمييز بينهما خاصةً إذا لم تكن البصمةُ عميقةً، لكن البصمة المأخوذة بشكل جيد تختلفُ بين التوأمين بشكلٍ طفيفٍ للغاية فرغم امتلاكهما للمعلومات الوراثية نفسها إلا أن أي اختلاف في كمية الأوكسجين الوارد إليهما أو في مساحة السطح التي يلامسانها من الغشاء السلوي – الذي سنشرحه فيما بعد - تؤدي إلى تغيير طفيف في البصمة؛ وبالنسبة للمعلومات الوراثية – كونهما من البيضة الملقحة ذاتها- فلهما نفس المعلومات وهذا يسببّ عوائقَ في مسألة اختبار تحديدِ الأبوة؛ لكن وعندما يتقدم الإنسان في العمر فإنه يتعرض لإشعاعات وموادَ كيميائيةٍ تسبب طفراتٍ بسيطةً عشوائية وبالتالي، وعن طريق هذه الطفرات، يمكن تحديد اختلافات طفيفة في المعلومات الوراثية لدى التوأمين.

**المشيمة: عضو يتطور على الجدار الداخلي للرحم أثناء الحمل ويتصل عن طريق الحبل السري بالجنين حيث يؤمن له غاز الأوكسجين والأغذية ويعمل كجهاز إطراح لغاز ثنائي أوكسيد الكربون والفضلات الناتجة عن الاستقلاب، وله دور في إفراز الهرمونات المسؤولة عن دعم الحمل واستمراره.

*** الغشاء السلوي أو الأمنيوسي: هو غشاء يحيط بالجنين ويحوي السائل الأمنيوسي الذي يؤمن الحماية والتغذية لهذا الجنين.

**** فسيفساء الكريات الحمر: للكريات الحمر زمر هي A، B، AB، O وقد تكون إيجابية أو سلبية الريزوس (أي قد تحوي على بروتين معين أو لا تحويه)، يملك كل إنسانٍ نوعاً واحد من الزمر، أما من يعاني من هذه الحالة فيحوي أكثر من زمرة.

*****المصل: يتألف الدم من قسم خلوي يحوي الكريات الحمراء والبيضاء ومن قسم لا خلوي مؤلف من البروتينات والأملاح والسكريات وغيرها يسمى البلازما، أما المصل فهو البلازما دون بروتينات التخثر.

******في الزجاج: نقصد بالإلقاح في الزجاج، إخصاب بويضة من الأنثى بنطفة من الذكر في المختبر مما يعطي بويضة ملقحة يتم تغذيتها ومن ثم زرعها في رحم الأنثى.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

الحاشية:

هنا

هنا

هنا

هنا